بقلم : نهاد أبو القمصان
ما زال مترو الأنفاق فى مصر من أفضل وسائل المواصلات، وقد كان سابقاً نموذجاً للنظافة والرقى حتى إنه شجع الكثير من مالكى السيارات على التخلى عن سياراتهم وركنها بجوار أقرب محطة مترو واستخدام المترو تجنباً لأزمة الركن وتوتر الطرق وغيره، وهذه الرحلة كانت ممتعة بالنسبة للكثيرين، حيث الراحة من ضغط القيادة والاستمتاع بسماع موسيقى أو قراءة كتاب على الرغم من الازدحام، وكان لدىّ أمل أن تعمم التجربة لتصبح كافة وسائل المواصلات مشجعة تجعل الطبقة الوسطى تتخلى عن ضغط استخدام سيارة خاصة مع ارتفاع تكلفة ذلك، لكن المترو بدلاً من أن ينشر الأداء الحسن وتنتقل التجربة وتتوسع لتشمل كل مواصلات مصر ما زال يعانى، ورغم ارتفاع أسعار التذكرة وقبول المصريين هذا الارتفاع على مضض بأمل أن تعود الخدمة إلى سابق عهدها لكن ما زالت المشكلات تواجة الركاب، بدءاً من احتلال الباعة الجائلين المحطات إلى غياب سلات المهملات فى بعض المحطات، فقد فوجئ الركاب بعدم وجود السلات المعدنية المعلقة ومرور بعض العاملين بكرتونة ورقية حتى يضع الناس المخلفات من أكياس طعام أو كنزات مشروبات فيها، فى مشهد عبثى تسولى بامتياز، وأصبح شعار حاملى الكرتونة «كل سنة وانت طيب - كل سنة وانتى طيبة»، مع غزو الكرتونة وحامليها للمترو لم يعد أمام الركاب غير إلقاء المهملات على الأرض أو على القضبان الحديدية.
لقد تكرر الحديث أن لا أمل فى الإصلاح إلا برفع قيمة التذاكر، وتم ذلك، إذن أين خطة الإصلاح ولماذا تأخرت، فمن يدفع يريد أن يرى نتائج لدفعه، فإذا كان رفع سلات المهملات من بعض المحطات فى إطار تطوير شامل للنظافة سيركب معه سلات أفضل، لماذ لم يتم تركيب الجديدة فى نفس الوقت، ولماذا نترك الفرصة لتراكم القمامة فى الممرات ويصبح مرتعاً للحشرات وبيئة جاذبة للمجرمين، ولماذا نعطى الفرصة ونفتح الباب لتعليم بعض العاملين التسول، وإذا كان مترو الأنفاق سوقاً رائجة للباعة الجائلين ولم يعد ينفع حتى مطاردة الأمن، لماذا لا نستفيد من التجربة لإقامة أكشاك بيع راقية بمواصفات محترمة تساهم فى تطوير الخدمة وتدعيم الوجود الأمنى وتحسين مستوى النظافة، كل متروهات العالم فى المدن الكبرى تحولت إلى مول كبير ونظيف وراق من خلال استغلال الممرات، نجد ذلك فى لندن ونيويورك وباريس وجنيف، هذا الأمر لا بد من دراسته بعناية وسرعة أيضاً لاستغلال المساحات فى المحطات، فبالإضافة إلى العائد المادى سوف نوجد أصحاب مصالح فى تحسين ممرات المترو من إنارة ونظافة وهم أصحاب الأكشاك الزجاجية، ليكون هناك طرف ثالث معنى، ولا يقتصر الأمر على ركاب المترو والإدارة فقط، لأن المشكلة أكبر من مجرد تطوير وسيلة مواصلات، بل قضية أمنية فهذه الممرات إن لم يعتن بها ويتم الاهتمام بالأمن والنظافة والإنارة قد تصبح مرتعاً للمجرمين وتصبح السيطرة عليها فى غاية الصعوبة.
نقلًا عن الوطن القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع