توقيت القاهرة المحلي 19:23:29 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المتآمرون الجدد

  مصر اليوم -

المتآمرون الجدد

عمرو الشوبكي

هل يمكن اعتبار الفريق أحمد شفيق متآمراً على النظام الحالى؟ وهل يعقل أن توضع على الرجل (وفق تقارير صحفية جادة) قيود غير قانونية على عودته إلى مصر وممارسته أي دور سياسى؟ الحقيقة أن هذا الحديث عن رئيس حزب الحركة الوطنية، المرشح السابق لرئاسة الجمهورية، أعاد لنا صورة نظام مبارك حين كان المطلوب هو تفريغ البلاد من أي رمز سياسى يهدد مشروع التوريث.

طبيعى أن يكون لأى نظام سياسى هوية، فإذا كان لدينا نظام محافظ أو يمينى فلابد أنه سيكون في خصومة مع التيارات الثورية وحركة بداية وإخوتها والأحزاب اليسارية، وإذا كان نظاما مؤمنا بالدولة الوطنية والنظام الجمهورى والدستور المدنى فإنه سيختلف مع الإخوان وحلفائهم، أما إذا كنا أمام نظام يرتاب في الجميع، حتى حوَّل تحركات أي سياسى إلى مؤامرة على النظام، فإن هذا يعنى أن معيار الفرز ليس الاتفاق والاختلاف مع توجهات النظام السياسى، إنما درجة قوتك، ولو النسبية على الأرض، فإذا كنت ضعيفا وهشا وتقول كلاما أهبل فأنت مُرَحَّب بك وسيُفتح لك المجال للعمل والحركة وشراء الأصوات في الانتخابات القادمة والظهور الإعلامى، حتى لو قيل لك ألف مرة إن هؤلاء لا يمثلون النظام، فالأخير مشغول بنظرية المؤامرة، لا بوضع قواعد جديدة تنظم العملية الانتخابية والسياسية وتنقل البلاد خطوة للأمام.

في النظم الديمقراطية أو التي ترغب في أن تكون ديمقراطية الأقوياء والمنافسون هما حماة النظام السياسى والدولة الوطنية، حتى لو اختلفوا في الرؤى، وليس كما هو الحال عندنا الآن، تُستَبعَد أطراف مدنية كثيرة بسبب تأثيرها النسبى.

أن نبدأ باعتبار الإخوان متآمرين على النظام السياسى أمر مفهوم، لأنهم دخلوا في مواجهة ثأرية معه، ولكن حين تبدأ سلسلة المتآمرين بشباب الثورة، ثم محمد البرادعى، ثم بعدد من الأحزاب المدنية وتنتهى بأحمد شفيق وسامى عنان وعمرو موسى، فنحن هنا نتكلم عن وضعية أُمِّمت فيها السياسة تماما، واعتبرت كل من يمكن أن يكون له تأثير في مكان ما متآمراً على النظام والرئيس.

خطورة هذا التفكير ودلالاته أنه يعلن بشكل عملى أنه غير مسموح بأى منافسة سياسية على السلطة، لأن البلاد تمر بمرحلة دقيقة، وهناك شخص واحد قادر على مواجهة هذه التحديات، وإذا ظهر من بعيد مَن يرغب في أن يحمى النظام والدولة- من خلال التنوع والتنافس العلنى بين أجنحة وتيارات سياسية مختلفة على أرضية الدولة الوطنية- يُنظَر إليه باعتباره متآمراً.

حتماً أحمد شفيق ليس محل إجماع داخل المجتمع المصرى، وهو يُحسَب على نظام مبارك الذي هو محل رفض من قطاعات واسعة من الشعب، ولكن يُحسَب له أيضا أنه سبح بجرأة عكس التيار السائد بعد ثورة يناير، وواجه الخطاب المسيطر في ذلك الوقت عن النظام القديم والفلول وعزل رموزه، وقرر الترشح في انتخابات الرئاسة، معتمداً فقط على أصوات الناخبين، وخسر بشرف بعد أن حصل على 12 مليون صوت.

حتماً هناك جوانب سلبية في تجربة شفيق، ولكنه لا يُعاقَب على جوانبه السلبية، إنما على جوانبه الإيجابية، وكل من سيغمض عينه على إقصاء حزب أو رمز سياسى لا يحرّض ولا يمارس العنف سيدفع المجتمع والدولة ثمن ذلك غالياً.

مطلوب عودة شفيق للساحة السياسية العلنية في مصر مادام ليست عليه أحكام قضائية، لأن الحل ليس في عزل المنافسين والخصوم، ولأن الصراعات المخفية ستنتقل بسرعة البرق إلى داخل النظام نفسه، وستُعَقّد مشاكلنا بصورة أسرع مما يتصور المتفائلون.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المتآمرون الجدد المتآمرون الجدد



GMT 18:38 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

محمد مندور.. عواصف الفكر والعودة للثوابت

GMT 13:43 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

ما هى كرة القدم فى مصر؟!

GMT 09:32 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

دعم السوريين في بناء ديمقراطيتهم أمر واجب

GMT 09:30 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الخوف صار هذه الناحية

GMT 09:29 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هل يستمر الصراع على سوريا؟

GMT 09:28 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

البيضة والدجاجة في السوشيال ميديا

GMT 09:27 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

حضنُ بوتين لبشار الأسد

GMT 09:26 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هل «حرَّر» الشرع إيران من الإنفاق على المنطقة؟

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:56 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

الدبيبة يكشف عن مخاوفة من نقل الصراع الدولي إلى ليبيا
  مصر اليوم - الدبيبة يكشف عن مخاوفة من نقل الصراع الدولي إلى ليبيا

GMT 10:00 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني
  مصر اليوم - مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني

GMT 15:01 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

ابنة أصالة نصري تتحدث عن معاناة عائلتها في ظل حكم الأسد
  مصر اليوم - ابنة أصالة نصري تتحدث عن معاناة عائلتها في ظل حكم الأسد

GMT 01:54 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أغنياء المدينة ومدارس الفقراء

GMT 13:12 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

أوميغا 3 يساهم في إبطاء نمو سرطان البروستاتا لدى الرجال

GMT 00:28 2024 الإثنين ,02 أيلول / سبتمبر

تارا عماد تكتشف سرًا يربطها بوالدتها

GMT 18:55 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

المصري يبدأ توزع دعوات مباراة بطل سيشل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon