توقيت القاهرة المحلي 11:01:46 آخر تحديث
  مصر اليوم -

وزير التعليم ومهمة إنقاذ الأُسود

  مصر اليوم -

وزير التعليم ومهمة إنقاذ الأُسود

بقلم : نهاد أبو القمصان

الحياة اليومية لأى طفل فى مراحل التعليم من أولى ابتدائى إلى الثانوية العامة هى الذهاب للمدرسة ثمانى ساعات، ثم العودة للمنزل منهك القوى كارهاً للمدرسة والمدرسين والتعليم برمته، ما إن يتحرر من هذه الزنزانة المسماة خطأ بالمدرسة حتى يعود للمنزل ليبدأ سلسلة من العذاب فى دروس إما فى المنزل ليستقبل مدرساً أو مدرسة يكرههما لشرح مادة يكرهها، أو الخروج مع أمه أو أبيه للدرس، وهى مرحلة تعذيب مشترك له ولأسرته جسمانياً ومادياً ومعنوياً، هذه الدائرة العبثية تنتج لنا فى سوق العمل أشباه متعلمين، لا يعلمون شيئاً عما درسوه لنبدأ مرحلة أخرى من التعذيب وهى القضاء التام على ثقة هؤلاء الخريجين فى أنفسهم أو فى أى علم تعلموه، ورغم أن الجميع يعانى فى هذه الدائرة البائسة، إلا أن الأسر المصرية ترفض أى تغيير، وتنظر أى أم معذبة فى هذه الدائرة لأم أخرى سولت لها نفسها أن تنأى بأولادها عن هذا العبث ولا تعطى دروساً أو تتعامل مع التعليم بأهدافه وليس بدرجاته ودروسه، على أنها قطعاً أم مذنبة فى حق أولادها بل مهملة وتستحق العقاب، وأى خطة للخروج من دائرة البؤس هذه لا يستجيب لها الأهالى بل يهاجمون من يحاول فعل أى شىء لوقف هذه المهزلة، هذا الأمر يذكرنى بعمليات إنقاذ الأسود، حيث يتعرض المدافعون عن حقوق الأسود إلى الهجوم من الصيادين ومن الأسود أنفسهم، ولكن ربما لأن الأسود لا تعى فعلياً عملية الإنقاذ أما الأسر وأولياء الأمور والطلاب يتعاملون مع محاولات التغيير بمنطق «شر نعرفه أحسن من خير لا نعرفه»، والحقيقة ما نحن فيه هو شر مطلق وليس تعليماً، وإذا استمر الوضع كذلك سيكون الأهالى أنفسهم هم من يقضون على مستقبل أولادهم، لأن حقيقة أن ما يحدث ليس تعليماً إنما ببساطة استلام كتب وزارة لا يستخدمها الأولاد، ثم شراء كتب خاصة مبتسرة بلا أى تعليم وإنما تستهدف التركيز على إجابات نموذجية للوصول إلى درجات امتحانات وليس المعرفة المفيدة للمستقبل وسوق العمل، دروس خاصة لذات الهدف وهو الدرجات، دوامة دامية بلا نتيجة، لينقسم الخريجون إلى فئة تجيد لغات وتعلمت بصورة جيدة، تحظى بالوظائف المعقولة والمرتبات المقبولة، وفئة لم تتعلم ولا تجد عملاً وإن وجدت لا يكفى الراتب تكلفة الذهاب للعمل، هذه الدائرة أصبحت حاضرة وبقوة فى سوق العمل وتتسع، ما يحاول وزير التعليم فعله هو كسر هذه الدائرة البائسة والدامية لكن أمامه معارضة شرسة من الطلاب وأولياء الأمور، وطبعاً أصحاب المصالح المستفيدين من الكتب والأبنية التعليمية والتوريدات وغيره، لذا أرى حملات شرسة، من صور مدارس لا يوجد بها مقاعد للأطفال، إلى الحديث عن مليارات ضائعة فى التطوير، إلى أبنية متهالكة، كل هذا قد يكون حقيقياً، وقد يكون مصطنعاً، وقد يكون جزءاً من الحقيقة، ولكنه مضخم لخلق رأى عام ضد التطوير، لكن المؤكد أن الوزارة ما زالت غير قادرة على التواصل مع أصحاب المصالح الأساسيين وهم الطلبة وأولياء الأمور، والمؤكد أن مهمة تطوير التعليم ليست سهلة، فربما إنقاذ الأسود المعرضين للخطر أسهل حتى وإن كانت الأسود قد تهجم على المدافعين عنها وتقتلهم، لذا أتمنى أن يتمكن الوزير من حصد نتائج يشعر بها الناس قريباً، وأن يسوق أفكاره بطريقة أكثر تواصلاً مع أصحاب المصالح الحقيقيين وهم الطلاب والأسر ولكن بلغة أكثر دفئاً وبال أطول فى الشرح ومتابعة عرض التطورات والنتائج.

 

نقلًا عن الوطن القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وزير التعليم ومهمة إنقاذ الأُسود وزير التعليم ومهمة إنقاذ الأُسود



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon