توقيت القاهرة المحلي 03:42:58 آخر تحديث
  مصر اليوم -

صباحى والسيسى.. «مغازلة» المرأة من أجل 25 مليون صوت

  مصر اليوم -

صباحى والسيسى «مغازلة» المرأة من أجل 25 مليون صوت

نهاد أبو القمصان

يدرك كل من مرشحى الرئاسة فى مصر حجم الكتلة التصويتية النسائية التى تبلغ ما يقرب من 25 مليون ناخبة، وما طرأ على هذه الكتلة من تغير على مستوى الوعى والفعل، فلم تعد المرأة المصرية مفعولاً به تأتمر بأمر العائلة أو القبيلة، خاصة فيما يتعلق بصندوق الانتخابات، وقد أثبتت الكتلة التصويتية النسائية قدرتها على التغيير سواء عبر الصندوق أو الشارع، لذا يحرص كل من المرشحين على التحدث عن المرأة وإليها، ولكن أى المرشحين يحمل رؤية واضحة حول حقوق المرأة واحتياجاتها؟ وأبدأ بالترتيب الزمنى لإعلان الترشح.
المرشح حمدين صباحى
البرنامج الانتخابى له مبنى على مقاربة تنموية لحقوق المرأة مفادها أن التنمية عامة ستعود بعوائد على كل الفئات المصرية ومنها المرأة ومن ثم لا يفرد لقضايا المرأة أو حقوقها مساحة مستقلة ولا يقدم خطة عمل بآليات محددة نستطيع بها تحديد درجة التقدم المرجو على مستوى الحقوق أو تقييم وقياس هذا التقدم.
هذا الخطاب يُعد خطاباً قديماً تجاوزته كل الأدبيات ذات الصلة بحقوق المرأة منذ ثمانينات القرن الماضى وأيضاً الأدبيات ذات الصلة بالتنمية، حيث تؤكد المؤسسات التنموية والاقتصادية العالمية ضرورة اتخاذ تدابير لضمان نسب محددة لمشاركة النساء سواء فى صناعة القرار التنموى أو الاستفادة من الخدمات وعوائد التنمية، وخطاب حمدين هنا يعتبره المتخصصون والمهتمون بحقوق المرأة وخبراء التنمية انعكاساً لتوجه لم يثبت نجاحه، فالمقاربة التنموية لم تحقق تقدماً يُذكر على مستوى النساء، فهن أفقر الفقراء فى العالم، حتى أصبح مصطلح «الفقر امرأة» بمثابة إدانة لكل نظريات التنمية القديمة، فمعدلات التنمية العالية فى كثير من الدول إن لم يصحبها قواعد محددة لتوزيع عوائد التنمية تأخذ بعين الاعتبار معايير النوع (الجندر) لا تستفيد النساء منها على الإطلاق، بل تزداد فقراً وعوزاً، مما يساهم فى ارتفاع معدلات العنف ضدها نظراً لعدم قدرتها على المقاومة ويؤدى إلى تحملها انتهاكات خطيرة لعدم وجود بديل.
فعلى سبيل المثال، قد ينجح حمدين فى حال توليه الرئاسة فى توفير فرص عمل لكن تظل النساء والشابات عاطلات عن العمل لإعطاء الأولوية للشباب استناداً إلى عادات قديمة ترى أن الرجل يعيل أسرة دون النظر إلى أن ثلث الأسر تعيلها امرأة وحدها وأكثر من 80% من الأسر بحاجة إلى عمل المرأة بجانب عمل الرجل، وقد ينجح فى توفير مساكن لكن تظل النساء بلا مأوى أو يعشن فى عنف منزلى شديد دون إيجاد بديل، فى ضوء تراجع مفهوم العائلة الممتدة ولم يعد هناك بيت أب تعود إليه المرأة إذا احتاجت للسكن، فضلاً عن منظومة التأمين الاجتماعى والصحى والتمييز فى العمل والترقى وتولى المناصب وغير ذلك كثير، كل هذا يستلزم قواعد بيانات تأخذ معيار النوع الاجتماعى (الجندر) بعين الاعتبار وتضع آليات تستطيع مواجهة المعيقات المبنية على عادات وتقاليد تجاوزها الواقع الاجتماعى والاقتصادى.
المرشح عبدالفتاح السيسى
يحظى عبدالفتاح السيسى برصيد هائل من الثقة لدى قطاعات عريضة من النساء، هذه الثقة مبنية على دوره فى مساعدة مصر من التخلص من نظام الإخوان المسلمين، لذا تعتبره الكثيرات المخلص، ليس فقط لمصر وإنما لهن شخصياً، وكثير ممن يدعون أنهم محللون سياسيون قدموا تحليلات جاهلة، وفى كثير من الأحيان مهينة لثقة النساء فيه واحترامهن له، كلام تافه يحمل تلميحات عاطفية وكأن النساء بلا عقل ووقعن فى الغرام!
أغلب النساء يرين أنه أنقذهن على المستوى الشخصى، حيث لم تدرك هذه الجماعة المنقطعة الصلة عن الواقع المصرى أن تصريحات ممثليهم بإلغاء أو تخفيض سن الزواج وإباحة الختان أصاب النساء بهلع على بناتهن فى وجود قانون أحوال شخصية يعطى للأب أو الجد سلطة مطلقة على الأولاد، الأمر الذى ترجمته النساء بإمكانية استخدام بناتهن كنوع من العقاب للأمهات بتزويجهن عنوة أو بختانهن دون إرادة الأم وضد قناعاتها.
كما شعرت السيدات بالفزع لأن المرأة قد تُرغَم على البقاء فى علاقة تعانى فيها من عنف وانتهاكات عدة أو التنازل عن أبنائها فى حال طلب الطلاق لتتركهم يعانون فى البيئة العدائية التى لم تستطيع هى تحملها إذا تم خفض سن حضانة الأطفال كما كان الإخوان ينوون، فضلاً عن الخراب الذى حل بقطاعات واسعة مثل السياحة وغيرها والذى أقعد المرأة والرجل معاً فى المنزل بلا مورد رزق.
