عمرو الشوبكي
حسمت إذاعة حوار الفريق أحمد شفيق مسجلًا، أمس الأول، الجدل الذى دار حول منع الدولة له، وبدا الأمر وكأن الخلاف (غير المعلنة أسبابه) بين الفريق والدولة يمكن أن يحل، وسيجعل موقف من بايعوا رئيس الجمهورية ونسوا رئيس حزبهم فى غاية الصعوبة، خاصة إذا عاد الفريق إلى مصر واتضح أن نفاقهم للرئيس كان من أجل قضية خاسرة.
واختلفت التكهنات حول طبيعة هذا الخلاف، فهناك من اعتبر أن هناك خلافاً بين الفريق أحمد شفيق والرئاسة، واعتبر البعض الآخر أن هناك خلافا بين تيار داخل الدولة والفريق، وشهدنا على أثره سيلاً من المبايعات يخرج من حزب الحركة الوطنية إلى رئيس الجمهورية، حتى ملأ البعض شوارع محافظة الجيزة وغيرها بلافتات تقول: «داعمون وسنظل داعمين للرئيس عبدالفتاح السيسى» دون أن يطلب منهم أحد القيام بهذه المبايعة التى كانت أحد أسباب استقالة شفيق من رئاسة الحزب.
من المؤكد أن هناك ملايين المصريين يؤيدون عن قناعة الرئيس عبدالفتاح السيسى، والمشكلة ستبقى فى التأييد الزائف أو المنافق الذى «يبيع» فيه البعض رئيس حزبهم- لأنه فى محنة- لصالح رئيس جمهورية لأنه فى السلطة، فالمهم هو دعم مَن فى السلطة، وبالطبع لو أصبح الفريق رئيسا لكانت أعداد الداعمين ومن سيظلون داعمين بمئات الآلاف.
الغريب أن رئيس الجمهورية لم يبد فى أى لحظة إعجابه ولا تعاطفه ولا حتى تواصله مع هذا النوع من قوافل المبايعة، ولم يعرف عنه سعادته بهذا النوع من النفاق ولا حتى ارتياحه له، ومع ذلك يصر البعض على الاستمرار فيه، حتى لو كان على حساب الحد الأدنى من احترام النفس، ولا نقول أبسط مبادئ الانتماء الحزبى.
فلو افترضنا- وهو أمر وارد وطبيعى فى السياسة- أن هناك خلافا بين الرئاسة وأحمد شفيق، فهل من الطبيعى أن يبايع بعض أعضاء حزب الأخير الرئاسة دون أن يطلب أحد منهم ذلك، وهو الأمر الذى دفع الرجل للاستقالة من رئاسة الحزب- رغم أن هناك كثيرين داخل حزبه رفضوا الاستقالة ورفضوا هذا النوع غير الصادق من نفاق رئيس الجمهورية؟
إذاعة الحوار خطوة إيجابية وعودة الفريق إلى مصر أمر طبيعى مادام لا يوجد حكم قضائى ضده، أما حالة النفاق السياسى فهى أسوأ آفات المنظومة السياسية المصرية.
والحقيقة أن خلاف رؤساء أحزاب مع رأس النظام السياسى مسألة تكررت فى مصر، فهناك خلاف البرادعى مع النظام واستقالته التى صدمت الكثيرين داخل حزبه «الدستور» وخارجه، واستقال على أثرها الكثيرون من الحزب، ولكن لم يخرج الحزب أى بيان أو رسالة يتبرأ فيها من خطوة البرادعى، نفاقاً للسلطة القائمة، حتى لو اعترض على خطوة البرادعى أغلب الرأى العام، صحيح أن من نافقوا الرئيس من حزب الحركة الوطنية ليسوا كل أعضاء الحزب، ولكن ما فعلوه، خاصة فى توقيته، يدل على انعدام كامل للحد الأدنى من الالتزام بأى مبدأ أو قيمة فى الحياة قبل الالتزام الحزبى.
لا يوجد معنى أخلاقى أو سياسى واحد يبرر هذا النوع من المبايعة فى واقع يحتاج إلى مفردات من نوع العمل والإنجاز والإصلاح والتنمية وليس التهليل والصراخ والنفاق والتطبيل.
على الدولة أن تحسم أمرها فيما يخص قضية شفيق، فمهما كانت الخلافات الشخصية أو تباينات الرؤى، فإن على النظام السياسى أن يثق فى قدراته، وأن يتعامل مع منافسيه بالسياسة لا بالإقصاء أو الاستبعاد.