توقيت القاهرة المحلي 16:08:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الثورة والزعيم

  مصر اليوم -

الثورة والزعيم

نهاد أبو القمصان


أتابع وأنا خارج مصر بكثير من الاهتمام زيارة الرئيس إلى الأمم المتحدة وردود الفعل حول الزيارة والكلمة، كما أتلقى سؤالاً متكرراً من المصريين المقيمين فى الخارج، سؤالاً يعبر عن قلق كبير ويترجى إجابة محددة وهو هل ثورة يناير كانت حقاً مؤامرة؟ وهو سؤال ناتج من الحملة السوداء لكل من كانوا مستفيدين من عصر الفساد والاستبداد على ثورة أثرت على مصالحهم بصورة مباشرة، سؤال يحمل فى طياته كثيراً من الألم والحزن على ثورة عاشها المصريون فى الخارج بقدر ما عشناها مع إحساس فائض بالحنين والعجز عن العودة والوقوف فى ميدان التحرير، إحساس فائض بالفخر والانتماء لبلد عظيم ثار الناس فيه على حاكم تعامل معهم باعتبارهم حيوانات المزرعة التى سوف يورثها لابنه، كان كل مصرى ومصرية خارج مصر يمشى فى الشوارع منتصب الهامة، مرفوع الرأس، يتلقى التهانى من كل المحيطين، فإذا بالثورة تتخذ منحى آخر يتيح الفرصة لضباع كثيرة تحاول الإجهاز عليها، سؤال طرحه الكثيرون لا يريدون إجابة غير الإشارة إلى الواقع الذى يمسكونه فى أيديهم ويرونه بأعينهم، واقع أن هناك رئيساً منتخباً يتحدث فى الأمم المتحدة حديث الواثق والقادر، حديثاً لرجل يعرف قدر الدولة التى يمثلها والشعب الذى ثار ليحدد مساراً وثار حينما انحرف المسار وأعاده، شعب ثار على الاستبداد السياسيى والاستبداد الدينى، حديث رئيس لم يسمعه المصريون منذ زمن بعيد، حديثاً لم يكن يقال دون الثورة التى كانوا فخورين بها ويريدون الاستمرار فى الفخر بها بلا تشكيك يفقدهم الإيمان بأى شىء.

فالدول تسير بواسطة حكامها للمستقبل عبر طريقين لا ثالث لهما، وهما إما التنمية أو التثوير، فالوصفة السحرية للثورة تعتمد على عوامل داخلية بالأساس وهى غياب التنمية وما يستتبعها من غياب العدالة الاجتماعية والسياسية وانفراد الحكام بالبلاد والعباد، لكن قد تظل الأوضاع مبردة إلى أن تلتقى بعوامل خارجية، ليست تآمرية بالضرورة ولكن ربما تكون ذات صلة بالتطور، مثل الثورة الهائلة فى تكنولوجيا المعلومات وسرعة تداول المعلومات، أو عوامل سياسية دولية أخرى تستثمر الغليان الداخلى من الأوضاع الظالمة، أى أن الظلم هو المحرك الأساسى للثورة، وقد زاد الأمر فى مصر بالإهانة واحتقار المصريين فى الداخل وانعكاس ذلك على حياتهم فى الخارج، لذا شعر كل مصرى خارج مصر باسترداد كرامته مع ثورة يناير، باسترداد مصر العظيمة والكبيرة، الأمر الذى كادت الأبواق السوداء فى الإعلام تجهز عليه نتيجة الجهل والحقد على الثورة، لكن حضور الرئيس السيسى وكلمته أمام الأمم المتحدة جعلت المصريين فى الخارج كما المصريين فى الداخل يعودون للتحلق حول التليفزيونات مثلما تحلقوا فى يناير 2011، ينتظرون ماذا سيقول ابن الثورتين، هل سيقدم خطاباً باهتاً بارداً يملأ به الفراغ كما كان بالسابق، يرعى مصالح الآخرين بأكثر من مصالح مصر، أم خطاب يؤكد ما ضحى من أجله الشعب وتحمل، فجاء الخطاب عظيماً ليؤكد للمصريين فى الخارج والداخل أن مصر عائدة وبقوة لمكانتها التى تستحقها، خطاب لم تشهده الأمم المتحدة منذ ستينات القرن الماضى، إشارة البدء للمصريين والعرب وكل الشعوب الحالمة بالنمو والعدالة بأن دول العالم النامى سيعاد لها صوتها، وأن أفريقيا الحبيب المجروح من الهجر المصرى ستعود إلينا وسنعود إليها، هذا الخطاب المهم الذى قدمه زعيم يعرف قدر الشعب الذى يمثله يستتبع عملاً هائلاً للبناء عليه فى الخارج قبل الداخل، لكنه أيضاً أعاد الثقة للمصريين أن الثورة بدأت تؤتى ثمارها.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الثورة والزعيم الثورة والزعيم



GMT 09:09 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 09:05 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 09:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 09:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 09:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 09:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 08:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 08:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon