نهاد ابو القمصان
اتصلت بى سيدة تشتكى أنها كانت فى عملها، وعندما عادت وجدت باب الشقة مكسوراً ومحتويات الشقة من مبالغ مالية ومصوغات ذهبية مسروقة، شعرت بفزع شديد، وعلى الفور قامت بالاتصال بالنجدة وكانت الإجابة بأنهم سيحضرون خلال ساعة، ومرت أكثر من ساعة دون أن يحضر أحد، وعاودت الاتصال مرة أخرى، فأكدوا أنه خلال ساعة سيحضرون، ومرت الساعة الثانية والثالثة دون أن يحضر أحد وعاودت الاتصال للمرة الثالثة، فقالوا لها أن تحضر إلى القسم لتحرير محضر بالسرقة، دون أن يعيروا انتباه كيف لها أن تترك المنزل وباب الشقة مكسور دون معاينة من النجدة.
ولم تكن هذه الحالة الوحيدة، فتلك الشكوى متكررة لدى قطاع عريض من المواطنين الذين يستنجدون بالنجدة ليتفاجأوا بأنه لا مجيب ولا منجد، والرد الدائم: اذهب لعمل محضر فى القسم.
هنا التساؤل الملح من ينجد النجدة؟
فإذا كانت من مهام شرطة النجدة فحص الشكاوى والانتقال لدوائر الأقسام المختصة بهذه الشكاوى تتقاعس عن أدائها، فإلى من يلجأ المواطنون الذين لديهم شكاوى عاجلة إذا كانت النجدة فى حاجة إلى نجدة لتقوم بأدوارها؟!
وكيف سيكون رد فعل شرطة النجدة إذا ما اتصلت بهم سيدة تتعرض للعنف وتحاول طلب النجدة لنجدتها من بين براثن من يتعرض لها، فى ضوء نسب عنف ضد المرأة عالية جداً، فطبقاً لمسح التكلفة الاقتصادية للعنف القائم على أساس النوع الاجتماعى والصادر عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء تعرضت نحو 46% من النساء اللاتى سبق لهن الزواج فى الفئة العمرية من 18 - 64 عاماً فى مصر لأحد أشكال العنف من قبل الزوج سواء كان عنفاً نفسياً أو بدنياً أو جنسياً. أى أن هناك امرأة واحدة على الأقل من بين كل ثلاث نساء فى المتوسط تتعرض للعنف الجسدى أو الجنسى أو للإيذاء النفسى مرة واحدة على الأقل خلال فترة حياتها.
أى عانت نحو 7 ملايين و888 ألف امرأة من العنف خلال العام الماضى، سواء من قِبل الزوج، أو الخطيب، أو أفراد العائلة، أو البيئة المحيطة، أو الأماكن العامة، وأن نحو 2.49 مليون سيدة فى الشارع و1.72 مليون سيدة فى المواصلات العامة يتعرضن للتحرش سنوياً، كما تظهر النتائج أن السيدات فى عمر الإنجاب هن الأكثر ضعفاً وهشاشة، فنحو 40% من السيدات فى الفئة العمرية من 18 إلى 24 عاماً معنّفات، وأن العنف ضد المرأة لا يقتصر على إقليم بعينه أو مستوى تعليمى، بل يمتد إلى كل المستويات التعليمية وكل الأقاليم،
وأظهرت النتائج أيضاً أنه لم تتعد النساء المستعينات بالشرطة 75 ألف سيدة، أى أقل من 50%، وهذا يعد مؤشراً خطيراً حول الثقة فى قدرة النجدة على الإغاثة وإذا اعتبرنا أن من أهم أسس النجاح قياس رضاء العميل، فطبعاً هذا المؤشر يدل على عدم وجود رضاء على الإطلاق.
وبالطبع أن العنف ضد المرأة له تكلفة اقتصادية عالية لا تدفعها المرأة فقط بل يدفعها المجتمع ككل، فانتهت الدراسة إلى أن تكلفة النساء وأسرهن فقط من جراء العنف بلغت بحد أدنى نحو 2.17 مليار جنيه فى العام الماضى، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.
فبدلاً من أن يستنزف المجتمع 2.17 مليار جنيه تكلفة العنف ضد المرأة خلال العام كان من الممكن أن تحل معظم تلك المشكلات لو تم نجدة اللاتى تعرضن للعنف، وإذا كانت النجدة بعافية يمكننا التفكير معاً فى طرق نجدتها.