بقلم - عمرو الشوبكي
تلقيت العديد من الرسائل تعليقا على مقال «حجة القماشة» اخترت منهم اثنتين، الأولى من الأستاذ محمد السيد رجب مدير عام سابق من الإسكندرية وجاء فيها:
المقصود بالقماشة نوعية الشعب وإمكانياته، وهل هو قماش دمّور أو بفته أم صوف أم حرير؟ وعلى سبيل المثال، فإن قماشة الشعب الإنجليزى أو الفرنسى لم تخلق من البداية جيدة أو راقية ولكن الذى جعلها على هذا النحو من الجودة والرقى، الحكومة الرشيدة والحكم الديمقراطى والتخطيط الجيد.
كانت لندن «تشارلز ديكنز» فى القرن التاسع عشر فقر وجهل ومرض، منازل بدون حمامات، شوارع تخترقها مياه الأمطار، يموت فيها عشرات الآلاف من الأمراض والأوبئة! من الذى غيّر ذلك كله خلال قرن واحد: حكومات مسؤولة برلمان قوى عدم تداخل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، ندرة الفساد والتربح والرشوة، وأخيرًا تخطيط واضح.
إن قماشة الشعب المصرى عام 1960 مثلًا كانت جيدة، تعليم منتظم يعتمد على مدارس الحكومة، رعاية صحية معقولة، مئات المصانع تنتج الكستور والدمور والبفتة لعامة الشعب وتنتج أقمشة راقية يتم تصديرها إلى أمريكا والغرب مثل الصوف سوبر فانسى 1001 والقماش اللينو الذى أبهر العالم وكان يتحمل الغسيل والمكوى عشرات السنين، وأيضًا مصانع تنتج فرن بوتاجاز 2 ونصف شعلة، وكان الوزراء يستخدمون هذا الفرن الثلاجة والغسالة والسخان إيديال، الدواء والسماد والأسمنت والزجاج وأدوات الكهرباء بكافة أنواعها ما الذى حدث فى القماشة؟! الذى حدث هو إهمالها واحتقارها عمدًا واستبدالها بقماشه أخرى يتم استيرادها حيث الاستيراد أكثر ربحية ونفعًا لعشرات من رجال الأعمال بما لا يقارن! وللمناسبة، ما هى نوعية قماشة مجلس نيابى منتخب يعجز عن تنفيذ حكم قضائى بإعادة الحق إلى نائب ناجح فى دائرته؟!.
أما الرسالة الثانية فجاءت من الدكتور أحمد سلامة وجاء فيها: ما أحسنتم تسميته بالقماشة، هو ما صارت إليه «تركيبة» المصريين منذ يوليو 52 (اختلفت مع الدكتور فى التاريخ). والقماشة هى ناتج انهيار فى منظومة القيم التى كانت تعتنقها كافة الطبقات الاجتماعية، وأهمها احترام العرف والقانون والآخرين، وأيضا احترام النفس بإلزامها بحسن الأداء فى العمل والتعامل. وإذا نظرتم لقماشة ذلك الزمان، فستجدون سلامة الأداء فى كافة المجالات: السكة الحديد (العناية والمواعيد)، التعليم (الطالب والمعلم)، المرور (الطريق للسيارات والرصيف للمشاة، والرقابة المتواصلة من رجال البوليس)، والصحافة والإذاعة، والمعاهد الفنية بأداء مهنى متميز، والتكافل (متبرعون بمستشفيات وجمعيات لبناء المدارس)، وقواعد الصناعة والزراعة والتجارة... إلخ.
وللحقيقة والتاريخ، فقد كان تواجد المهاجرين الأوروبيين إضافة طيبة للأصالة فى العمل والتعامل. ولعل ذلك يدعو للتفكير فى استحضار خبراء من الدول المتقدمة فى كافة المجالات، ولعل تجربة المدارس اليابانية والأطباء الموفدين للتدريب بالخارج تكون بداية لهذا الفكر من البحث والاستفادة مما لدى البلاد المتقدمة.
ولعل القماشة بعد ذلك تزداد متانة وبهاء.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع