نهاد أبو القمصان
آن الأوان أن يشمل التشكيل الوزارى وزيرة لشئون المرأة، فقد أُوكلت شئون المرأة إلى مجلس نشأ سلطوياً بعيداً عن الشعب كنادٍ للسيدة الأولى وتابعاتها والطامعات فى جنتها بدلاً من أن يكون آلية وطنية تجمع الخبراء والمتخصصين والمدافعين والمدافعات عن حقوق النساء للعمل على إلغاء تهميشهن والاستفادة منهن كقوة إنتاجية واجتماعية لبناء الوطن بصورة حقيقية.
مجلس تم تشكيله أكثر من مرة بمعايير ليس لها أى علاقة بالموضوعية، ومن ثم كان العمل فى المجلس يدور وجوباً وعدماً مع توجهات السيدة الأولى، فكان رد فعل المجلس تجاه أول قضية تحرش جماعى بالصحفيات والمحاميات على سلم نقابة الصحفيين، اعتراضاً على التعديلات الدستورية المباركية، هو إدانة الضحايا واعتبارهن المسئولات عما حدث، وجاء على لسان رئيسته وأمينته العامة آنذاك أن المتظاهرات لم يخرجن لقضايا نسائية حتى يدافع عنهن المجلس!!
بعد ثورة 25 يناير حاولنا تغيير تشكيل المجلس ولائحته بما يضمن أن يكون مجلساً وطنياً بحق، معبراً عن كل النساء وننقل ملكيته إليهن، لكن للأسف أصابه ما أصاب مصر كلها من إخفاق، وتم استخدامه بنفس منهج ما قبل الثورة وتحويله إلى مكافأة نهاية الخدمة لبعض الأشخاص، وعندما ظهرت مرة أخرى ظاهرة التحرش الجماعى المنظم، صرخت النساء واعترضت وقدمت بلاغات للنائب العام وخرجت فى مسيرات حاشدة فى الشوارع والميادين تطالب بالتحقيق واتخاذ إجراءات لكشف هذه الجرائم السياسية، التى تصل إلى حد الجرائم ضد الإنسانية، ولكن أداء المجلس ظل على حاله متفرجاً ينتظر الأوامر، مما ساهم فى عزل المجلس وتثبيت الصورة الذهنية عنه بأنه تجمع للهوانم لا صلة له بالنساء، وبعد فجر جديد استحضرته نساء مصر وخرجت تحتفل بالجائزة الكبرى وانتصار إرادتها وإرادة كل المصريين بتعيين رئيس اختارته تمت أعمال تحرش إرهابية انتقامية ضد نساء مصر، جرائم جنائية بدوافع سياسية إرهابية لتشويه النصر والميدان أيقونة الحرية، وقف المجلس القومى للمرأة كعادته ينتظر الأوامر للتحرك بدلاً من أن يكون قائداً للتحرك، مرشداً للدولة عما يجب فعله، وجاء التحرك تلقائياً ومباشراً ممن يحمل إرادة وإحساساً بالمسئولية، بصرف النظر عما إذا كان هذا دوره وواجبه كوزير أو كإنسان، حيث تحركت وزيرة التضامن ووزير الصحة دون انتظار إشارة أو أوامر، وجاء التحرك الذى أعاد لكل النساء كرامته وهو تحرك الرئيس الأمر الذى لم نره من قبل، تحرك يعكس الحس بالمسئولية لا سيما مع ما صاحبه من اعتذار عما فات، ووعد بعدم التكرار، واتخاذ إجراءات للمواجهة الشاملة لهذه الجريمة التى طالما أرقت نساء وبنات مصر وكل زوارها.
أعلن الرئيس عن حزمة من الإجراءات المهمة للقضاء على هذا الإرهاب الجنسى الذى لطخ سمعة مصر وأساء لرجالها قبل نسائها وبناتها، لكن تظل هذه الإجراءات محدودة بمحدودية القضية، وناتجة عن اهتمام الرئيس شخصياً، لكن من الظلم أن نطلب هذا المستوى من الاهتمام من الرئيس فى كل قضية تخص المرأة فى وقت القضايا المهمة والعاجلة على المستويين المحلى والخارجى من الكثرة التى تحتاج إلى شهور وسنين، لذا آن الأوان أن تكون هناك وزيرة لشئون المرأة يتم اختيارها على أسس الكفاءة والخبرة، تساهم فى ترسيخ البعد النوعى فى خطط الدولة ومشروعاتها وميزانيتها والحوار مع بعض الوزراء الذين قد تكون لديهم مصالح فى الحد من مشروعات ذات صلة بالمرأة، مثلما حدث من قرابة شهرين عندما شكلت وزارة العدل لجنة تضم الشئون الاجتماعية والداخلية والصحة والمجتمع المدنى للقضاء على العنف ضد المرأة، ووقف المجلس القومى ضدها واعترض بعض الوزراء على هذه اللجنة مجاملة للمجلس، ونظراً لتعدد مسئوليات رئيس الوزراء لم يعر هذا الملف الاهتمام الكافى الذى ربما لو كانت أنشئت هذه اللجنة لكانت ساهمت فى وضع خطط تأمين للاحتفالات ضد التحرش واغتصاب فرحة المصريين والمصريات.