نهاد أبو القمصان
مع اقتراب انتخابات مجلس النواب تلجأ الأحزاب السياسية والقوى الثورية لتكوين تحالفات لخوض الانتخابات من خلالها، لتكوين جبهة قوية للأحزاب ذات الأيديولوجية المتقاربة لحصد أكبر عدد من الأصوات بدلاً من تفتيتها بين أكثر من حزب.
وتطالعنا الصحف بشكل يومى عن العديد من تشكيلات للتحالفات التى قررت خوض الانتخابات المقبلة والمدقق لهذه التحالفات يجد أنها تحالفات تفتقد النظر إلى المرأة، بمعنى أنه لا يوجد اهتمام بإدماج السيدات واجتماعاتها المستمرة قلما تدعى لها النساء نتيجة غياب الرؤية النوعية لهذه الأحزاب، رغم الشكوى الدائمة من جانب الأحزاب لرفضها النص على عدد محدد من السيدات على القوائم
والتساؤل الذى يطرح نفسه الآن هو هل المشكلة فى عدم وجود كوادر نسائية أم فى عدم وجود رؤية كلية للأحزاب أم فى كسل الأحزاب فى البحث عن السيدات؟
فى الحقيقة فإن الأحزاب تفتقد الكوادر عامة النسائية والرجالية والشبابية وغيرها وهو ما يبرر رفضها لقانون الانتخابات، فلا يوجد لدى الأحزاب قواعد بيانات منظمة يمكن من خلالها حصر العضويات بدقة وتقييم مدى جدية الأعضاء، أيضاً لا يوجد برامج جادة لإدماج الأعضاء وبناء واستثمار قدراتهم، فالواقع يؤكد وجود الكوادر النسائية وإنما المشكلة الحقيقية فى غياب النساء عن ذهن من يؤسس الأحزاب والتحالفات الحزبية. فمنذ سنوات طويلة تدعى الأحزاب عدم وجود سيدات قادرات على المشاركة السياسية دون أدنى مجهود من الأحزاب لمراجعة بيانات عضوية الحزب والمؤسسين لأنه بمراجعة تلك البيانات سيجد كل حزب ما لا يقل عن 1000 سيدة، وأكثر من هذا العدد من الشباب وعدداً كبيراً من الأقباط.
ورغم ذلك كانت انتخابات مجلس الشعب 2011 صادمة حيث تساوت ترشيحات الأحزاب للنساء على قوائمها فى التزام الجميع بالحد الأدنى الذى حدده القانون، فرغم التوجه الليبرالى الواضح للكتلة المصرية جاءت ترشيحات النساء على قوائمها 15.8%، وحزب الوفد الليبرالى 13.7%، غير بعيدة عن ترشيحات حزب الحرية والعدالة التابع لجماعة الإخوان المسلمين التى وصلت إلى 13.6%، وكذلك حزب النور السلفى الذى وصلت ترشيحات النساء على قوائمه التى أطلق عليها «ترشيح المضطر» إلى 13.2%.
وبالرغم من ادعاء كافة القوى السياسية باختلاف انتماءاتها بأن التقاعس عن دعم مشاركة المرأة يرجع لعدم تقبل المجتمع المصرى لمشاركتها، واعتمادها فى تحليلها لهذا الادعاء على التنوعات الجغرافية والقبليات والعصبيات، إلا أن مؤشرات الترشيح لانتخابات مجلس الشعب 2011 جاءت مغايرة تماماً، حيث وصلت أعلى نسبة ترشيح للمرأة على القوائم فى محافظتى شمال سيناء وأسوان حيث كانتا أعلى المحافظات ترشيحاً للنساء على نظام القوائم بنسبة 28.8%، تلتها محافظة الوادى الجديد الحدودية بنسبة 27% والتى تتميز بالطابع القبلى «من الجدير بالذكر أن المرأة المنتخبة الوحيدة فى مجلس الشورى السابق كانت تنتمى لمحافظة الوادى الجديد».
ثم جاءت الأقصر بنسبة 25% تساوى معها كل من محافظات البحر الأحمر والسويس والإسماعيلية بنسبة 25%.
أما القاهرة الكبرى التى تضم ثلاث محافظات هى القاهرة والجيزة والقليوبية وتضم أكبر رقعة مدنية فى مصر، فقد وصلت ترشيحات النساء على القوائم فى محافظة القاهرة إلى 13%، والجيزة 13% والقليوبية 17.7%.
الأمر الذى يؤكد ضرورة مراجعة القوى السياسية قراءتها للواقع الجغرافى والديموغرافى واتجاهات الناخبين لعل ذلك يسهم فى إعادة النظر فى مواقفها النمطية تجاه المرأة والعمل بجدية لدعم الكوادر النسائية بها وجذب المزيد فى ضوء كتلة تصويتية للنساء لا يمكن الاستهانة بها.