نهاد ابو القمصان
هند شابة، فوجئت أثناء سيرها فى منطقة إقامتها بسائق توك توك يقترب منها ويضع يده على مواطن العفة لديها، وجميع المارة شاهدوا ما حدث للفتاة، لكن لم يكن لهم أى رد فعل وانصرف كل منهم فى طريقه تاركاً الفتاة وحقها، لن أقول لو كانت ابنتهم، لأن فى الحقيقة مثل هؤلاء البشر حتى لو كانت ابنتهم لن تسخن عروقهم أو يهموا للدفاع عنها، لكن هند تحلت بالشجاعة وأصرت على الدفاع عن حقها المنتهك، وذهبت للقسم وحررت محضراً، وكانت استجابة الشرطة سريعة، فخلال ساعات تم القبض على المجرم، الذى أنكر فى بداية الأمر إلا أنه اعترف وطلب الصلح بعد ذلك، حرصت النيابة على تطبيق القانون عند إحالة الشاب للتحقيق وتم حبسه 4 أيام على ذمة التحقيق، وتم تجديدها إلى خمسة عشر يوماً، وذلك استناداً إلى نص قانون العقوبات والتعديلات التى أدخلت لتشديد العقوبات لإعادة الأمن للنساء والفتيات ومن ثم المجتمع كله، وقد نص قانون العقوبات على تشديد عقوبات التحرش ليعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من تعرض للغير، وفى حالة العود تضاعف عقوبتا الحبس والغرامة فـى حديهما الأدنى والأقصى.
أيضا نص القانون لأول مرة على مصطلح التحرش الجنسى ونص على عقاب الجانى بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، وفى حال تشديد العقوبة تصل إلى الحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنين والغرامة التى لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تزيد على خمسين ألف جنيه.
لكن ما قام به الشاب إن ثبت يشكل جريمة هتك عرض تصل عقوبتها إلى السجن خمسة عشر عاماً، ولأن القانون يظل حبراً على ورق بلا قيمة طالما لم ينفذ ويشكل رادعاً للنفوس الإجرامية، لم يتوقع هذا الشاب وكثير غيره من أن تجرؤ الشابة على الإبلاغ، وإن تجرأت لن تتخذ الشرطة إجراء، وإن قامت الشرطة بتحرير محضر فسوف يتم حفظه، لكن الأمر لم يسر طبقاً لتصوراته، لذا يسعى أهل الشاب للضغط على ضحية التحرش للتنازل عن المحضر، خاصة أن وصف المحضر تم تعديله من تحرش جنسى إلى هتك عرض، الأمر الذى تصل فيه العقوبة إلى 15 عاماً.
وكما تخاذل المارة فى حى هند عن دعمها لا يكتفى الجيران بالتخاذل بل يحاول جيران وعائلة هند وأهل الشاب الضغط عليها للتنازل عن المحضر، مستخدمين الشعارات والأكلشيهات التى طالما أرهبت البنات وقطعت ألسنتهن حتى تفشت هذه الجرائم فى المجتمع مثل وباء الطاعون، ألا وهى
«هتفضحى نفسك، يا بنتى حافظى على سمعتك وعلى سمعة إخواتك البنات، محدش هيتجوزك، الشاب أهله طيبين، كفاية إنه اتحبس كام يوم يعنى أخدتى حقك آهو، الشاب فرحه بعد العيد»، السيد المتهم عريس وفرحه بعد العيد، أى لا يعانى من كبت ولا انعدام قدرات لكنه يعانى من عدم احترام نفسه وبنات الناس، بيلعب بأجساد البنات وقطعاً لم تكن المرة الأولى، لكن المؤكد بعد اتخاذ الإجراءات القانونية ستكون الأخيرة، ونكون أنقذنا المجتمع من هذا الطاعون الذى لم يضرب المتحرشين فقط وإنما ضرب الأسر والعائلات التى ترضى بالظلم وتبرره وتضغط على الضحية، لقد قامت الشرطة والنيابة بدور مهم، ورغم أنه لا شكر على واجب لكن هنا وفى ظل ثقافة اجتماعية مثل هذه لا بد أن نشكرهم ألف مرة، ونحيى شجاعة هند، لأن القليلات اللاتى لم تقطع ألسنتهن هن صاحبات الفضل لإدراك هذا المرض فى المجتمع.