عمرو الشوبكي
هناك من يتحدث عن ضرورة أن ينشئ الرئيس تكتلاً سياسياً يدعمه، ويحاول أن يعبر، بصورة أو بأخرى، عن الظهير الشعبى الكبير الداعم للرئيس، وهناك من يعترض بشدة على هذه الفكرة، ويعتبرها ملاذاً جديداً لمتخصصى تأييد حزب الرئيس من السادات حتى عبدالفتاح السيسى.
والمؤكد أن تأسيس حزب أو تنظيم مرتبط بالرئيس ظل فكرة متكررة فى بنية النظام السياسى المصرى، فحين وصل الرئيس السادات للحكم، وأسس مدرسة اليمين العربى التى آمنت بضرورة إنهاء الصراع العربى- الإسرائيلى بالطرق السلمية، وأسست لتحالف سياسى واستراتيجى مع الغرب وأمريكا وتبنت فى الداخل سياسة رأسمالية، لم يحاول أن يؤسس حزبا يمينيا آخر منافسا للاتحاد الاشتراكى العربى (التنظيم السياسى الوحيد فى ذلك الوقت) مثلما جرى فى الجزائر مثلا مع حزب جبهة التحرير الذى تأسس عقب الاستقلال وبقى حتى الآن بجوار الأحزاب الأخرى، فى حين أن الرئيس السادات ألغى الاتحاد الاشتراكى، وسمح فقط بتأسيس 3 أحزاب تعبر عن اليسار واليمين والوسط.
ومازال كثير من أبناء جيلى يتذكر المشهد الاستثنائى والنادر فى تاريخ الأمم حين قرر الرئيس السادات أن ينزل إلى الساحة السياسية ويؤسس الحزب الوطنى الديمقراطى فى عام 1978، عندها هرول أعضاء حزب مصر العربى الاشتراكى بسرعة البرق إلى الحزب الجديد وتخلوا عن حزب الدولة القديم لأن الرئيس قرر تأسيس حزب جديد.
صحيح أن الوضع السياسى فى مصر الآن اختلف عما جرى فى العقود الماضية، وأن تأسيس حزب أو تكتل سياسى هدفه دعم رئيس فى السلطة سيكون أمراً شديد السلبية على الرئيس وعلى العملية السياسية لأن الأول لم يكن قائد تنظيم سياسى انضم إليه أعضاؤه عن قناعه قبل وصولهم للسلطة، كما يجرى مع الأحزاب والحركات السياسية التى تنشأ وتنمو قبل وصولها للسلطة.
ومع ذلك يبقى هذا الوضع استثنائيا وغير متكرر فى أى نظام سياسى ديمقراطى، أن يكون هناك رئيس فى السلطة وليس له ظهير سياسى أو حزبى، ولذا فإن فكرة وجود حزب أو ظهير سياسى مؤيد للرئيس قد تكون لها وجاهتها بعد توفر شرطين: الأول إجراء الانتخابات البرلمانية وتبلور كيانات سياسية لها رؤيتها ومشروعها السياسى الذى قد يدفعها إلى التلاقى الحر مع توجهات الرئيس، والثانى ترسخ بدايات التحول الديمقراطى وانتقال الرئيس من وضع الحاكم الفرد الذى يبقى إلى الأبد فى السلطة ويهرول إليه كل المنافقين ومتملقى السلطة، إلى الحاكم الذى يبقى مدة أو مدتين رئاسيتين فى الحكم ولديه توجه سياسى محدد يتلاقى معه البعض ويختلف معه البعض، وتصبح القضية هنا انحيازا لسياسة ورؤية حزب، وليست هتافا لرئيس لأنه فى السلطة، أو تأسيسا لحزب جديد للدولة.
المؤكد أن الرئيس، الذى اعتمد على الدولة ودعمه أغلب الشعب فى الوصول للسلطة، لن يستطيع أن يحكم دون شراكة مع القوى السياسية الفاعلة، سواء كانت مؤيدة أو معارضة، ومن الضرورى أن يفتح الباب أمام فرص حقيقية تميز بين العمل السياسى الحزبى والمؤسسى، وبين الصوت الاحتجاجى أو التخريبى، وهذا على عكس ما جرى فى عهد مبارك حين أغلقت الأبواب أمام الجميع، فلم يكن هناك بديل إلا الثورة والاحتجاج.
تكتل مؤيد للرئيس لأنه فى السلطة سيكون خصماً هائلاً من الرئيس والنظام السياسى، أما أن يكون هناك تيار مؤيد للرئيس وآخر معارض متساويان فى الحقوق والواجبات وفرص تداول السلطة بشكل سلمى فهذا أمر وارد فى المستقبل المنظور.