نهاد أبو القمصان
صدر قرار رئيس الجمهورية بتشكيل لجنة عليا للإصلاح التشريعى، يكون هدفها إعداد وبحث ودراسة مشروعات القوانين والقرارات الجمهورية وقرارات رئيس مجلس الوزراء، فضلاً عن بحث ودراسة ومراجعة مشروعات القوانين الرئيسية.
ويعد هذا القرار مهماً لحل مشكلة تعدُّد القوانين وتضارُبها فى بعض الأحيان، لكن تبقى المشكلة فى تشكيل هذه اللجنة وأى لجنة أخرى، أنها تعتمد على معايير محايدة فى واقع لم يكن أبداً محايداً تجاه المرأة، فعادة ما تبدو المعايير موضوعية، لكنها فى حقيقة الأمر تمثل استبعاداً وإقصاءً للمرأة فى أغلب الأحيان ناتجاً عن ظلم متراكم نتيجة التمييز المتعمّد ضد المرأة فى مجالات مهمة فى صناعة القرار، حيث نص القرار أن يكون تشكيل اللجنة «من رئيس مجلس الوزراء، ووزير شئون مجلس النواب والعدالة الانتقالية، ووزير العدل، ورئيس مجلس الدولة، ومفتى الجمهورية، ووكيل الأزهر، ورئيس هيئة مستشارى رئيس الوزراء، ورئيس قسم التشريع بمجلس الدولة، ومساعد وزير العدل لشئون التشريع، بالإضافة إلى ثلاثة من أساتذة الحقوق، واثنين من رجال القضاء، واثنين من المحامين يختارهما مجلس نقابة المحامين، وثلاثة من رجال القانون من الشخصيات العامة يختارهم رئيس الوزراء»، ولا يوجد أىٌّ من شاغلى هذه المناصب التى أغلبها قضائى امرأة ليس لسبب يعود إليها، ولكن لموقف القضاء المتعنّت من تعيين النساء لعقود، أما المناصب الأخرى فحدث بلا حرج عن التمييز ضد أساتذة الجامعات وعدم وصولهن إلى الرئاسة أو العمادة إلا فى القليل النادر، كما يخلو مجلس نقابة المحامين من أى محامية، نظراً لهيمنة الإخوان عليها لسنوات طويلة.
هذا التشكيل يفتقد إلى غياب الضمانات لوجود المرأة فى هذه اللجنة أو غيرها، ويكرّس إقصاء النساء ويسهم فى افتقاد القوانين رؤية نصف السكان.
لذا لا بد أن يكون هناك شرط حاكم فى تشكيل هذه اللجنة وأى لجنة «بألا تقل عن الثلث لضمان تمثيل نصف المجتمع».
فدون هذا الشرط ربما لا يتذكر من يقوم بالتشكيل مشاركة المرأة أو يعتبره عبئاً ثقيلاً يضطر معه إلى وضع امرأة على سبيل الديكور وذراً للرماد فى العيون، ولنا فى كتابة الدستور مثل وعبرة، حيث خلت لجنة الخبراء العشرة من خبيرة واحدة.
ولم تكن المرأة فى لجنة الخمسين أوفر حظاً، حيث اقتصرت أغلب الجهات فى مصر على دعم المرأة شفوياً فقط دون الالتزام بالتطبيق.
ورغم ما تلعبه قطاعات الفنون والآداب من دور تنويرى مهم وتذخر أدبيات الكتاب والمثقفين بكتابات عن ضرورة إلغاء التمييز والإقصاء للمرأة المصرية، لم يرشح المثقفون فى أى قطاع، سواء المجلس الأعلى للثقافة أو اتحاد الكتاب أى سيدة، لا أساسية ولا احتياطية.
ولم ترشح النقابات المهنية (محامين، أطباء أو حتى صحفيين أو النقابات والاتحادات العمالية أو الفلاحية) أى سيدة لا أساسية ولا احتياطية.
وغياب شروط نوعية حاكمة فى معايير الاختيار جعل حتى رئيس الوزراء ملتزماً بالحد الأدنى الوارد فى القرار الدستورى لتشكيل لجنة الخمسين، الذى نص على ضرورة تمثيل المرأة بما لا يقل عن 10، لكن ترشيحات مجلس الوزراء فيما يتعلق بالمرأة اكتفت بالحد الأدنى، وهو امرأة واحدة عضو أساسى وامرأة واحدة عضو احتياطى، الخلاصة دون شرط حكم لمشاركة المرأة سيتم إقصاؤها، سواء عمداً أو سهواً.