توقيت القاهرة المحلي 18:53:42 آخر تحديث
  مصر اليوم -

معضلة التحالفات السياسية

  مصر اليوم -

معضلة التحالفات السياسية

عمرو الشوبكي

عادة ما تُشكَّل التحالفات السياسية بين قوى وأطراف حزبية لمواجهة أخرى تختلف معها فكريا وسياسيا، فنجد تحالفاً لليسار فى مواجهة اليمين، وتحالف القوى الديمقراطية فى مواجهة اليمين المتطرف الذى يهدد النظم الديمقراطية، كما جرى فى كثير من المجتمعات الأوروبية، وهناك أخيرا تحالف القوى المدنية فى مواجهة تحالف التيارات الدينية كما يحدث فى العالم العربى.

إحدى معضلات التحالفات السياسية المدنية فى مصر أنها لا تعرف بالضبط من تواجهه، أو بالأحرى لا تعرف بصورة واضحة حجم خصمها الرئيسى، أى التيار الدينى، خاصة الإخوان المسلمين: هل سيترشحون من الأصل فى الانتخابات؟ وهل بشكل علنى أو مستتر، وما هو وزنهم الحقيقى الآن بعد تراجعهم؟ وهل سيقدمون مرشحين غير معروفين ويخترقون أحزابا موجودة بوجوه إخوانية غير معروفة؟.. كل هذه تساؤلات تجعلهم غير ظاهرين وغير محددة قوتهم الحقيقية فى مواجهة القوى المدنية اليمينية واليسارية، وهو ما يمثل أحد العوامل التى ساعدت على عدم وجود تحالف مدنى واحد وواضح لعدم وجود هذا الخصم الواضح.

صحيح أن البعض يعتبر حزب النور هو هذا الخصم الواضح، والواقع يقول إن بعض الاتجاهات المدنية اليمينية والمحافظة لا تجد غضاضة من التحالف مع حزب النور (كما جرى بالفعل)، والبعض الآخر يجده أقرب لها من اتجاهات يسارية أو ثورية أو علمانية متطرفة.

وهناك معيار آخر يتعلق بالانقسام بين تحالف يعتمد بشكل أساسى على أعضاء الحزب الوطنى وبين تحالف يضم قوى «الثورة» والقوى التقدمية والليبرالية، والحقيقة أن هذا المعيار عاد وتقلص حتى تعلق فقط بمن مارسوا فسادا وإفسادا وتورطوا فى جرائم فى العهد السابق أو الأسبق، نظرا لأن كل التحالفات السياسية المطروحة تضم تقريبا أعضاء سابقين فى الحزب الوطنى، وجميعهم يقولون إنهم لم يكونوا فاسدين أو مفسدين، حتى أصبح من المستحيل أن تؤسس تحالفا انتخابيا تقول إنه تحالف ثورة يضم الأنقياء والشباب الثورى فى مواجهة تحالف الفلول الذى يضم الثورة المضادة، فقد اختلطت الأوراق ولم يعد هناك تحالف ثورى كامل أو تحالف «فلولى» مطلق، فيكفى أن تحالف الجبهة المصرية الذى يضم بعض القوى والأحزاب اليمينية والمحافظة والمحسوب بعضها على نظام مبارك ضم حزب التجمع اليسارى، كذلك فإن هناك بعض القوى اليسارية التى تفضل أن تتحالف مع حزب المصريين الأحرار اليمينى عن تحالفها مع حزب تقدمى مثل الاجتماعى الديمقراطى الذى اختار بدوره أن يتحالف مع الوفد، رغم أنه حزب يمين وسط بدلا من التحالف مع قوى يسار الوسط.

صحيح أن هناك أيضا خلافات شخصية بين قادة الأحزاب والقوى السياسية تعوق بناء التحالفات، وأيضا أمور أخرى تتعلق بنسب التمثيل لكل حزب أو تيار داخل التحالف، وهو مفهوم فى بلد مازال فى بداية تحوله الديمقراطى، إلا أن غياب الأساس الفكرى والسياسى الذى سيبنى عليه التحالف وسيواجهه به خصومة، جعل التحالفات فى مصر مأزومة بدرجة كبيرة.

ستبقى التحالفات السياسية فى مصر قائمة ومتعثرة فى نفس الوقت، وأرى من الصعب أن يوجد تحالف يضم جميع القوى السياسية بداخله، لأنه لا يوجد شعور حقيقى «بالخطر الانتخابى» حتى لو كان هناك شعور بالخطر السياسى على البلد والدولة، لأن التحالفات هى بحكم التعريف كائن انتخابى وسياسى، وطالما ظلت التحالفات معزولة عن أى أساس فكرى وسياسى ولا تواجهه خصم انتخابى محدد فستبقى هناك معضلة حقيقية لهذه التحالفات.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معضلة التحالفات السياسية معضلة التحالفات السياسية



GMT 08:57 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

هل وصلت دمشق متلازمة 1979؟

GMT 08:56 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

جهتا العقل والقلب

GMT 08:55 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... ولحظة سقوط الجدار

GMT 08:54 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

مع حسّان ياسين والحُكم الرشيد

GMT 08:53 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

«زوبعة» اجتياح الخرطوم!

GMT 08:52 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

أین توجد مقبرة الملكة نفرتیتي؟

GMT 08:50 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا بحكومتين والثالثة في الطريق

GMT 08:49 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

عن الرئيس ورئاسة الجمهورية!

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:38 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر
  مصر اليوم - إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024
  مصر اليوم - الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 09:13 2023 الثلاثاء ,12 أيلول / سبتمبر

بلماضي يعلن أن الجزائر في مرحلة بناء منتخب قوي

GMT 20:43 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

الرئيس السيسي يبحث القضايا الإقليمية مع نظيره القبرصي

GMT 02:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

رغدة تكشف كواليس مشاركتها في مسرحية "بودي جارد" مع عادل إمام

GMT 01:03 2020 السبت ,19 كانون الأول / ديسمبر

تقارير تؤكد أن لقاح كورونا يسبب العدوى أيضًا

GMT 08:57 2020 الخميس ,22 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسمنت في مصر اليوم الخميس 22تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 07:50 2020 الأربعاء ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الحديد في مصر اليوم الأربعاء 7 تشرين أول /أكتوبر 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon