توقيت القاهرة المحلي 09:10:46 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عندما بكت النار وهى تأكل أبناءنا

  مصر اليوم -

عندما بكت النار وهى تأكل أبناءنا

نهاد أبو القمصان

كان من المفترض أن أكمل مقالات بدأتها عن العنف ضد المرأة وعدم إمكانية السكوت وضرورة التصدى له، لكن شعرت أن السكوت على قتل 18 طالباً وطالبة من أبنائنا محترقين وهم فى طريقهم إلى المدرسة بالإضافة إلى إصابة 19 آخرين بعضهم فى حالة حرجة هو كأننى أشارك فى هذه الجريمة بالصمت.

هذه ليست الحادثة الأولى ولن تكون الأخيرة طالما لا نشعر بهول الكارثة ويسير كل منا فى طريقه يستكمل ما اعتاد عليه، والسؤال الذى يدور فى ذهنى: هل هناك معنى للموت بهذه الطريقة البشعة؟ هل كانت النار تبكى وهى تأكل أبناءنا بهذه القسوة، وهى تشعر بالعجز عن التوقف لأنها بلا إرادة، لكن صراخ الأطفال يؤلمها؟ هل ترأفت بحال الضابط الذى كان مصطحباً زوجته وطفله وأمه فى السيارة الأخرى المنكوبة؟ هل بكت عليهم جميعاً وهى لا تملك التوقف عن التهامهم واحداً تلو الآخر؟ هل كانت سريعة ووهبتهم موتاً رحيماً أم كانت بقسوة البشر الذين انتهت ضمائرهم وتحولت قلوبهم أشد قسوة من الحجر ولا يشعر أى طرف بالذنب، بل يحاول الجميع إلقاء التهم على الجميع لترسو فى النهاية على حوار تافه حول سائقى النقل وكأنهم هم الأشرار والجميع أخيار.

فى الحقيقة، هذه الحادثة جزء من سلسلة جرائم إبادة للشعب المصرى على الطرق؛ فموتانا على الطريق كل عام تخطوا شهداء حرب أكتوبر واقتربوا من شهداء التفجيرات فى العراق والحروب الأهلية فى كثير من الدول.. والمسئولية معروفة.

مهندسو الطرق الذين يصممون طرقاً تخلو من عوامل الأمان والذين يتسلمون طرقاً غير مطابقة لأى مواصفات، إما بالرشوة وإما بضعف الكفاءة، المقاولون المشاركون فى تنفيذ الطرق وهم يعلمون حجم الغش ولكن على يقين أن هذا البلد بلا صاحب واحد يسأل أو يحاسب.

ضباط المرور الذين يقبلون استخراج رخص دون اختبارات حقيقية لأسباب لها علاقة بالمجاملات وغيرها، والذين لا ينفذون قانون المرور بصرامة ويتركون أمناء الشرطة يتعاملون وكأنهم آلهة بأيديهم العقاب أو العفو، وكله حسب التقدير، والذين يخرجون فى حملات مرورية تكشف نسباً هائلة من سائقى النقل المتعاطين للمخدرات ولا يحوَّلون للجنايات بتهم التعاطى!

مسئولو المحليات الذين يتركون الناس تعبث بالطرق وتقوم بعمل مطبات صناعية «ملاكى» أمام كل بيت غير مطابقة للمواصفات وتزيد من تدهور الطرق المهترئة أساساً، والذين لا ينفقون أموال المحليات على خدمات حقيقية تحسن من جودة الطرق والإنارة والنظافة، وتهدر الأموال فى مؤتمرات أو مجاملات أو حفر وردم الشارع الرئيسى، وذلك بلا رقيب أو حسيب، وكله بالحب.

مديرو المدارس الذين يقبلون أن يعبَّأ أطفالنا كالمواشى فى أوتوبيسات أو مركبات لا تصلح للاستخدام ودون الكشف عن كفاءة المركبة أو سائقيها، مسئولو وزارة التعليم الذين يشتكون دائماً من قلة الميزانيات دون النظر فى حسن استخدام هذه الميزانيات وترتيب الأولويات.

والقائمة طويلة.. وفى مقدمتهم كل وزير معنى وذى صلة ورئيس الوزارة ورئيس الجمهورية.

إذا لم ينظر كل منا كل صباح إلى ابنه أو ابنته ويذكر كل طفل التهمته النيران وهو فى طريقه للمدرسة ويدرك المدة الذى ظل يصرخ فيها والألم الذى تحمله، إذا لم نضع أنفسنا مكان كل أم وكل أب أودع طفله فى أمانتنا ليعود له متفحماً أو فى حالة خطرة فلا بارك الله لنا أو لأولادنا.

ولا بارك الله فى وطن يأكل الفساد أولاده ونسير وكأن شيئاً لم يحدث.

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عندما بكت النار وهى تأكل أبناءنا عندما بكت النار وهى تأكل أبناءنا



GMT 07:08 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

عند الصباح: «حَيدروش»

GMT 07:07 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

عند الصباح: «حَيدروش»

GMT 07:06 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

ساركوزي في قفص القذافي

GMT 07:04 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

نعم يا سِتّ فاهمة... الله للجميع

GMT 07:03 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

المجتمعات المعنفة!

GMT 07:01 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

ثورة الاتصالات والضحايا السعداء

GMT 06:59 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

ماسك... رئيس الظل أم الرئيس المشارك؟

GMT 06:57 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

رياح الشيطان!

أيقونة الموضة سميرة سعيد تتحدى الزمن بأسلوب شبابي معاصر

الرباط ـ مصر اليوم

GMT 08:41 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون
  مصر اليوم - أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون

GMT 05:06 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يوجه الشكر لبايدن بسبب دعمه الراسخ لأوكرانيا
  مصر اليوم - زيلينسكي يوجه الشكر لبايدن بسبب دعمه الراسخ لأوكرانيا

GMT 08:54 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أبرز العيوب والمميزات لشراء الأثاث المستعمل
  مصر اليوم - أبرز العيوب والمميزات لشراء الأثاث المستعمل

GMT 00:06 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

الأمير ويليام يكشف عن أسوأ هدية اشتراها لكيت ميدلتون

GMT 22:40 2019 الأربعاء ,16 كانون الثاني / يناير

وفاة مهندس في حادث تصادم بعد حفل خطوبته بساعات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon