توقيت القاهرة المحلي 19:03:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الجمهور الثانى

  مصر اليوم -

الجمهور الثانى

عمرو الشوبكي

هناك من السياسيين والنشطاء من يتصور أن العالم يقف عند حدود من يعرفهم، وأن جمهوره هو حصرياً المعبّر عن كل المصريين، واعتاد كل مرة أن يكتشف دون أن يتعظ أن هناك جمهورا ثانيا لا علاقة له بالنخب السياسية، حاضرا ومؤثرا فى كل مكان.

وربما دهشة البعض من حجم الجمهور الذى أقبل على شراء شهادات قناة السويس دلت على عزلته عما يجرى فى الشارع المصرى، وأيضا على وجود هذا «الجمهور الثانى» الذى مازال حاضرا فى الحياة العامة وتحركه مشاعر وطنية بسيطة.

ورغم أن مصر من البلاد النادرة التى فيها الأرقام وجهات نظر، بما يعنى ضرورة أخذ الأرقام المعلنة عن عدد من اشتروا وحجم الودائع بقدر من الحذر إلا أنه المؤكد أن هناك أعداداً هائلة من المصريين أقبلت على شراء هذه الشهادات حتى قُدرت قيمتها بـ6 مليارات جنيه فى يوم واحد.

الجمهور الثانى ليس منخرطا فى أحزاب، وهو يمثل ظهيرا شعبيا مازال كبيرا لرئيس الجمهورية، ولأى مشروع أو خطاب وطنى قادم من الدولة، وهو تربة خصبة لثقافة سياسية تمحورت منذ ثورة يوليو حول الدولة وزعمائها وتنظيماتها حتى أصبحت ومازالت الرقم الأكبر فى الحياة السياسية المصرية.

فهؤلاء هم الذين أعطوا للسيسى دعماً حين رفع الدعم عن أسعار الطاقة، وتقبلوا ولو على مضض هذا القرار فى حين أنهم رفضوا رفعا أقل من الرئيس السادات واحتجوا عليه، ومن يومها لم يحرك مبارك الدعم عن سلعة واحدة حرصا على الكرسى وليس المصلحة العامة.

ثقة الجزء الأكبر من الجمهور الثانى فى الرئيس ليست شيكاً على بياض، قد تتغير، ولكن دلالتها الأساسية فى وجود هذا الجمهور وفى نوعية المنتمين له من خارج السياسة ومن خارج الأحزاب، وولاؤهم التلقائى للوطنية المصرية، وهو جمهور سيظل حاضرا طالما ظلت لديه ثقة فى وطنية وإخلاص من يحكمونه.

مشكلة الجمهور الثانى أن أغلبة «غير مسيّس» ولا يتعاطف مع الأحزاب، وسيختفى وربما يتراجع فى حال ظهور وسيط حزبى للرئيس يضمن وجوده، شبيه بذلك الذى كان موجودا فى الحزب الوطنى.

صحيح أن هذا الجمهور ظل وفياً لعبدالناصر فى حياته وبعد مماته، إلا أن الرجل قاد نظاماً غير تعددى، وكان هدف تنظيمه الوحيد، أى الاتحاد الاشتراكى، تنظيم الأمة كلها، وفى قلبها «الجمهور الثانى»، وليس طبقة أو فئة أو تجمع مصالح، ويقوده الزعيم عبدالناصر.

الجمهور الثانى كان هو الظهير الشعبى للضباط الأحرار حين تعثرت تجربة الأحزاب، فدعّم تجربتهم ونظر لقائدهم باعتباره مخلصا وليس فقط زعيما، أما الآن فمن الصعب أن تقيم أمة بالجمهور الثانى فقط، ومن الصعب أيضا أن تبنيها بدونهم، فمصر الستينيات ليست مصر الألفية الثالثة، كما أنها لم تتقدم ببناء السد العالى فقط، ولم تكتف بالعموميات والشعارات الوطنية رغم قوتها وكثافتها وحضورها فى الوجدان الشعبى دون غيرها تقريبا حتى الآن (الاستثناء الأغانى الوطنية فى حرب 1973)، إنما كانت لديها رؤية سياسية واضحة غائبة منذ مبارك وحتى الآن.

الجمهور الثانى هو أصل المجتمع المصرى، ولكنه يجب ألا يُترك فى العراء للدولة البيروقراطية وللأداء المتدهور، إنما يجب أن يبلور نفسه فى مشاريع سياسية وأهلية تنظم طاقته فى اتجاه صحيح، ولا تبقى فى تلك المساحة التى تكره السياسة وتجرفها، وأيضا تعمل على تفكيك ما تبقى من دكاكين السياسة المنعزلة تماما عن الجمهور الثانى وأى جمهور.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجمهور الثانى الجمهور الثانى



GMT 08:57 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

هل وصلت دمشق متلازمة 1979؟

GMT 08:56 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

جهتا العقل والقلب

GMT 08:55 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... ولحظة سقوط الجدار

GMT 08:54 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

مع حسّان ياسين والحُكم الرشيد

GMT 08:53 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

«زوبعة» اجتياح الخرطوم!

GMT 08:52 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

أین توجد مقبرة الملكة نفرتیتي؟

GMT 08:50 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا بحكومتين والثالثة في الطريق

GMT 08:49 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

عن الرئيس ورئاسة الجمهورية!

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:38 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر
  مصر اليوم - إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024
  مصر اليوم - الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 09:13 2023 الثلاثاء ,12 أيلول / سبتمبر

بلماضي يعلن أن الجزائر في مرحلة بناء منتخب قوي

GMT 20:43 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

الرئيس السيسي يبحث القضايا الإقليمية مع نظيره القبرصي

GMT 02:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

رغدة تكشف كواليس مشاركتها في مسرحية "بودي جارد" مع عادل إمام

GMT 01:03 2020 السبت ,19 كانون الأول / ديسمبر

تقارير تؤكد أن لقاح كورونا يسبب العدوى أيضًا

GMT 08:57 2020 الخميس ,22 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسمنت في مصر اليوم الخميس 22تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 07:50 2020 الأربعاء ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الحديد في مصر اليوم الأربعاء 7 تشرين أول /أكتوبر 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon