نهاد ابو القمصان
مبادرة مهمة قامت بها وزارة البيئة مع عدد من الجمعيات الأهلية لحماية الشواطئ المصرية باسم «خلى الساحل ساحر»، تقوم على إعلانات راديو وربما أدوات أخرى لتوعية المصريين حول خطورة إلقاء الأكياس البلاستيكية على الشواطئ أو فى المياه وما ينتج عنها من آثار مدمرة للحياة البحرية والشعب المرجانية، وتلوث يمس كل شىء وتشرح بلغة بسيطة أثر ذلك على الشواطئ وعلى المواطنين أنفسهم.
وهو اتجاه مغاير لما كان من قبل يقوم على فكرة احترام المواطنين حتى لو كان سلوكهم سلبياً، ومدهم بالمعلومات وتوصيل الرسائل ليفهم الجميع الأثر المباشر على مصالحهم المباشرة دون جلد المواطنين بلغة حنجورية مقعرة حول الوطنية، أو رجمهم بالحجارة والتعالى الشديد على سلوكيات سلبية دون شرح أو تعليم للناس.
فى مشهد عبقرى للفنان الكبير عادل إمام فى فيلم السفارة فى العمارة، لقاء مع أحد المسئولين تحدث مطولاً عن مصالح مصر العليا، فكان رد المواطن عادل إمام بسؤال بسيط «ماذا عن مصالحى أنا السفلى؟»، ورغم أنه مشهد كوميدى إلا أنه واقعى يعبر عن الحقيقة فالجميع يحب مصر ويعشق ترابها، لكن أيضاً الثقافة المصرية تؤكد أن «اللى يعوزه البيت يحرم على الجامع» أى أن الدائرة تبدأ بالمصالح الفردية وعلى مصر أن تراعى مصالح أولادها السفلى أيضاً أو أن تعلم أبناءها أن المصالح العليا لا تنفصل عن المصالح السفلى وأن مصلحة كل مواطن هى فى قلب اهتمامات الوطن.
لذا لفت نظرى فى الحملة أنها تتخذ مقاربة تعليمية، تفهيمية تجمع ما بين المصلحة العامة ومصلحة المواطنين الخاصة فى المتعة والصحة والسلامة وأرجو أن تستمر لوقت كافٍ حتى تؤتى ثمارها.
أيضاً على العاملين فى مجال السياحة التفكير الجدى فى عمل حملات تعلم المصريين كيفية التعامل فى الفنادق والحفاظ عليها وكميات الطعام التى يحتاجونها عند الدخول لأماكن الطعام المتاحة للجميع باسم البوفيه المفتوح، فالمتابع لوضع السياحة فى هذه الأيام يحزن حزناً عميقاً على قطاع يعانى كل من فيه وأيضاً تعانى مصر كلها لانحسار ما كان يقدمه من عملة صعبة، وأمام هذه الحالة الصعبة وجد كثير من المصريين أن عليهم واجباً وأن لهم حقاً.
عليهم واجب مؤازرة أولاد بلدهم فى قطاع السياحة وإنعاش هذا القطاع بالسياحة الداخلية، ولهم حق فى التمتع بجمال البلد تطبيقاً للمثل الشعبى «وجحا أولى بلحم توره»، فى الحقيقة هذا التفكير بقدر نبله إلا أنه قوبل برفض وتهجم من العاملين فى قطاع السياحة وبأن المصريين يدمرون الفنادق ويستهلكون كميات هائلة من الطعام، وغير ذلك من الأحاديث التى تنم عن عنصرية وتعالٍ وعقدة الخواجة.
بالتأكيد بعض المصريين لديهم سلوكيات سيئة لكن بقليل من حملات التوعية والصبر يمكن مشاركة هؤلاء المواطنين فى تحمل المسئولية، أيضاً وضع قواعد متعلقة بالملابس اللائقة فى الأماكن المختلفة سواء فى شوارع الشواطئ أو ملابس البحر والتعامل معها بجدية قد يساعد على انتعاش السياحة الداخلية لتسد فجوة كبيرة، لاسيما أن السياحة الدولية التى تأتى فى مصر ليست سياحة الطبقة العليا وإنما أيضاً رقيقة الحال وعندما نتابع عروض المجىء إلى مصر نحزن من رخص الرحلة، فقد كانت دعاية إحدى الرحلات لمصر فى بلد أوروبى أن «قضاء أسبوع فى شرم الشيخ أرخص من شراء حذاء» ولا أعرف مصدر الكسب فى هذه السياحة الرخيصة سوى العملة الصعبة.
لذا أتمنى من العاملين فى قطاع السياحة التفكير جدياً فى إشراك المواطنين بالتوعية بالسلوكيات الإيجابية وأثرها عليهم، وعمل محفزات بتقديم خدمات أفضل بدلاً من رجمهم بالشكوى والتريقة.