توقيت القاهرة المحلي 00:09:26 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حلم فاتن حمامة

  مصر اليوم -

حلم فاتن حمامة

عمرو الشوبكي

فى كل مجال هناك أشخاص تعتبرهم جزءاً منك حتى لو لم تقابلهم ولو مرة واحدة، وهناك من يقومون بأعمال مختلفة تماماً عن، وتشعر أنهم قريبون جداً، حتى لو كانت مهنتك السياسة والكتابة وهم الفن والإبداع أو الطب والهندسة، فرغم الخلاف المهنى وعدم المعرفة الشخصية إلا أنك تشعر وكأن هناك رابطاً روحانياً ما يربطك بهم وتعتبرهم مثلك ولو فى مكان آخر.

الراحلة الكبيرة فاتن حمامة قوتها فى أنها شبه الناس، أو بالأحرى شبه أغلب الناس، فهى الفنانة الأكثر موهبة فى تاريخ مصر والعالم العربى، والأكثر احتراماً ومحافظة وقبولاً بين عموم المصريين والعرب.

تاريخ الراحلة حافل واستثنائى فى مسار الفن المصرى، فقدمت حوالى 103 أفلام، آخرها «أرض الأحلام»، كما قدمت دوراً مميزاً حُفر فى ذاكرة التاريخ بمسلسل «ضمير أبلة حكمت»، الذى أنتج عام 1991، ومسلسل «وجه القمر»، الذى أنتج عام 2000، إضافة إلى مسلسل إذاعى وحيد.

قوة فاتن حمامة فى موهبتها الكبيرة وفى قيمها الأكثر احتراماً، وهى التى وصف جمالها الراحل الكبير أحمد بهاء الدين ذات مرة فى مقال شهير: الجمال أنواع.. هناك الجميلة التى يراها الرجل فيشعر أنه ذاهب معها إلى مغامرة عاصفة، وهناك الجميلة التى يقتحم جمالها الرجل كأنه يدخل معه فى مبارزة.. وهناك الجميلة التى تحس إذا نظرت إليها أنها تقودك إلى مرفأ هادئ، أو إلى واحة خضراء، هذا النوع الأخير من الجمال هو الذى يعمر فى القلب أكثر من سواه، وهو النوع الذى تتميز به فاتن حمامة.. وكان من مؤهلاتها الحساسية العجيبة، كذلك هى، شفافة ترى فيها صعود المشاعر وهبوطها ودواماتها.. وهذه الحساسية هى جوهر الموهبة التمثيلية.

صورة فاتن حمامة هى البنت المصرية الطيبة، التى يظلمها الناس وينصفها القدر، فهى لا تعاند الناس أو المجتمع، ولا تقتحم معركة، إنما كل فضيلتها أن تصبر على الظلم وتنطوى على نفسها حتى ينصفها القدر بأن يحقق لها حلمها أو يبين براءتها.. وأصبحت كل بنت فى مصر.. فاتن حمامة! فكل بنت متوسطة فى مصر، تحيا حياة راكدة، ترى فاتن حمامة على الشاشة وكأنها ترى فيها نفسها، أو ترى فيها أحلامها لإحساس بالظلم، والأمل المشوب بالحزن، وانتظار السعادة التى يسوقها القدر.

محافظة فاتن حمامة وتقليديتها ورقيها الشديد على الشاشة وفى الحياة أروع ما فيها، فهى ليست النموذج المبتذل الذى روَّجه البعض على أنه فن، وحين أطلت على الجمهور فى حوارها الرائع مع مجدى الجلاد الذى أذيع أمس الأول عشية وفاتها حلمت فيه بمجتمع بلا كذب يحرص فيه الناس على النظافة والرقى الإنسانى وعبرت عن حسرتها على التدهور الذى أصاب سلوكيات المصريين.

كل من شاهد فاتن حمامة فى حوار «غير تمثيلى» يشعر أنها هى نفسها التى يشاهدها على شاشة السينما، ورغم أن الطبيعى أن الفنان يمثل وشخصيته فى الحقيقة ليست هى التى تظهر على الشاشة، ولكن فاتن من صدقها وحساسيتها لم يشعر الناس بفرق بين الاثنتين.

فاتن حمامة هى تقريباً آخر من بقى معنا من بقايا الزمن الجميل، وهى حلم مصرى كبير وموهبة عملاقة واستثنائية فى تاريخنا غابت عنا لتذكرنا أننا نحتاج إلى جهود هائلة حتى نعيد اكتشاف مواهب قريبة من موهبتها. رحم الله فاتن حمامة حلماً رائعاً وقيمة كبيرة وموهبة فريدة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حلم فاتن حمامة حلم فاتن حمامة



GMT 20:27 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

الحرب الأوكرانية.. أولوية أميركية

GMT 08:57 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

هل وصلت دمشق متلازمة 1979؟

GMT 08:56 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

جهتا العقل والقلب

GMT 08:55 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... ولحظة سقوط الجدار

GMT 08:54 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

مع حسّان ياسين والحُكم الرشيد

GMT 08:53 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

«زوبعة» اجتياح الخرطوم!

GMT 08:52 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

أین توجد مقبرة الملكة نفرتیتي؟

GMT 08:50 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا بحكومتين والثالثة في الطريق

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:56 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

الدبيبة يكشف عن مخاوفة من نقل الصراع الدولي إلى ليبيا
  مصر اليوم - الدبيبة يكشف عن مخاوفة من نقل الصراع الدولي إلى ليبيا

GMT 00:01 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الرئيس السيسي يؤكد دعم مصر لكل مؤسسات الدولة اللبنانية
  مصر اليوم - الرئيس السيسي يؤكد دعم مصر لكل مؤسسات الدولة اللبنانية

GMT 06:53 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

اعتماد قواعد تسجيل الدراسات العليا في الجامعات المصرية

GMT 17:35 2018 الإثنين ,12 شباط / فبراير

شركة "فيات" تشكف عن سيارة عائلية مميزة في 2018

GMT 05:46 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

غوميز تكشف أنّها ستضع صحتها ضمن أولوياتها

GMT 12:40 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

طوني ورد يكشف عن أزياء راقية للمناسبات الصيفية

GMT 06:40 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

المصري يستضيف بتروجت في مواجهة قوية في الدوري

GMT 00:51 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

مروة ناجي تدعم الطفلة أشرقت في "ذا فويس كيدز"

GMT 18:51 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

نهاية اليوم الأول لفتح باب الترشيح داخل النادي الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon