توقيت القاهرة المحلي 05:09:20 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مبروك السبسي

  مصر اليوم -

مبروك السبسي

عمرو الشوبكي

حين يختار مجتمع من المجتمعات الديمقراطية نظاما أساسيا للحكم، فإنه حتماً يجتهد قدر الإمكان لتنقية مفرادته السياسية، ويعمل على احترام قواعد اللعبة الديمقراطية التى اتفقت عليها نخبته السياسية، مهما كانت نتائجها، وهو يعنى فى النهاية أن هذا البلد على الطريق الصحيح، مهما كانت التحديات والمشاكل.

والحقيقة أن الفوز المستحق للرئيس التونسى الجديد الباجى قائد السبسى (88 عاما) جاء ليقدم بهذه المعانى رسائل متعددة من هذا البلد الصغير لكل العالم العربى، خاصة مصر، فالرجل ينتمى لجيل يشتمه كل يوم البعض نتيجة فشله وتعثره، فلم يجد إلا جملة «دولة العواجيز» لمواجهة كل مجتهد وعقابه على كبر سنه أو صغره، دون أدنى إحساس بقيمة اختيارات الناس وجهدهم، بصرف النظر عن صوابه أو خطئه.

فالرئيس السبسى ينتمى للوجه الإيجابى أو المقبول من النظام القديم فى عصر بورقيبة، مؤسس الجمهورية التونسية، ورمز تحررها الوطنى، وعاد إلى النشاط السياسى بعد الثورة فى 2011 بعد أن أبعد منذ سنة 1991 (زمن حكم بن على)، وبعد أن شغل مهام رئيس مجلس النواب، ليتفرغ للنشاط الثقافى والفكرى، إذ صدر له مؤلف مهم حول الزعيم التونسى الراحل الحبيب بورقيبة.

والمؤكد أن السبسى امتلك خبرة سياسية ومهنية (مدنية) مهمة، وهو يمكن تشبيهه برجالات دولة مصريين كجمال الجنزورى وعمرو موسى وأحمد شفيق، الذين تم إفشال مشاريعهم بعد ثورة يناير بوسائل مختلفة، سواء فى رئاسة الوزراء أو رئاسة الجمهورية.

والحقيقة أن ما جرى عقب إعلان فوز السبسى بـ55.68% من أصوات الناخبين على منافسه المنصف المرزوقى واعتراف الأخير بالهزيمة، ثم شكر قائد السبسى منافسه الرئيس المنتهية ولايته، المرزوقى، قال: «أتوجه بالشكر إلى السيد الرئيس السابق منصف المرزوقى الذى هاتفنى منذ حين، وهنأنى على ثقة الشعب. أشكره وأقول له إن الشعب التونسى لايزال فى حاجة إليه، وأنا شخصياً فى حاجة إلى نصائحه».

الفارق يبدو بكل أسف كبيرا بين ما جرى فى مصر عشية انتخابات الرئاسة الأولى فى 2012 حين كانت البلاد أمام فرصة حقيقية لبناء تحول ديمقراطى أهدره معظم الفاعلون السياسيون، خاصة جماعة الإخوان المسلمين، فالمنافس الذى واجه مرشح الجماعة اتهم بأنه فلول، واعتبر أنه لا يمكن أن يقبل الشعب المصرى بانتخاب مرشح الثورة المضادة، الذى لو فاز سيواجه بالدم، ومن اصطلح على تسميتهم بمرشحى الثورة نزلوا ميدان التحرير ليعلنوا بعد خسارتهم عدم اعترافهم بالنتائج، وأن الثورة مستمرة، وكأن القبول بالديمقراطية مرهون بفوزهم.

تونس اعترفت، مثل كل تجارب النجاح، أن الجسر الأول للانتقال من النظام الاستبدادى إلى نظام ديمقراطى يحتاج إلى إصلاحيين من النظام القديم حتى تضمن عملية العبور الآمن نحو الديمقراطية، أما البلاد التى وقعت أسيرة خطاب المراهقة الثورية، واستدعت نظريات من متاحف التاريخ تتحدث عن ثورات دائمة أو مستمرة سقطت فى براثن الفشل أو التعثر.

الرجل الكبير الذى ينتمى إلى دولة العواجيز بامتياز فى تونس كان هو صمام الأمان لانتقال تونس خطوة مهمة نحو الديمقراطية، صحيح أن غيبوبة الإخوان جعلتهم يتحدثون عنه، باعتباره مرشح الثورة المضادة، وغيرها من المفردات التى لم تقنع أغلبية الشعب التونسى.

مبروك الباجى قائد السبسى الفوز المستحق، ومبروك لتونس الخطوة الأولى على طريق نجاح تجربة يتيمة فى تجارب دول الربيع العربى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مبروك السبسي مبروك السبسي



GMT 17:20 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

أميون يخططون لمستقبلنا!

GMT 17:17 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

صوتى لكامالا هاريس

GMT 17:17 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان.. خلاف الأولويات

GMT 07:07 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

«الحياة الأبدية» لمقاتلي روسيا

GMT 07:02 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... السنجاب المحارب!

GMT 07:00 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الأولوية الإسرائيلية في الحرب على لبنان

GMT 06:58 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

تثمين العقلانية السعودية

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

من ينتخب الرئيس... الشعب أم «المجمع الانتخابي»؟

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:20 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يؤكد أنه سيقر بهزيمته إذا كانت الانتخابات عادلة
  مصر اليوم - ترامب يؤكد أنه سيقر بهزيمته إذا كانت الانتخابات عادلة

GMT 01:37 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق مختلفة لاستخدام المرايا لتكبير المساحات الصغيرة بصرياً
  مصر اليوم - طرق مختلفة لاستخدام المرايا لتكبير المساحات الصغيرة بصرياً

GMT 02:38 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يؤكد أن هناك الكثير من عمليات الغش في فيلادلفيا
  مصر اليوم - ترامب يؤكد أن هناك الكثير من عمليات الغش في فيلادلفيا

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد هنيدي يتراجع عن تقديم عمّ قنديل في رمضان 2025
  مصر اليوم - محمد هنيدي يتراجع عن تقديم عمّ قنديل في رمضان 2025

GMT 15:53 2018 الإثنين ,12 آذار/ مارس

إستياء في المصري بسبب الأهلي والزمالك

GMT 10:53 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على وصفات طبيعية للعناية بالشعر التالف

GMT 02:56 2018 الأربعاء ,04 تموز / يوليو

الفنانة ميرنا وليد تستعد لتقديم عمل كوميدي جديد

GMT 19:15 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

سامح حسين يكشف عن الأفيش الأول لـ"الرجل الأخطر"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon