بقلم - عمرو الشوبكي
قضايا ثلاث فى باب نظام الحكم كانت محل جدل ونقاش داخل لجنة الخمسين، أولاها صلاحيات رئيس الجمهورية ومدة الرئاسة، والثانية الجدل حول بقاء مجلس الشورى، والثالثة المواد المتعلقة بالقوات المسلحة، حتى خرجت جميعها بشكل توافقى عبرت عن قراءة اللجنة لطبيعة المرحلة، وخاصة التحديات المتعلقة بالإرهاب.
وقد دار نقاش مطول بين لجنة الخمسين وعدد من قيادات المجلس العسكرى، حول الباب الخاص بالقوات المسلحة فى دستور 2014، دون أى تطرق لباقى مواد الدستور، سواء المتعلقة بالنظام السياسى أو بالحقوق والحريات أو بصلاحيات المؤسسات الأخرى من الأزهر حتى السلطة القضائية، إنما دار النقاش فقط حول المواد المتعلقة بالقوات المسلحة.
وقد شاركت فى أربعة لقاءات جرت فى مكتب وزير الدفاع (المشير السيسى فى ذلك الوقت)، شارك فيها عمرو موسى رئيس اللجنة، ود. عبدالجليل مصطفى، وكاتب هذه السطور لمناقشة مواد القوات المسلحة فى الدستور، ولم يتدخل المشير السيسى ولا أحد من فريقه فى أى مادة من مواد الدستور، ولم تقدم لنا حتى مقترحات يفهم منها أن «الرئيس القادم» مع نظام رئاسى أو برلمانى أو مختلط، فكل الحديث كان عن المحاكمات العسكرية ودور القوات المسلحة.
وتركز النقاش حول مادة واحدة من مواد الدستور تتعلق بالمحاكمات العسكرية، ونجحنا فى التوافق على نصها الحالى الذى يبدأ بالقول: «لا يجوز إحالة مدنى لمحاكمة عسكرية إلا فى حال الاعتداء المباشر على أفراد ومنشآت القوات المسلحة (وليس الإضرار بها كما جاء فى دستور الإخوان)»، وقد أيدت هذه المادة ومعظم أعضاء لجنة الخمسين وعلى رأسهم عمرو موسى، وحصلت على أغلبية واضحة فى التصويت النهائى داخل اللجنة.
والحقيقة أن مادة إحالة مدنى للمحاكمة العسكرية فى حال إذا اعتدى على عنصر أو منشأة عسكرية لا تمثل فقط عنصر ردع للعناصر الإرهابية بوجود آلية ناجزة للعقاب والمواجهة، إنما أيضا، وهذا هو الأهم، تجعل أفراد القوات المسلحة متيقنين من أن حقوق من أصيبوا أو استشهدوا ستعود إليهم عبر إجراءات قانونية ناجزة، بما يعنى ضمان انضباط عناصر الجيش، ومنع أى فرصة لكى ينجرّوا نحو الانتقام الفردى مثلما جرى فى مجتمعات أخرى، حين شعر فيها أفراد الجيش أنهم غير قادرين على الحصول على حقوقهم بالقوانين الرادعة، فأخذوا حقوقهم بأيديهم وبصورة أثرت على انضباط المؤسسة العسكرية وتماسكها.
وقد رفض هذه المادة تيار مدنى حقوقى وثورى وانتقد لجنة الخمسين وتظاهر ضدها واعتبر أنها قننت المحاكمات العسكرية، فى حين أن أغلب رأى اللجنة، ومعها أغلب الرأى العام، اعتبر أنه يجب ألا يخضع المدنى لمحاكمة عسكرية إلا فى ظل ظروف استثنائية، وأن هذا النص يمكن مراجعته إذا تغيرت هذه الظروف واستقرت أحوال البلاد وتراجع خطر الإرهاب.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع