بقلم : نهاد أبو القمصان
شهد التغيير الوزارى تعديلاً غير مسبوق فى عدد الوزيرات، حيث تشهد مصر لأول مره فى تاريخها تولى السيدات ثمانى وزارات، فقد اعتدنا منذ تاريخ تولى المرأة هذا المنصب فى عهد الرئيس جمال عبدالناصر أن تشغل المرأة وزارتين أو ثلاثاً، وعادة تكون وزارات غير مؤثرة، إلا أن عصر الرئيس السيسى شهد نقلة غير مسبوقة، فقد شهدنا فى الوزارة السابقة ست وزيرات وارتفع العدد إلى ثمانٍ فى هذه الوزارة. وفى تقديرى، يعود هذا التطور إلى عاملين أساسيين، الأول هو توافر الإرادة السياسية متمثلة فى تبنى رئيس الجمهورية خطاباً داعماً للمرأة يسعى لتحويله إلى إجراءات عملية.
الثانى هو الوزيرات أنفسهن، فقد أثبتت كل من الوزيرات الست فى الوزارة السابقة كفاءة وتميزاً وحضوراً راقياً واقعياً وإعلامياً، فهن جميعاً متعلمات تعليماً متميزاً وخلفياتهن المهنية تعكس كفاءة محلياً ودولياً.
أيضاً لم نشهد عبثاً بالتصريحات، وإنما رزانة ورصانة فى التعامل مع الملفات إعلامياً، بل إن جميعهن كن على وعى بمحاولات استدراجهن فى قضايا فرعية أو استفزازهن بادعاءات كاذبة أو تعليقات غير لائقة، لكنهن لم يقعن فى الفخ، الذى وقع فيه كثير من الوزراء الرجال، بل إن كل وزيرة تحملت مسئولية ملف، أدارته باقتدار، وإن تغيرت سمات هذه الإدارة، فهناك من تواجه بقوة، ومن تعمل بهدوء، الأمر الذى جعلهن موضع ثقة من الرئيس فهن أكثر إنتاجية وأقل صخباً.
أيضاً شجعن الرئيس على مزيد من الاعتماد على الكفاءات النسائية، وهنا لا بد من شكر الوزيرات اللاتى كن السبب فى زيادة العدد، وأن نتعلم منهن الدرس جيداً.
وأخص بالذكر البرلمانيات اللاتى وصلن إلى ٩٠ برلمانية بفضل عوامل عدة، منها النضال الطويل للحركة النسائية لتخصيص مقاعد للمرأة بما يسمى «كوتة»، ورغم أن بعض البرلمانيات معترضات على مبدأ الكوتة، فإنهن لم يكن يستطعن دخول البرلمان دونه فقد كان أعلى مشاركة للنساء سابقاً خمس سيدات على النظام الفردى، وثمانى عشرة بنظام القائمة.
لذا يعد وصول تسعين سيدة للبرلمان هو نقطة مفصلية واختباراً صعباً، حيث يتوقف على أدائهن الإيجابى، وخاصة فى قضايا النساء، استمرار التجربة من عدمه،
فإن كان أداؤهم إيجابياً، ويشكلن قوة ضغط لصالح قضايا النساء اللاتى دخلن البرلمان باسمهن، سيتم دعم وجودهن، بل المطالبة بزيادة مشاركتهن، أسوة بتونس والجزائر اللتين تمثل فيهما المرأة بالثلث فى البرلمان، أى إنهن سوف يحافظن على ثقة الفئة التى ناضلت من أجل وجودهن.
أما إذا لم يكن أداؤهن إيجابياً فى نظر النساء، فستكون المرأة المصرية أول من يطالب بإلغاء كوتة المرأة، لأنهن سيجدن رجالاً كثيرين يعبرون عنهن أفضل.
خلاصة القول: إن الأداء الرفيع للوزيرات لم ينصب عليهن فقط، وإنما فتح الباب للمزيد، فهل للبرلمانيات أن يتعلمن الدرس؟
نقلًا عن الوطن القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع