توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عندما تريد الدولة

  مصر اليوم -

عندما تريد الدولة

نهاد أبوالقمصان

كان من أهم السمات لأى مناسبات دينية أو اجتماعية هو التحرش الجنسى بالفتيات، وكانت تزداد معاناتهن فى المناسبات التى من المفترض أنها مناسبات سعيدة جراء التحرش بهن، حتى تحولت هذه المشكلة إلى انتهاكات حقيقية لأبسط الحقوق الإنسانية كالحق فى الحركة، حيث تضع كثير من الأسر قيوداً على الفتيات والسيدات فى الخروج للدراسة أو العمل أو التنزه، ما يؤثر على فرصهن فى الحياة، سواء العملية أو الاجتماعية، ووصل الأمر إلى تعبير كثير من الفتيات والسيدات عن حالات من القلق والخوف والإحساس بأنهن يعشن فى سجن كبير اسمه للأسف «وطن».

لذا دأبت المنظمات الحقوقية النسائية على المطالبة بضرورة وجود وتكثيف الوجود الأمنى فى الشارع والرغبة الحقيقية فى إنهاء معاناة النساء، بالإضافة للمطالبة بتعديل قانون العقوبات ليشمل الجرائم المستحدثة، نظراً لعدم وجود قانون للتحرش الجنسى، مما يزيد معاناة النساء اللاتى يلجأن لتحرير محاضر بأقسام الشرطة، الأمر الذى كان يستغله المتحرشون لمعرفتهم جيداً أنه لا عقاب لهم، مع وجود ثقافة تدعم أعمالهم الإجرامية بإلقاء اللوم دائماً على المرأة حال تعرضها للتحرش تحت ادعاء مبررات عدة ما بين أن ملابسها غير محتشمة أو أنها تسير بمفردها. ولم يقتصر الأمر على التحرش الفردى بل امتد ليصل إلى التحرش الجماعى الممنهج ضد السيدات فى الميادين العامة، خاصة فى ذكرى احتفالات ثورتى 25 يناير و30 يونيو، ولم يكن هناك أى رد فعل رسمى بل كان هناك استخدام لبعض المسئولين للثقافة التى تلوم الضحية، وذلك للهروب من مسئوليتهم فى مواجهة جريمة تحولت إلى ظاهرة، حتى وقعت حادثة التحرش بفتاة التحرير أثناء احتفال المصريات والمصريين بفوز الرئيس عبدالفتاح السيسى فى انتخابات الرئاسة، وكأنها كانت جرس إنذار بضرورة وجود إرادة سياسية للقضاء على العنف ضد المرأة خاصة التحرش الجنسى،

ومع تحرك الدولة وتحملها المسئولية لم يعد هناك استخدام للمبررات التافهة أو لوم الضحية، فقد جد الجد وتوافرت الإرادة السياسية للمواجهة، لذلك تقدم الصفوف الجادون وظهرت الخطوات الحازمة، غير القانون فساعد القضاة على المواجهة وصدرت أحكام القضاء لأول مرة فى يوليو الماضى بأحكام المؤبد والسجن 20 عاماً بحق التسعة رجال المتهمين فى قضية التحرش الجنسى بفتاة التحرير، وتعد هذه الأحكام الأشد فى تاريخ قضايا التحرش الجنسى.

وكانت هذه الأحكام بمثابة البداية الحقيقية لإعلاء دولة القانون ورسالة قوية لكل من يفكر فى التحرش بالنساء بأن هناك يداً من حديد فى انتظاره هى يد القانون.

عندما توافرت الإرادة السياسية تمت الاستعانة بالخبراء الدارسين فى وزارة الداخلية لعمل وحدات لمواجهة العنف ضد المرأة تعمل مكتبياً وميدانياً، لذا ظهرت النتائج المباشرة بمرور عيد الفطر بنسبة أقل من التحرش الجنسى عن الأعوام السابقة، حيث رصدت هذا العام 3 حركات مناهضة للتحرش الجنسى 28 حالة تحرش خلال أول أيام عيد الفطر، فيما ضبطت قوات الأمن 5 حالات أخرى، أى بإجمالى 33 حالة تحرش، وهى أرقام أقل بكثير من حوادث التحرش التى حدثت فى الأعوام السابقة، فقد تم تسجيل 727 حالة تحرش وضبط 369 متهماً فى القاهرة وحدها خلال أيام العيد فى عام 2012.

ولم يقتصر الأمر على العيد فقط بل انعكس على الحركة اليومية للفتيات والسيدات والأسر التى شعرت أنها استردت الشارع، فعادت القاهرة والمدن الساحلية مرة أخرى زاهرة لا تنام، فقد استردت أمانها وبهاءها لتثبت أن الدولة إن أرادت فعلت.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عندما تريد الدولة عندما تريد الدولة



GMT 14:09 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تركيا في الامتحان السوري... كقوة اعتدال

GMT 14:07 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الجديدة؟

GMT 14:06 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

سيناء فى عين الإعصار الإقليمى

GMT 14:04 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تنظير في الاقتصاد بلا نتائج!

GMT 10:09 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط والشرع وجروح الأسدين

GMT 10:08 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

بجعة سوداء

GMT 10:07 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

عن «شاهبندر الإخوان»... يوسف ندا

GMT 10:05 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

لبنان... إلى أين؟

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon