توقيت القاهرة المحلي 05:17:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المبرراتى

  مصر اليوم -

المبرراتى

عمرو الشوبكي

أسوأ شىء فى مصر أن يصاب المجتمع بداء التبرير مع كل أزمة تصيبه، فالمؤكد أن الإخوان هم أول الذين روجوا «لنظريات التبرير»، واعتبروا أن معارضة النظام السياسى ليست بالرفض والاحتجاجات السياسية إنما بالحرق والقتل والترويع، وقدموا فتاوى تبرر قتل الناس الأبرياء لأنهم «شعب عبيد» يقبلون الاستبداد ويرفضون الحرية (حرية داعش وأخواتها).

تبرير العنف أو القتل أو سقوط الضحايا أمر كارثى، يقسم المجتمع المصرى ويقضى على وحده نسيجه، والمؤسف أنه انتقل من حالة الإخوان وحلفائهم إلى حالة أطراف مجتمعية كثيرة، فحين تنعى سقوط الشهيدة شيماء الصباغ يخرج عليك آلاف الناس ويقولون لك، ولم لا تنعون شهداء الشرطة الذين يسقطون كل يوم (رغم أنك نعتهم وتضامنت مهم عشرات المرات)، وحين تتضامن مع شهداء الشرطة والجيش يخرج عليك بعض النشطاء والإخوان ويقولون وهل نسيتم شهداء رابعة وممارسات الداخلية.

المؤسف أننا فشلنا أن نشعر بوقع الأحداث الكبرى التى تناقش المواقف المبدئية والإنسانية والأخلاقية الأساسية التى دونها لن يبنى أى مجتمع، ونفصلها عن أهوائنا السياسية، حتى صار كل حادث من أول وفاة الملك عبدالله (رحمة الله عليه) حتى وفاة جندى أمن مركزى بسيط محل تبرير سخيف وإسقاطات متدنية.

هل يعقل أن تثير واقعة مقتل شيماء الصباغ كل ردود الفعل الخائبة من نوع: لماذا ذهبت إلى هناك؟ وما الذى جعلهم من الأصل يقومون بمظاهرة، وننسى السؤال المحورى: كيف تقتل ومن قتلها؟ وقبلها نعلن بضمير مرتاح رفض موت أى مواطن مصرى سلمى حتى لو اختلفنا مع كل آرائه ورفضنا كل شعارات مظاهراته.

لا يوجد مبرر واحد لهذا الخلط الفج للأوراق حتى استنزفنا فى معارك تقتل إنسانيتنا ومشاعرنا الطبيعية التى نجدها فى أى مجتمع ينتفض على قلب رجل واحد فى مواجه القتل أو التعذيب والإرهاب، إلا نحن الذين نصر على أن نسقط أهواءنا السياسية على كل حدث جلل، ولا نقف أمامه لنتعلم منه ونصلح من أخطائنا.

فبدلاً من أن نقول هناك شخص أو جهة يتحمل مسؤولية مقتل شيماء، بعيدا تماما عن تلك النظرة الثأرية من وزارة الداخلية، دخلنا فى حرب الصور والشائعات: صورة لشيماء مع متظاهرين يرفعون شعار رابعة، إذن هى متضامنة مع الإخوان فهل هذا يبرر موتها؟ أو يعلق آخر لو عادت شيماء إلى الحياة لسألتكم عن الطفل مينا ماهر (شهيد المطرية الذى أكدت المصادر الأمنية وبعض شهود العيان أن الإخوان هم الذين قتلوه) وحرقة قلب أمه عليه، قبل أن تسألكم عن ولدها اليتيم، وتسألكم عن المجند محمد على خلف ابن الغلابة «الشقيانين» الذى قتل بالأمس فى المطرية أيضا، وتسألكم عن المواطن المصرى صاحب التاكسى المحروق وهو يلطم ويبكى على ضياع مصدر رزقه ورزق عياله.

والحقيقة أن هذه الطريقة فى التفكير كارثية، ولا يوجد مبرر واحد لعدم التضامن مع كل ضحايا العنف والإرهاب ومحاسبة المسؤول عن موتهم، ونعلن بجرأة أن كل الدم حرام، وأن صورة مظاهرات «الآلى» فى المطرية، أمس الأول، وصور وقفة طلعت حرب السلمية تؤكد ما ذكرناه فى مقال الأمس بأنه يجب على الأمن وضع خطوط فاصلة بين مظاهرات العنف والإرهاب وبين المظاهرات السلمية، فيواجه الأولى بقوة ويؤمن الثانية بمهنية.

لا يجب أن نبرر الموت حين يكون الضحية خصمنا السياسى، وندينه حين يكون الضحية من حلفائنا، فتلك كارثة ستقضى على أهم ما يميز مصر وهو تماسك مجتمعها حتى فى عز خلافه مع أى سلطة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المبرراتى المبرراتى



GMT 17:20 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

أميون يخططون لمستقبلنا!

GMT 17:17 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

صوتى لكامالا هاريس

GMT 17:17 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان.. خلاف الأولويات

GMT 07:07 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

«الحياة الأبدية» لمقاتلي روسيا

GMT 07:02 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... السنجاب المحارب!

GMT 07:00 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الأولوية الإسرائيلية في الحرب على لبنان

GMT 06:58 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

تثمين العقلانية السعودية

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

من ينتخب الرئيس... الشعب أم «المجمع الانتخابي»؟

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:20 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يؤكد أنه سيقر بهزيمته إذا كانت الانتخابات عادلة
  مصر اليوم - ترامب يؤكد أنه سيقر بهزيمته إذا كانت الانتخابات عادلة

GMT 01:37 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق مختلفة لاستخدام المرايا لتكبير المساحات الصغيرة بصرياً
  مصر اليوم - طرق مختلفة لاستخدام المرايا لتكبير المساحات الصغيرة بصرياً

GMT 02:38 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يؤكد أن هناك الكثير من عمليات الغش في فيلادلفيا
  مصر اليوم - ترامب يؤكد أن هناك الكثير من عمليات الغش في فيلادلفيا

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد هنيدي يتراجع عن تقديم عمّ قنديل في رمضان 2025
  مصر اليوم - محمد هنيدي يتراجع عن تقديم عمّ قنديل في رمضان 2025

GMT 15:53 2018 الإثنين ,12 آذار/ مارس

إستياء في المصري بسبب الأهلي والزمالك

GMT 10:53 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على وصفات طبيعية للعناية بالشعر التالف

GMT 02:56 2018 الأربعاء ,04 تموز / يوليو

الفنانة ميرنا وليد تستعد لتقديم عمل كوميدي جديد

GMT 19:15 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

سامح حسين يكشف عن الأفيش الأول لـ"الرجل الأخطر"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon