توقيت القاهرة المحلي 08:27:43 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الغيبوبة

  مصر اليوم -

الغيبوبة

عمرو الشوبكي

تعتبر قيادات جماعة الإخوان أن البرلمان المصرى لم يُحَلّ، ويعقدون أولى جلساته فى تركيا، ويؤكدون أن استمرار نشاطه لن يتأثر بأى تقارب بين مصر وتركيا، كما حدث بين الدوحة والقاهرة، وأن البرلمان «الوهمى» سيعقد جلساته فى دولة أخرى فى حال حدوث أى تقارب مصرى- تركى فى المستقبل.

والحقيقة أن الإخوان منذ وصولهم للسلطة، وبعد خروجهم منها بإرادة أغلب المصريين، مارسوا جملة من التصرفات غير المسبوقة فى تاريخ صراع القوى السياسية على السلطة فى مصر، ولعبوا دوراً رئيسياً فى إجهاض تجربة التحول الديمقراطى، سواء حين كانوا فى السلطة أو بعد خروجهم منها.

هل هناك معنى واحد وراء دعوة جماعة الإخوان أعضاءها السابقين فى البرلمان المنحل للانعقاد، إلا كونها تعيش فى غيبوبة وانفصال كامل عن الواقع؟ فالحديث عن رئيس شرعى وبرلمان شرعى يعنى أن الجماعة ليس هدفها المعارضة على ضوء معطيات الواقع إنما تعمُّد الانفصال عنه حتى تضع نفسها فى صورة الضحية وتبرر تصرفاتها غير المسؤولة.

إن استبعاد تيار سياسى من الحكم أو إسقاطه بتدخل عسكرى أو بـ«فيتو» ملكى أو جمهورى أمرٌ تكرر فى التاريخ المصرى الحديث، فحزب الوفد لم يحكم طوال الفترة الممتدة من ثورة 1919 حتى 1952 إلا حوالى 7 سنوات غير متصلة، وزُوِّرت ضده الانتخابات مرات عديدة، ومع ذلك لم يبن تنظيماً مسلحاً، ولم يحرض على العنف، ولم يدعُ لإسقاط النظام الذى كان جزءاً منه مهما كانت ملاحظاته عليه.

وجاءت ثورة يوليو، وأقصت حزب الوفد، وحلت الأحزاب، ومع ذلك لم يواجهها أحد إلا الإخوان بالعنف، ولم يقم الراحل فؤاد سراج الدين وزملاؤه الوفديون بإشعال الحرائق وتخريب المنشآت وممارسة العنف انتقاماً من تدخل الجيش وثورة عبدالناصر.

هل خرج الملك من السلطة بعد ثورة شعبية، أم أن الجيش قام بإقصائه بالقوة وأسَّس النظام الجمهورى على أنقاض النظام الملكى؟ الإجابة الثانية هى الصحيحة، ومع ذلك تقبل الأمر الواقع وظل معارضاً للنظام الجديد لا مخرباً ولا متآمراً.

ألم يُقْصِ الرئيس السادات حين وصل للسلطة من سماهم «مراكز القوى» من رجالات عبدالناصر واعتقلهم بعد أن وجَّه لهم تهم التآمر وقلب نظام الحكم؟ هل حرَّضوا على قتله؟ هل سعوا لهدم الدولة وتفكيك الجيش أو خلخلته رغم أن من بينهم وزير الدفاع؟ لم يحدث رغم شعورهم اليقينى بأنهم حراس الثورة والمعبرون عن خطها وقائدها جمال عبدالناصر.

تاريخ مصر الحديث هو صراع شرعيات على السلطة لم يعترف معظم أطرافها بشرعية الطرف الآخر، فثورة يوليو اعتبرها كثير من الليبراليين والوفديين انقلاباً، واعتبر الناصريون «ثورة» السادات انقلاباً على خط عبدالناصر، وكلاهما لم يواجه السلطة القائمة بالعنف والسلاح. أما مبارك فلم يعترف بثورة الشعب فى 25 يناير واعتبرها مؤامرة ولكنه تنحَّى عن السلطة، ولم يعمل على استمالة الحرس الجمهورى للدفاع عن بقائه الأبدى فى السلطة ولا خلخلة الجيش من أجل كرسيه.

ورغم أن الصراع على السلطة فى مصر عرف مرارات ومحناً وإحساس أطراف كثيرة بالظلم والغبن، إلا أنه عند لحظة معينة كان هناك دائماً نوع من الانتماء الوطنى، واختيار المصلحة العامة، والذى حال دون اختيار التخريب والهدم وسيلةً لمواجهة السلطة الجديدة مهما كان الرأى فيها.

كيان الإخوان الموازى أخرج طاقة كراهية وهدم غير مسبوقة، فالدولة والوطن هما الجماعة، والشعب هو فقط شعب الجماعة، ومهما حدث لهذا الشعب من كوارث ونكبات فيظل أمراً غير مهم، لأنه يخص الشعب المصرى وليس شعب الجماعة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الغيبوبة الغيبوبة



GMT 20:27 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

الحرب الأوكرانية.. أولوية أميركية

GMT 08:57 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

هل وصلت دمشق متلازمة 1979؟

GMT 08:56 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

جهتا العقل والقلب

GMT 08:55 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... ولحظة سقوط الجدار

GMT 08:54 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

مع حسّان ياسين والحُكم الرشيد

GMT 08:53 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

«زوبعة» اجتياح الخرطوم!

GMT 08:52 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

أین توجد مقبرة الملكة نفرتیتي؟

GMT 08:50 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا بحكومتين والثالثة في الطريق

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:56 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

الدبيبة يكشف عن مخاوفة من نقل الصراع الدولي إلى ليبيا
  مصر اليوم - الدبيبة يكشف عن مخاوفة من نقل الصراع الدولي إلى ليبيا

GMT 06:53 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

اعتماد قواعد تسجيل الدراسات العليا في الجامعات المصرية

GMT 17:35 2018 الإثنين ,12 شباط / فبراير

شركة "فيات" تشكف عن سيارة عائلية مميزة في 2018

GMT 05:46 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

غوميز تكشف أنّها ستضع صحتها ضمن أولوياتها

GMT 12:40 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

طوني ورد يكشف عن أزياء راقية للمناسبات الصيفية

GMT 06:40 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

المصري يستضيف بتروجت في مواجهة قوية في الدوري

GMT 00:51 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

مروة ناجي تدعم الطفلة أشرقت في "ذا فويس كيدز"

GMT 18:51 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

نهاية اليوم الأول لفتح باب الترشيح داخل النادي الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon