توقيت القاهرة المحلي 19:23:29 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حديث المؤامرة

  مصر اليوم -

حديث المؤامرة

عمرو الشوبكي

يعتبر العالم العربى من المناطق القليلة فى العالم التى مازالت توظف نظرية المؤامرة من أجل تكريس واقعها المتردى، وعدم مواجهة مشاكلها الحقيقية، فتكون المؤامرة هى سبب المصائب لا طريق حلها.

والحقيقة أن العالم يتآمر فى أحيان كثيرة من أجل الدفاع عن مصالحه، وإذا اعتبرنا المؤامرة فى العصر الحديث خططا سرية للدول من أجل تحقيق مصالحها، فعلينا ألا ننسى أن هذه الدول تحقق فى أحيان كثيرة مصالحها بسياسات معلنة وواضحة لا تحتاج فيها إلى مؤامرات وخطط سرية.

التسليم بنظرية المؤامرة على أنها قوة خارقة لا نعرف عنها شيئا ولا نستطيع أن نواجهها أمر يكرس ثقافة الاستسلام أمام مواجهة تحديات الخارج والداخل معا، فلو اهتممنا بمشكلاتنا الثقافية والسياسية والاقتصادية وعرفنا أين العيوب والمثالب وأين نقاط التباين التى لا تحتاج إلى مؤامرة، لأنها تمثل تعارضا طبيعيا فى الرؤى والمصالح، لكان حالنا أفضل بكثير مما نحن فيه.

والحقيقة أن أخطر ما تشهده مصر الآن هو تلك العودة البليدة لنظرية المؤامرة فى التعامل مع قضايا الخلاف الداخلى بدلا من مناقشتها والاشتباك معها، حتى وصل الأمر بالبعض إلى اعتبار النقد الذى وجهه بعض الإعلاميين لأداء الرئاسة مؤامرة، وأن الرأى الذى عبر عنه إعلامى وصحفى مثل إبراهيم عيسى - حين اعترض على نزول السيسى إلى طريق الإسكندرية الصحراوى، معتبرا أن هذا الأمر ليس من أولويات دوره كرئيس للجمهورية - فهاجت الدنيا وماجت بدلا من مناقشة الأمر الذى هو محل اجتهاد، فهناك وجهة نظر أخرى تقول إن مصر فى حاجة إلى رسالة معنوية فى الداخل والخارج تؤكد جرأة الرئيس واستقرار الأحوال فى مصر.

وقد ترك النقاش مع أو ضد هذه المسألة (وغيرها الكثير)، وانتفخت «ماسورة» الاتهامات المرسلة ونظريات المؤامرة، واعتبر البعض أن الإعلام الخاص يرتب مؤامرة ضد الرئيس يشارك فيها سياسيون ورجال أعمال.

إن هذه الطريقة فى التعامل مع النقد السياسى والصحفى ترجعنا إلى ما هو أسوأ من عصر مبارك، لأنها تأتى فى وقت وصلت فيه التحديات التى تتعرض لها البلاد إلى درجة مقلقة بسبب- أساسا- سوء الأداء وليس فقط مؤامرات الإخوان وحلفائهم.

أن تفشل النخبة الإعلامية فى إجراء نقاش حول تقييم أداء مَن فى الحكم اتفاقا أو اختلافا لصالح هتافات المؤامرة كارثة حقيقية، وبدلا من الاستماع للأصوات النقدية ومعرفة أسباب هذا التعثر فى إدارة ملف الإصلاح السياسى والإدارى يخرج بدلا منه صراخ المؤامرة.

إن مشكلات مصر ليست بسبب بعض الأصوات المعارضة يمينا أو يسارا، إنما نتيجة غياب كامل لأى رؤية سياسية فى مواجهة التحديات التى تواجهها مصر وهو ما يدفع الكثيرين إلى استسهال حديث المؤامرة لتغطية فشل داخلى حقيقى.

الطريقة التى نتحدث بها عن المؤامرة هى طريقة معطلة لأى تقدم، لأنها تقدم وصفة عجز واستسلام كامل أمام مواجهة أى مشكلة فى الداخل والخارج، خاصة بعد أن أصبح حديث المؤامرة يعكس رغبة فى كبت النقاش العام وعدم فهم قيمة التنوع والاجتهادات المختلفة داخل المجتمع المصرى، ومادمنا اعتبرنا النقد مؤامرة، وحق أى حزب فى الوصول للسلطة مؤامرة، والشباب متآمرا وصاحب أجندات- من أجل أن ننسى أو نتناسى وضع قواعد تنظم عمل الإعلام والعملية السياسية وتواجه سلبيات المسار السياسى- فإن حديث المؤامرة أسهل من المراجعة وتصحيح الأخطاء.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حديث المؤامرة حديث المؤامرة



GMT 18:38 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

محمد مندور.. عواصف الفكر والعودة للثوابت

GMT 13:43 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

ما هى كرة القدم فى مصر؟!

GMT 09:32 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

دعم السوريين في بناء ديمقراطيتهم أمر واجب

GMT 09:30 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الخوف صار هذه الناحية

GMT 09:29 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هل يستمر الصراع على سوريا؟

GMT 09:28 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

البيضة والدجاجة في السوشيال ميديا

GMT 09:27 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

حضنُ بوتين لبشار الأسد

GMT 09:26 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هل «حرَّر» الشرع إيران من الإنفاق على المنطقة؟

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:56 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

الدبيبة يكشف عن مخاوفة من نقل الصراع الدولي إلى ليبيا
  مصر اليوم - الدبيبة يكشف عن مخاوفة من نقل الصراع الدولي إلى ليبيا

GMT 10:00 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني
  مصر اليوم - مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني

GMT 15:01 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

ابنة أصالة نصري تتحدث عن معاناة عائلتها في ظل حكم الأسد
  مصر اليوم - ابنة أصالة نصري تتحدث عن معاناة عائلتها في ظل حكم الأسد

GMT 01:54 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أغنياء المدينة ومدارس الفقراء

GMT 13:12 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

أوميغا 3 يساهم في إبطاء نمو سرطان البروستاتا لدى الرجال

GMT 00:28 2024 الإثنين ,02 أيلول / سبتمبر

تارا عماد تكتشف سرًا يربطها بوالدتها

GMT 18:55 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

المصري يبدأ توزع دعوات مباراة بطل سيشل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon