توقيت القاهرة المحلي 12:44:45 آخر تحديث
  مصر اليوم -

العين الواحدة «2- 2»

  مصر اليوم -

العين الواحدة «2 2»

عمرو الشوبكي

قرأت على مدار أربعة أيام الصحف الفرنسية الثلاث الكبيرة: اللوموند المصنفة فى الوسط والأكثر تأثيراً، والليبراسيون وتصنف فى اليسار، والفيجارو وتصنف فى اليمين، وإذا كان مفهوماً أن تتعامل النخبة السياسية مع قضية أوكرانيا بعين واحدة هى المصالح والحسابات السياسية، فإن المدهش وربما الصادم أن يتعامل الإعلام الفرنسى مع هذه القضية بالعين نفسها. فصحيفة الفيجارو مثلا عنونت صدر صفحاتها الأولى بأخبار الثورة فى أوكرانيا وقدمت دعما كاملا للمعارضة وللعمل الثورى ولاقتحام المصالح الحكومية وأغمضت عينيها عن وجود جماعات فاشية وسط المتظاهرين، وإن أشار للموضوع أكثر من معلق فرنسى فى عدد من البرامج الحوارية، وتكرر نفس الأمر مع صحيفة الليبراسيون اليسارية حين انحازت لمن وصفتهم أنصار أوروبا، وطالبت الأخيرة بألا تخونهم. صحيح أن هناك جانباً رئيسياً من الصراع السياسى فى أوكرانيا ثقافياً (راجع مقال مصر وأوكرانيا يوم الثلاثاء الماضى) بين أنصار الاتحاد الأوروبى، وبين أنصار روسيا يمكن تقسيمه تقريبا فى معادلة الثلاثة أثلاث (ليس برنامج تلت التلاتة الذى يقدمه الكاتب الصحفى عمرو خفاجة)، أى هناك ثلث مرتبط عرقياً واجتماعياً وثقافياً مع روسيا، وهناك ثلث آخر مرتبط بأوروبا، وهناك ثلث ثالث لا يتخذ موقفاً مسبقاً من الكتلتين، فإذا جاء رئيس جمهورية أو حكومة نصيرة لروسيا ولبّت احتياجات أغلب الأوكرانيين سيدعمها هذا الثلث، وإذا لم تلب احتياجاته فسيقف ضدها، وهذا ما جرى مع هذا الثلث حين قرر أن يشارك فى الانتفاضة ضد الرئيس المخلوع باعتباره رئيساً فاشلاً وليس لكونه رئيساً موالياً لروسيا. ولذا فإن هذا الثلث لن يعطى لمندوبى أوروبا من قوى المعارضة التى تحكم الآن بشكل انتقالى شيكاً على بياض، فإذا فشلوا فى إدارة شؤون البلاد مع الضغوط المتوقعة اقتصاديا وسياسيا من قبل روسيا فإن هذه الكتلة ستنقلب عليهم جنباً إلى جنب مع المتربصين بهم من الأصل من أنصار روسيا. المفارقة أن أنصار روسيا فى أوكرانيا تظاهروا، فى أكثر من مكان، تظاهرات هائلة وضخمة، خاصة فى منطقة شبه جزيرة القرم، وشارك فيها مئات الآلاف من الأوكرانيين وأعلنوا رفضهم لما جرى فى بلادهم وعبروا عن ارتباطهم بروسيا، دون أن تغطيها تقريباً وسائل الإعلام الفرنسية المرئية والمكتوبة، فصحيفة الفيجارو كتبت الخبر فى ركن صغير من صفحتها الأولى رغم كبر الحديث ورغم حدوث مصادمات بين الفريفين وصلت إلى العاصمة كييف نفسها، فى حين أنها عنونت على مدار أسبوع كامل أخبار الثورة الأوروبية فى أوكرانيا. أما اللوموند فقد كانت معالجتها صادمة وأصدرت فى عدد الخميس الماضى ملحقاً خاصاً بأوكرانيا من 8 صفحات تحدثت فيه عن أبرز محطات الثورة الأوكرانية بصورة تفصيلية، ولكنها أسقطت تماما الحديث عن الوجه الآخر أو الشق الثانى من المعادلة وهم أنصار روسيا، واكتفت بالحديث عن ورقة الضغط الكبرى التى تمتلكها روسيا وهى الغاز الذى تصدره لأوكرانيا. معضلة إعلام العين الواحدة أنه بذلك يرتكب خطيئة مهنية كبيرة حين صور للقارئ الوضع فى أوكرانيا على أنه انتهى بهروب الرئيس الأوكرانى، وأن المعادلة بسيطة لا تضم إلا ثواراً ومستبدين، وأنصار أوروبا الديمقراطيين فى مواجهة أنصار روسيا غير الديمقراطيين، والحقيقة أن أوكرانيا مقبلة على وضع صعب للغاية، وأن بها انقساماً حقيقياً لا يلغى حقيقة أنها عرفت رئيساً فاشلاً، ومعه معارضة مشكوك فى نزاهة وكفاءة كثير من قادتها، وأن هذا هو مصير الدول التى ارتهن الاستقرار فيها بمصير قوى إقليمية كبرى بعد أن غابت أو اخترقت الدولة/ المشروع الوطنى، أو بعد أن فشلت فى أن تجدد نفسها وتجارى تطورات العصر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العين الواحدة «2 2» العين الواحدة «2 2»



GMT 07:07 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

«الحياة الأبدية» لمقاتلي روسيا

GMT 07:02 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... السنجاب المحارب!

GMT 07:00 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الأولوية الإسرائيلية في الحرب على لبنان

GMT 06:58 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

تثمين العقلانية السعودية

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

من ينتخب الرئيس... الشعب أم «المجمع الانتخابي»؟

GMT 06:54 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

«أرامكو» وتحوّل الطاقة

GMT 06:52 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

بريطانيا: المحافظون يسجلون هدفاً رابعاً ضد «العمال»

GMT 06:50 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

اليوم التالي في واشنطن استمرارية أم انعطافة؟

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:09 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه
  مصر اليوم - بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه

GMT 09:06 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

وزيرا خارجية مصر وأميركا يبحثان هاتفيا الوضع في الشرق الأوسط
  مصر اليوم - وزيرا خارجية مصر وأميركا يبحثان هاتفيا الوضع في الشرق الأوسط

GMT 10:57 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

درّة تكشف تفاصيل دخولها لعالم الإخراج للمرة الأولى
  مصر اليوم - درّة تكشف تفاصيل دخولها لعالم الإخراج للمرة الأولى

GMT 09:38 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الحوت

GMT 00:05 2023 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الأهلي يستقر على التجديد لعمرو السولية

GMT 07:13 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

جزء ثانٍ من فيلم «موسى» في صيف 2022 قيد الدراسة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon