توقيت القاهرة المحلي 05:17:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الدستور والقانون

  مصر اليوم -

الدستور والقانون

عمرو الشوبكي

نظرية الإقصاء هى السائدة فى مصر، إقصاء جيلىّ وسياسىّ، وأحياناً دينىّ وطائفىّ، الكل يبث طاقة هائلة من أجل إقصاء الأطراف الأخرى حتى يصل للسلطة على طبق من فضة بلا منافسة ولا إيمان باختيارات الناس ودورهم، فالمهم أن يختفى الخصوم والمنافسون، إما بالعزل السياسى أو بالاغتيال المعنوى، ليبقى لون واحد وفكر واحد يلتهم كعكة السلطة بمفرده.

معظم الأحاديث السياسية فى مصر تتحدث عن ضرورة إقصاء المنافسين، ويطالب البعض كل يوم الرئيس بالتدخل لعزل رجال الحزب الوطنى وفلول النظام القديم، ويطالب البعض الآخر بضرورة إقصاء الأحزاب الإسلامية حتى لو التزمت بالدستور والقانون لأنها أحزاب دينية، ويطالب البعض الثالث بفضح المؤامرات الخارجية التى تجسدت فى بعض ثوار 25 يناير، ومنعهم من الترشح فى الانتخابات القادمة باعتبارهم أجندات، وهناك من يرى ضرورة إقصاء كل السياسيين الذين تجاوزوا السبعين عاماً، لأنه حان وقت رحيل دولة العواجيز.

الكل تقريباً يتحدث عن الإقصاء، لا أحد يناقش أفكار المخالفين له فى الرأى والتوجه، ولا أحد يناقش معنى وجود- مثلاً- قائمة للدولة، وما دلالة هذا البحث الدائم من قبل قطاع كبير من المرشحين والقوى السياسية عن هذه القائمة، بل إن البعض أبدى استعداده لدفع ملايين الجنيهات إذا حصل على تأكيد بأن هذه القائمة هى قائمة الدولة التى ستكسب الانتخابات.

هل حرص أىٌّ من الذين يملأون الدنيا صراخاً وضجيجاً ضد إعادة ترشيح رجال الحزب الوطنى على تفعيل القواعد القانونية والدستورية التى تحول دون عودة ممارسات الحزب القديمة مرة أخرى، من تزوير وبلطجة ومال سياسى؟ لا أحد يتكلم تقريباً عن ضرورة احترام القانون وتطبيق الحد الأقصى للإنفاق المالى على كل المرشحين، إنما فقط يهتف الجميع «امسك فلول» و«الحق حزب وطنى».

لا أحد يتابع خطاب التيارات السلفية ليعرف هل التزمت بالدستور والقانون أم لا، وهل تؤمن حقاً بالمواطنة وبعيدة عن التحريض الطائفى أم لا، ومحاسبتها وفق الدستور والقانون.

الهدف من خطاب الإقصاء ليس وضع قواعد قانونية جديدة تساعد على تقدم البلاد، إنما إخلاء الطريق من المنافسين للوصول السهل للسلطة ثم احتكارها.

والحقيقة أن مصر ليست بحاجة إلى إقصاء من أى نوع، إنما شراكة جيلية وسياسية حقيقية تُبنى على معيار الكفاءة والقدرة على العطاء، بصرف النظر عن السن والجيل، ومسألة الشباب و«العواجيز»، فالانتماء للشباب ليس عملاً أو مهنة فى ذاتها، فهناك شباب يتعلم كل يوم، وقادر على الاحتجاج والبناء فى نفس الوقت، وهناك شباب يناضل بشراسة على الفيس بوك ولا يعرف عملاً إلا التفنن فى إقصاء الجميع، فى حين أنه غير قادر على إدارة كشك سجائر خلف بيته.

نعم مصر بحاجة إلى شراكة بين الدولة والقوى السياسية، وأخرى بين الأجيال، فى إطار قواعد قانونية ودستورية واضحة وصارمة بعيدة تماماً عن الفوضى والعشوائية السائدة حالياً.

الجميع مطالب بأن يتنافس مع الآخرين خارج ثقافة الإقصاء، لأنه إذا تنافس سيطوِّر من مهاراته وإمكانياته، أما إذا تصورنا أنه أقصى كل من لا يرضى عنهم من «العواجيز»، ومن يعتبرهم «فلول»، فهل يتوقع أنه قادر على تقديم أى بديل ناجح إذا كان لم يمتلك إلا ثقافة الإقصاء.

تكلموا عن دولة القانون تصحّوا، وعن قواعد تنظم الفوضى السائدة فى حياتنا السياسية والاجتماعية، أفضل بكثير من حديث الإقصاء.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدستور والقانون الدستور والقانون



GMT 17:20 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

أميون يخططون لمستقبلنا!

GMT 17:17 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

صوتى لكامالا هاريس

GMT 17:17 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان.. خلاف الأولويات

GMT 07:07 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

«الحياة الأبدية» لمقاتلي روسيا

GMT 07:02 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... السنجاب المحارب!

GMT 07:00 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الأولوية الإسرائيلية في الحرب على لبنان

GMT 06:58 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

تثمين العقلانية السعودية

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

من ينتخب الرئيس... الشعب أم «المجمع الانتخابي»؟

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:20 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يؤكد أنه سيقر بهزيمته إذا كانت الانتخابات عادلة
  مصر اليوم - ترامب يؤكد أنه سيقر بهزيمته إذا كانت الانتخابات عادلة

GMT 01:37 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق مختلفة لاستخدام المرايا لتكبير المساحات الصغيرة بصرياً
  مصر اليوم - طرق مختلفة لاستخدام المرايا لتكبير المساحات الصغيرة بصرياً

GMT 02:38 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يؤكد أن هناك الكثير من عمليات الغش في فيلادلفيا
  مصر اليوم - ترامب يؤكد أن هناك الكثير من عمليات الغش في فيلادلفيا

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد هنيدي يتراجع عن تقديم عمّ قنديل في رمضان 2025
  مصر اليوم - محمد هنيدي يتراجع عن تقديم عمّ قنديل في رمضان 2025

GMT 15:53 2018 الإثنين ,12 آذار/ مارس

إستياء في المصري بسبب الأهلي والزمالك

GMT 10:53 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على وصفات طبيعية للعناية بالشعر التالف

GMT 02:56 2018 الأربعاء ,04 تموز / يوليو

الفنانة ميرنا وليد تستعد لتقديم عمل كوميدي جديد

GMT 19:15 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

سامح حسين يكشف عن الأفيش الأول لـ"الرجل الأخطر"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon