بقلم: نهاد أبو القمصان
تشكل الجمعيات الأهلية ضلعاً أساسياً من أضلاع التنمية، وقد تطور العمل الأهلى بصورة متسارعة فى العالم وفى مصر أيضاً، الأمر الذى أصبح معه إصدار قانون جديد للجمعيات الأهلية أمراً لا غنى عنه، لذا عملت العديد من الجمعيات الحقوقية، بالمشاركة مع الجمعيات التنموية الكبرى، على تقديم مسودة قانون للنقاش العام، وامتد النقاش لعدة سنوات قُدمت من خلالها العديد من المسودات، إلى أن تولت الوزيرة المحترمة الدكتورة غادة والى، التى دعت عدداً من الخبراء وقيادات المجتمع المدنى للخروج بمقترح موحد يتراضى عليه الجميع ويأخذ بعين الاعتبار المحاذير الوطنية.
واستطاعت وزيرة التضامن، بعد مناقشات عدة، الوصول إلى صيغة توافقية لبت مطالب العديد من الأطراف، لكن الرياح لم تأتِ بما تشتهى السفن، وأصدر البرلمان قانوناً مغايراً جاء فى ظل ظروف شديدة التعقيد فأدى إلى مزيد من التعقد، جمّد العمل الأهلى لأكثر من عامين، كما أدى إلى تردد العديد من الجهات الدولية تجاه التعاون التنموى مع مصر واختيار دول أخرى فى المنطقة العربية مقراً لمكاتبها الإقليمية بدلاً من مصر، بل إن العديد من الدول رحبت بالمؤسسات الدولية وقدمت لها تسهيلات واعتبرت وجودها على أرضها قيمة مضافة، ولم تقتصر الخسائر على خروج العديد من المؤسسات، بل واجهت مصر العديد من الانتقادات على المستوى الدولى حول حرية الجمعيات والتجمع.
وأخيراً تم إلغاء القانون الذى كبّد مصر العديد من الخسائر، وتمت العودة إلى القانون التوافقى الذى عملت عليه وزارة التضامن مع الجمعيات الأهلية وتم النقاش حوله وإصداره ودخل أخيراً حيز النفاذ 19 أغسطس.
تضمّن القانون العديد من النقاط الهامة، منها على سبيل المثال لا الحصر: يكون تكوين الجمعيات الأهلية بمجرد إخطار الجهة المختصة، وهى وزارة التضامن الاجتماعى، وتكوين الجمعية بالإخطار عملية سهلت كثيراً إنشاء الجمعيات.
أجاز لغير المصريين ممن لهم إقامة قانونية دائمة أو مؤقتة فى مصر الاشتراك فى عضوية الجمعية أو مجلس إدارتها بما لا يجاوز نسبة 25% من عدد الأعضاء.
كما أجاز لأى من الجاليات الأجنبية فى مصر، بترخيص من الوزير المختص، إنشاء جمعية تعنى بشئون أعضائها بشرط المعاملة بالمثل.
ويجوز للجمعية أن تشارك فى ممارسة نشاط أهلى لا يتعارض مع هدف الجمعية مع جمعية أو هيئة أو منظمة أجنبية بشرط الحصول على ترخيص من الجهة الإدارية.
كما يمكن فتح فرع خارج جمهورية مصر العربية بعد موافقة من الجهة المختصة.
وطبقاً للقانون الجديد، تنشأ بوزارة التضامن وحدة ذات طابع خاص تُسمى «الوحدة المركزية للجمعيات والعمل الأهلى»، تختص بالإشراف والرقابة على الجمعيات والاتحادات والمؤسسات الأهلية والمنظمات الأجنبية غير الحكومية، الأمر الذى سوف يساعد فى دعم الجمعيات بتحديد جهة واحدة تتعامل معها الجمعيات، ومن الهام أن يتمتع العاملون فيها بالخبرة والرؤية لأهمية ودور الجمعيات.
كما أضاف القانون إنشاء جهاز قومى، يسمى «الجهاز القومى لتنظيم عمل المنظمات الأجنبية غير الحكومية» يتبع رئيس مجلس الوزراء، وهو إجراء من المتوقع أن يكون له أثر إيجابى على دعوة المنظمات الدولية للعمل فى مصر وتسهيل عملها.
وإن كان القانون قد تضمّن العديد من النقاط الإيجابية فإن أهمها على الإطلاق إلغاء العقوبات التى كان ينص عليها القانون، لأنه أمر يتعارض مع فكرة العمل التطوعى بالأساس، فالعقوبات السالبة للحرية مكانها قانون العقوبات وليس قانون العمل الأهلى التطوعى، لذا نأمل أن يكون هذا القانون بداية جديدة لدعم العمل الأهلى فى مصر وإصلاح العديد من الآثار السلبية عن الفترة السابقة.