توقيت القاهرة المحلي 16:49:02 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تحدى الإرهاب

  مصر اليوم -

تحدى الإرهاب

عمرو الشوبكي

على الرغم من تراجع موجة الإرهاب فى الأشهر الأخيرة مقارنة بما جرى فى أثناء حكم الإخوان وفى الأشهر الأولى التى أعقبت سقوطهم، إلا أن هذا لا يمنع أن خطره لايزال قائما والتحديات التى يفرضها على المجتمع مازالت كبيرة.
صحيح أن الإرهاب فى مصر لن يسقط نظاما ولن يهدم دولة، ولكنه قادر على أن يعثر نظاما، وأن يوقف تقدم دولة، ولذا فإن تصور أن المواجهات الأمنية وحدها قادرة على أن تقضى على الإرهاب الحالى فى مصر، وتفتح الباب أمام نظام مستقر وقادر على الإنجاز أمر غير صحيح.
والواقع أن الإرهاب الذى تشهده مصر الآن نوعان: الأول هو امتداد للجماعات التكفيرية والجهادية التى عرفتها مصر منذ بدايات الألفية الثالثة، أو ما سبق ووصفته الموجة الثانية من جماعات العنف (بعد انكسار الموجة الأولى التى قادها تنظيما الجماعة الإسلامية والجهاد منذ السبعينيات وحتى مبادرة وقف العنف فى عام 1997)، بظهور الخلايا العنقودية صغيرة العدد، خاصة فى سيناء متأثرة بنموذج تنظيم القاعدة.

وقامت هذه الخلايا الإرهابية الجديدة بعمليات عدة فى طابا وشرم الشيخ والحسين طوال العقد الماضى، وعملت على الانتقام من النظام القائم أو إيذائه، وهو أمر يختلف اختلافا كبيرا عن الهدف الذى قامت على أساسه الموجة الأولى من الجماعات الجهادية، التى سعت إلى إسقاط النظام الحاكم، الأمر الذى استلزم بناء تنظيم عقائدى محكم العضوية محدد الأهداف، على عكس الحلة الانتقامية التى خلقت خلايا نائمة وأخرى شبه نائمة لا رابط تنظيمى محكم بينها ولا تعرف عنها الكثير أجهزة الأمن المحلية والعالمية.

ومع وصول الإخوان للسلطة قدموا حاضنة سياسية لهذه التنظيمات الجديدة، وساعدوا على تبلورها فى بناء تنظيمى أكثر إحكاماً واتساعاً من الخلايا الصغرى التى شهدناها من قبل، ودون أن يرقى إلى مستوى التنظيمات الجهادية الكبرى التى عرفتها مصر فى ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضى، فظهرت جماعة أنصار بيت المقدس المسؤولة عن العمليات الإرهابية الأكثر دموية واحترافية، سواء فى سيناء أو أمام مديريات أمن الدقهلية أو القاهرة كامتداد أكثر تطوراً لخلايا سيناء السابقة مع فارق رئيسى هو وجود دعم مادى ومعنوى ولوجستى من قبل جماعة كبيرة مثل الإخوان المسلمين.

أما النوع الثانى فهو إرهاب عناصر جماعة الإخوان المسلمين أنفسهم، والذين قاموا بتصنيع قنابل بدائية الصنع بعضها فجر فيهم، وكثير منها فجر فى أبرياء أو رجال شرطة وجيش، وصار تورط عدد ليس بالقليل من شباب الجماعة فى هذا الإرهاب الأسود أمرا واضحا، وتحريض قطاعات كبيرة من قادة الجماعة على العنف وتبريره ودفع الشباب للسقوط فيه صار حدثا مكررا.
وإذا كان إرهاب الجماعات الجهادية فى الثمانينيات واجهته الدولة بدور مؤثر لعلماء الأزهر ورجال الدين المستنيرين بصورة دفعت آلاف من أعضاء هذه الجماعات إلى مراجعة فكرهم، إلا أن السؤال المطروح الآن: هل يمكن إيقاف الإرهاب الحالى دون وجود أى مشروع فكرى لمواجهته؟ الإجابة بالتأكيد لا. إن هناك مسارين ينتجان الإرهاب فى مصر وليس مسارا واحدا كما جرى من قبل، أحدهما جهادى تكفيرى (أنصار بين المقدس وغيرها من الجماعات الصغيرة)، والآخر هو جماعة الإخوان المسلمين، وفى نفس الوقت لا يوجد خطاب دينى أو سياسى يخاطب أساسا الحاضنة الاجتماعية التى يجند منها هؤلاء خاصة المسار الثانى أنصارهم، فيحدثونهم كل يوم عن انقلاب 3 يوليو وعن مذبحة رابعة، وعن حكم العسكر، وغيرها من المفردات التى تتحدث عن مظلومية سياسية قادرة على استقطاب البعض، خاصة الشباب، ولا نجد أى مشروع فكرى أو سياسى مقابل يواجه المبرر السياسى للعنف، ويضعفه، ويجعل ممارسيه دون أى ظهير شبابى، وهذا تحدٍ لن تحله أجهزة الأمن مهما كانت كفاءتها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تحدى الإرهاب تحدى الإرهاب



GMT 08:57 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

هل وصلت دمشق متلازمة 1979؟

GMT 08:56 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

جهتا العقل والقلب

GMT 08:55 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... ولحظة سقوط الجدار

GMT 08:54 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

مع حسّان ياسين والحُكم الرشيد

GMT 08:53 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

«زوبعة» اجتياح الخرطوم!

GMT 08:52 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

أین توجد مقبرة الملكة نفرتیتي؟

GMT 08:50 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا بحكومتين والثالثة في الطريق

GMT 08:49 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

عن الرئيس ورئاسة الجمهورية!

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:38 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر
  مصر اليوم - إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024
  مصر اليوم - الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 09:13 2023 الثلاثاء ,12 أيلول / سبتمبر

بلماضي يعلن أن الجزائر في مرحلة بناء منتخب قوي

GMT 20:43 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

الرئيس السيسي يبحث القضايا الإقليمية مع نظيره القبرصي

GMT 02:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

رغدة تكشف كواليس مشاركتها في مسرحية "بودي جارد" مع عادل إمام

GMT 01:03 2020 السبت ,19 كانون الأول / ديسمبر

تقارير تؤكد أن لقاح كورونا يسبب العدوى أيضًا

GMT 08:57 2020 الخميس ,22 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسمنت في مصر اليوم الخميس 22تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 07:50 2020 الأربعاء ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الحديد في مصر اليوم الأربعاء 7 تشرين أول /أكتوبر 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon