نهاد ابو القمصان
فى يونيو عام 2008، وافق مجلس الشعب المصرى على تجريم ختان الإناث فى قانون العقوبات، من خلال الحكم بالسجن لمدة 3 أشهر كحد أدنى، وسنتين كحد أقصى، أو بدفع غرامة تتراوح بين 1000 جنيه مصرى كحدٍ أدنى، و5000 جنيه مصرى كحدٍ أقصى (مرفق صورة من قانون العقوبات)، ورغم أن هذا التعديل كان أقل كثيراً من الوصف القانونى لهذا النوع من الجرائم، حيث تصل عقوبة إحداث عاهة مستديمة فى جسم إنسان إلى سبع سنوات سجناً، ورغم أن الختان هو قطع جزء من جسم طفلة يحدث عاهة مستديمة، لكن تحت الضغط المجتمعى تم تشريع عقوبة أقل، لكنها رغم تواضعها خطوة مهمة على طريق الحماية ساهمت بنسبة كبيرة فى تراجع ممارسة هذه الجريمة، وكان من المفترض أن تقوم الدولة بأدوار متعددة، من أهمها إيجاد آلية عمل لمتابعة تنفيذ القانون، حيث تضمن قانون الطفل تشكيل لجان على كافة المستويات المحلية لتتولى حماية الأطفال، من خلال تحديد، ودعم، ومتابعة الأطفال المعرضين للخطر، نتيجة للإهمال وسوء المعاملة، بما فى ذلك الفتيات المعرضات لمخاطر الختان، علاوة على ذلك، ولإظهار اهتمام مصر بإنفاذ القانون، استضافت فى عام 2008 اجتماعاً إقليمياً تحت عنوان «إعلان القاهرة + 5»، الذى أتى كمتابعة لاجتماع عام 2003 الذى انعقد أيضاً فى القاهرة والذى أسفر عن الإعلان عن وثيقة قانونية مهمة بشأن ختان الإناث، وهى «إعلان القاهرة من أجل القضاء على ختان الإناث»، وقد استهدف مؤتمر 2008 متابعة توصيات المؤتمر السابق وإطلاق حملة دولية تهدف إلى إحياء الاهتمام العالمى بقضية ختان الإناث، تزامن هذا مع إصدار وزارة الصحة المصرية مرسوماً وزارياً ليحذر الجميع، بمن فى ذلك الكوادر الطبية، من إجراء عمليات ختان الإناث، فى المستشفيات والعيادات الحكومية وغير الحكومية، على حد سواء.
دعم هذا المرسوم وانطلاقاً من المسئولية تجاه البنات أصدر مفتى الجمهورية آنذاك، فضيلة الشيخ على جمعة، فتوى تدين ختان الإناث، كما صدر بيان عن المجلس الأعلى لمجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر، يوضح أن «ختان الإناث لا أساس له فى جوهر الشريعة الإسلامية أو أى من أحكامها الجزئية»، كل هذا الزخم تراجع تحت وطأة صعود التيارات السياسية المتاجرة بالدين وما أتيح لها من مجال لبخ أفكار مسمومة ليس لها علاقة بالدين وإنما بشهوات حيوانية لا ترى فى البنات الصغيرات غير جسد يعد للاستخدام حتى لو كانت رضيعة، نشروا جنوناً من نوعية إمكانية زواج الرضيعة والدخول بها لو تحتمل الوطء، وطبعاً ما يقرر هذا فقر أهلها وحيوانية المشترى، فضلاً عن استباحة الأجساد وتقطيعها بالختان أو ما هو أفظع، وتحت ابتزاز هذه التيارات للدولة المصرية بكل أجهزتها لم يعد هناك اهتمام بقانون أو آليات عمل، بل إن المجلس القومى للطفل تعرض لمخاطر لم يعد فيها قادراً على أداء عمله، لذا أجد فى عودة الحملات التليفزيونية المناهضة للختان بداية عودة الروح للدولة المصرية، بداية إفاقة الأم من الغيبوبة لتهتم بحماية بناتها، رغم استمرار التعاون مع تجار الدين والتنسيق غير المفهوم وكأننا أمام دولة برأسين، رأس يستعيد الروح والوعى، ورأس غارق فى حسابات المصالح الضيقة، ولحين تناغم الرأسين أو توحيدهما يظل الاهتمام بالختان إحدى حلقات اهتمام الدولة بالحماية لا بد أن تستكمل بتفعيل القانون وآليات العمل به.