تميز خطاب السيسى للمرأة بـ«الاستدعاء»، الذى كان له فعل السحر، فهو يخصهن بالحديث ولا يتحدث عن الجموع وكأنهن غير مرئيات أو يستند إلى قاعدة نحوية عتيقة وخاطئة بأن الحديث بصيغة المذكر يعنى الرجال والنساء، لذا تميز خطاب السيسى بما يمكن أن يطلق عليه «الحساسية للنوع»، حيث يخص المرأة فى حديثه مواضع عدة منها صندوق الانتخاب، الاقتصاد، توفير الطاقة، كما تحدث عن ضرورة تحويل نصوص الدستور ذات الصلة بالمرأة إلى قوانين وإدخالها حيز النفاذ.
من اللافت أن السيسى يتحدث بهدوء لكنه تحدث بقوة وحدة فى ثلاثة موضوعات أساسية، الأول الأمن القومى والجيش، الثانى رداً على سؤال عن الإضرابات مؤكداً عدم وجود موارد وأن هذه الإضرابات قد تهدم الدولة، والثالث عندما تحدث عن العنف ضد المرأة مؤكداً أنه لن يسمح به ولن يقبل إهانة المرأة المصرية.
لكن يظل خطاب السيسى يميل إلى تعظيم الدور الإنجابى والتأكيد على الأدوار التقليدية بكونها الأم والزوجة والدافع والمسئول عن الأسرة، أيضاً يعظم من دورها ككتلة اقتصادية ويستدعيها للمساهمة فى قوة العمل، وهو خطاب ربما يرتب اهتماماً فى المستقبل بالجوانب الاجتماعية والبنية التحتية التى تساعد المرأة على العمل مثل التوسع فى دور حضانة بأسعار تناسب المرأة العاملة ومستوى لائق بصحة وأمان ورعاية أطفالها.
كما يتحدث السيسى عن دعم دور الدولة فى الاقتصاد، ما يعطى آمالاً واسعة فى الحد من بطالة النساء وتركهن فى سوق العمل غير المنظم يعملن بشروط مجحفة وأجور متدنية، لأن الدولة هى المشغل الرئيسى للنساء ويعد القطاع الخاص طارداً لعمالة النساء لعدم رغبته فى تحمل الأعباء الإنجابية مثل إجازات الوضع ورعاية الأبناء.
لكن يظل أمام السيسى أن يضع هذه التوقعات موضع التنفيذ ليظل محتفظاً بنفس القدر من ثقة النساء واحترامهن، وذلك من خلال آليات محددة على المستوى القومى، هناك ضرورة لوجود استراتيجية وطنية للنهوض بالمرأة فى كافة المجالات وإدخال النصوص الدستورية حيز النفاذ على مستوى التشريعات والسياسات العامة والتنفيذ والمتابعة والتقييم
أيضاً ضرورة وجود استراتيجية وطنية لمواجهة العنف ضد المرأة على المستوى المنزلى أو العمل والمؤسسات الدراسية وفى المجال العام، أن تكون ميزانية الدولة أكثر استجابة لاحتياجات النساء وأن تخصص الموارد، وأخيراً أن تعمم فى مصر قواعد بيانات تراعى معيار النوع حتى تساعد على قياس التقدم ومعرفة مواطن التراجع.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صباحى والسيسى «مغازلة» المرأة من أجل 25 مليون صوت صباحى والسيسى «مغازلة» المرأة من أجل 25 مليون صوت



GMT 20:20 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

انتخابات النمسا وأوروبا الشعبوية

GMT 19:55 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

مصر واليونان وقبرص.. وتركيا

GMT 15:37 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

لبنان.. عودة الأمل وخروج من الأسر الإيراني

GMT 15:33 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

ليلى رستم نجمتنا المفضلة

GMT 08:16 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

انتخابات النمسا وأوروبا الشعبوية

GMT 08:14 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

معضلة الدستور في سوريا

GMT 08:11 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

تقاتلوا

GMT 08:10 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

سوريا بعد الأسد واستقبال الجديد

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:05 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

نجوى فؤاد تكشف حقيقة اعتزالها الفن
  مصر اليوم - نجوى فؤاد تكشف حقيقة اعتزالها الفن

GMT 00:06 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

الأمير ويليام يكشف عن أسوأ هدية اشتراها لكيت ميدلتون

GMT 22:40 2019 الأربعاء ,16 كانون الثاني / يناير

وفاة مهندس في حادث تصادم بعد حفل خطوبته بساعات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon