توقيت القاهرة المحلي 09:19:02 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الاختفاء القسري

  مصر اليوم -

الاختفاء القسري

عمرو الشوبكي


هيبة الدولة واحترامها مطلب شعبى حقيقى ومعيار لتقدم أى أمة، وهو يرجع لاحترام الدولة للقانون والدستور والمحاسبة، ولا توجد دولة نالت ثقة واحترام شعبها بالقهر والظلم وثقافة الخوف.
والدولة فى مصر عريقة ولها تقاليد ميّزتها عن كثيرٍ من جيرانها العرب، ومع ذلك لم يخلُ الأمر من مثالب وأخطاء ارتكبتها على مدار تاريخها الممتد من محمد على وحتى الآن، خاصة بعد التدهور والتجريف الذى أصاب أداءها عقب 30 عاما من حكم مبارك.

والمؤكد أن تجارب انهيار الدولة التى شهدتها بلاد عربية وإسلامية كثيرة لم تكن كلها بسبب مؤامرات الخارج وغزواته فقط، إنما أيضا بسبب أخطاء النظم فى الداخل والتى فتحت الباب أمام نجاح كثير من المخططات الخارجية.

والحقيقة أن كثيراً من الظواهر التى لم تعرفها مصر منذ تأسيس دولتها الوطنية فى 1805، مثل ظاهرة الاختفاء القسرى، باتت تصدم الكثيرين، وباتت تهدد هيبة الدولة وثقة الناس فيها.

تقرير المجلس القومى لحقوق الإنسان وليس أى منظمة أجنبية يقول إن هناك 163 اسمًا لمختفين منذ شهر إبريل الماضى على مستوى 22 محافظة، منهم 66 حالة اختفاء قسرى مستمر وفقاً للمعايير الدولية، و31 حالة اختفاءً قسرى لم يتمكن المجلس من متابعتها، بالإضافة إلى 64 حالة احتجاز دون وجه حق، 60 حالة بالقاهرة، 31 بكفر الشيخ، و16 بالجيزة، و13 بالدقهلية.

ولعل الصخب الإعلامى الذى صاحب اختفاء المصورة إسراء الطويل على مدار الأسابيع الماضية وانتهى الأمر بعرضها على النيابة نهاية الأسبوع الماضى أثار تساؤلات عن أسباب هذا الاختفاء غير المبرر.

والحقيقة لا يوجد مبرر أمنى ولا سياسى (طبعا ولا أخلاقى) يبرر عمليات إلقاء القبض على أشخاص دون إخبار أهلهم وذويهم بأسباب ومكان الاعتقال، وضرورة تمتعهم بالحصانة القانونية المطلوبة لضمان محاكمتهم محاكمة عادلة.

مصر لم تعرف طوال تاريخها الحديث هذا العدد من المختفين.. نعم، حدثت حالات فردية من الاختفاء القسرى، ولكن أن نسمع عن أن العدد وصل إلى 163 فهذه كارثة مكتملة الأركان، وتدل على أن هناك من يرى أن قوة الدولة فى بطشها وليس فى إيمان الناس بها وحرصهم عليها.

الدولة المصرية لم تسقط لأنها ظلت منذ تأسيسها تتمتع بقدر من التقاليد والقواعد التى تنظم أداءها، فالدولة ليست النظام، كما هو الحال فى سوريا والعراق وكثير من الدول العربية، ومؤسساتها احتفظت باستقلال نسبى عن النظام القائم دون أن تصل إلى درجة الحياد الكامل بين من فى الحكم ومعارضيه.

والمقلق أن جزءا كبيرا من هذه التقاليد نفقده الآن، فهناك نوعية من الحوادث تقول وكأن هناك أطرافا داخل الدولة لا ترى أنه يجب أن تخضع لأى محاسبة، وتنسى أو تتناسى أن ممارسات من نوعية الاختفاء القسرى تقضى على ما بناه الشعب المصرى على مدار قرون، فالدولة فى مصر لم تكن ديمقراطية، ولكنها لم تغتل معارضيها فى الشوارع كما فعلت دول أخرى، ولم تخطفهم ولو ليوم واحد دون أن تعلن أماكن احتجازهم، ولم تسجل لنخبتها المؤيدة والمعارضة لتذيع أحاديثهم على الهواء، وهم الذين استأمنوا دولتهم ووثقوا فيها، ولم يعتبروها دولة القذافى ولا بشار، فتحدثوا فى كل شىء دون حسابات تذكر.

دولة القانون هى التى تقدم أدلتها للنيابة للتحقيق مع المتآمرين، وهى التى لا تسمح باختفاء أى مواطن، ولو لساعة، ولا تنتظر تعليقات الخارج لتفصح عن أماكنهم.

دولتنا الوطنية ونظامنا الجمهورى ودستورنا المدنى مهددون نتيجة أخطاء الداخل وليس فقط مؤامرات الخارج.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاختفاء القسري الاختفاء القسري



GMT 08:34 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيّر "حزب الله" ولم تتغيّر إيران!

GMT 08:30 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أميون يخططون لمستقبلنا!

GMT 08:29 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أشخاص أثروا حياتى

GMT 08:28 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا نترك الفرصة للمتربصين؟!

GMT 06:32 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الجزائري خارج الجزائر

GMT 06:30 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الجديد... أي أميركا ننتظر؟

GMT 06:29 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

نصيحة السيستاني الذهبية

GMT 06:28 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب غزة في حفرة الأرنب

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:20 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يؤكد أنه سيقر بهزيمته إذا كانت الانتخابات عادلة
  مصر اليوم - ترامب يؤكد أنه سيقر بهزيمته إذا كانت الانتخابات عادلة

GMT 01:37 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق مختلفة لاستخدام المرايا لتكبير المساحات الصغيرة بصرياً
  مصر اليوم - طرق مختلفة لاستخدام المرايا لتكبير المساحات الصغيرة بصرياً

GMT 02:38 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يؤكد أن هناك الكثير من عمليات الغش في فيلادلفيا
  مصر اليوم - ترامب يؤكد أن هناك الكثير من عمليات الغش في فيلادلفيا

GMT 09:10 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أسباب تأجيل فيلم "الديب" لأحمد السقا
  مصر اليوم - أسباب تأجيل فيلم الديب لأحمد السقا

GMT 15:53 2018 الإثنين ,12 آذار/ مارس

إستياء في المصري بسبب الأهلي والزمالك

GMT 10:53 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على وصفات طبيعية للعناية بالشعر التالف

GMT 02:56 2018 الأربعاء ,04 تموز / يوليو

الفنانة ميرنا وليد تستعد لتقديم عمل كوميدي جديد

GMT 19:15 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

سامح حسين يكشف عن الأفيش الأول لـ"الرجل الأخطر"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon