توقيت القاهرة المحلي 14:27:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الفيوم والقانون المُغيَّب

  مصر اليوم -

الفيوم والقانون المُغيَّب

بقلم : عمرو الشوبكي

ما جرى فى جامعة الفيوم كاشف لأزمة أكبر، اسمها غياب القانون والعدالة، فالقضية لا علاقة لها بكلام صغير «ولَتّ وعجن»، أعقب الحادثة، بالقول إن مشاعر الأب- أو بالأحرى سلطته- هى التى دفعته إلى صفع موظفة أمن على وجهها، أو جلسات الصلح العرفى التى أقامها رئيس جامعة الفيوم، وضغط فيها على الموظفة لقبول الصلح مع نائب، يُفترض أنه نائب الشعب، وليس أى جهة أخرى.

المشهد البائس الذى تناقلته المواقع الإخبارية للحظة صفع نائب لموظفة أمن، أثناء قيامها بعملها فى جامعة الفيوم، دون أى حوار أو نقاش، مشهد صادم ومُهين، ويعكس نفسية نوعية من الناس ترعرعوا فى السنوات الأربع الأخيرة، وبرعاية «سامية» وحصانة عليا، حتى أصبحوا فوق الدولة والقانون، ويمكنهم القيام بأى جرم دون أدنى حساب.

قناعة طلاب جامعة الفيوم مثل كثيرين بأن القانون مُغيَّب بفعل فاعل هى ما جعل رد فعلهم أيضا خارج إطار القانون، فحطموا سيارة النائب، وهشّموا زجاجها، ولم ينتظروا حكومة ولا دولة، لأنهم توقعوا أن الموضوع سيُطبخ لصالح مَن فى يده السلطة، والحل فى أن يأخذ الناس حقهم بأيديهم، وهذا أسوأ ما يمكن أن يتعرض له مجتمع مثل مصر.

يقينا، رد فعل وزير التعليم العالى كان هو المشهد الإيجابى الوحيد فى هذه الصورة القاتمة، فقد رفض اعتذار النائب وطبخ الجامعة للواقعة، وطالب بإجراء تحقيق فورى مستقل، ومحاسبة النائب، بصرف النظر عما يمكن أن يصل إليه مسار هذا التحقيق.

واقعة الفيوم مؤسفة، وستمر مثل غيرها دون أن يتوقف أمام دلالتها أهل الحكم، فنحن أمام سطوة للسلطة من مؤسسة يُفترض أنها شعبية، وليست سيادية أو أمنية، أى أنها تستمد صلاحيتها وحصانتها من الشعب، من أجل مراقبة السلطة التنفيذية ومحاسبتها، لا اعتداء أحد أعضائها على الغلابة والبسطاء.

وحتى لو قال البعض إن هذه حادثة فردية، فإن المشكلة ليست فى كونها فردية أو متكررة، إنما فى طريقة معالجتها، فالطرف الأقوى هو الذى طوع الحادثة لصالحه، وغيَّب القانون والعدالة، ولنا أن نتصور لو حدث الموقف العكسى، وتعرض النائب لاعتداء من قِبَل موظفة بسيطة لكانت اليوم وراء القضبان، ولما سعى أحد لطبخ أى صلح معها.

دولة القانون تعنى عينا معصومة من أى هوى، وترسيخها فى نفوس الناس ليس بالأمر السهل، فهناك حالة من عدم الثقة بين مؤسسات الدولة وكثير من أبناء الشعب، وما تعرض له النائب من رد فعل من طلاب جامعيين يدل مرة أخرى على فقدان الثقة فى المسار القانونى والعدالة.

لقد كشفت حادثة الفيوم أن الجانى والمجنى عليه تحركا خارج إطار القانون، فلو كان النائب مقتنعا بأن موظفة الأمن أخطأت بالفعل، وأنه يمكن أن يصحح هذا الخطأ بالقانون لما صفعها بهذه الطريقة الهمجية، ولو شعر الطلاب بأنهم قادرون على أخذ حق الموظفة المُعتدَى عليها بالقانون لما حطموا سيارة النائب.

دولة القانون هى مسار سياسى وقانونى صعب يبدأ بالقدوة الحسنة وإرادة الدولة فى تطبيق القانون وأحكام القضاء على الجميع، دون تمييز ودون جهات أو شخصيات محصنة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفيوم والقانون المُغيَّب الفيوم والقانون المُغيَّب



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:51 2024 السبت ,08 حزيران / يونيو

أنواع مختلفة من الفساتين لحفلات الزفاف

GMT 06:29 2015 الإثنين ,28 كانون الأول / ديسمبر

قضية فرخندة مالك زادة تفضح ظلم القضاء الأفغاني للمرأة

GMT 19:55 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة الفنانة فاتن الحناوي بسبب إصابتها بفشل كلوي

GMT 03:38 2017 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

وزارة التخطيط تؤكد أن 5000 فدان في الفرافرة جاهزين للزراعة

GMT 22:33 2016 الجمعة ,18 آذار/ مارس

طريقة عمل البوظة السورية

GMT 09:56 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

توقيع رواية "ودارت الأيام" في بيت السناري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon