توقيت القاهرة المحلي 17:13:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الإرهاب.. والعودة إلى الجذور في لبنان

  مصر اليوم -

الإرهاب والعودة إلى الجذور في لبنان

خيرالله خيرالله

حزب الله الذي لا يزال يمتلك حسابات خاصة به يسعى إلى إجبار الدولة اللبنانية على التعايش مع سلاحه بحجة أنه صار الآن يتصدى لـ'داعش'.

ليس ما يحمي لبنان إلّا مؤسسات الدولة اللبنانية. هذا هو الدرس الأوّل الذي يفترض استنتاجه من الجريمة التي كانت منطقة برج البراجنة في الضاحية الجنوبية لبيروت مسرحا لها. من لا يخرج بهذا الاستنتاج، إنّما يعمل من أجل الاستمرار في الدوران في حلقة مغلقة اسمها الإرهاب والتطرّف المتبادلين.

ضرب الإرهاب الـ”داعشي” برج البراجنة. استهدف منطقة يسيطر عليها “حزب الله” أمنيا. معظم الذين سقطوا كانوا مدنيين من أهالي المنطقة أو الباحثين عن لقمة العيش.

تعتبر هذه المنطقة جزءا من الدويلة التي أقامها “حزب الله” في لبنان والتي حوّلت الدولة اللبنانية مجرّد دويلة في دولة الحزب، الذي ليس في نهاية المطاف سوى لواء في “الحرس الثوري” الإيراني.

من يبحث عن الخروج من حلقة الإرهاب والتطرّف ومواجهة إرهاب “داعش” حقيقة لا يستطيع الهرب من الواقع المتمثّل في أنّه آن أوان أن يعيد “حزب الله” حساباته اللبنانية والسورية في آن.

من دون مثل هذه المراجعة التي تصبّ في تمكين الدولة اللبنانية من ممارسة دورها عبر مؤسساتها الأمنية، لن يكون في الإمكان وضع حدّ لعمليات إرهابية من نوع تلك التي استهدفت برج البراجنة حيث يوجد أيضا مخيّم فلسطيني عمره يزيد على خمسة وستين عاما.

هناك أيضا سلاح فلسطيني غير شرعي في المخيّم، إلى جانب سلاح “حزب الله” الذي لا هدف له سوى ضرب مؤسسات الدولة اللبنانية. على سبيل التذكير فقط، لم يهبط وزير الخارجية الأميركي هنري كيسينجر في مطار بيروت في أواخر العام 1973، بل التقى الرئيس اللبناني وقتذاك، سليمان فرنجية، في القاعدة الجوية في رياق. كان ذلك المؤشر الأوّل لبداية النهاية للدولة اللبنانية العاجزة عن استقبال وزير خارجية الولايات المتحدة في مطارها الرسمي. كان لا بدّ من ذهاب كيسينجر إلى قاعدة رياق في سهل البقاع للتأكّد من الفراغ السياسي والأمني في لبنان. استمع وزير الخارجية الأميركي إلى سليمان فرنجية الجدّ يحاول إفهامه ما هي “حقيقة” القضية الفلسطينية. التفت كيسينجر إلى المترجم ليقول له إنّه سيغط قليلا وأن في استطاعته إيقاظه متى ينتهى الرئيس اللبناني من محاضرته!

الأهمّ من المحاضرة التي ألقاها سليمان فرنجية الجدّ على وزير الخارجية الأميركي، الذي يعرف الشرق الأوسط عن ظهر قلب ولديه وجهة نظره من كل أزمة من أزماته، أنّ كيسينجر اعتبر أن لا وجود لدولة لبنانية.. ما دامت هذه الدولة لا تسيطر على مطار العاصمة وأن في إمكان صاروخ يطلق من برج البراجنة إسقاط طائرته!

بكلام أوضح، ليس في الإمكان التظاهر بخدمة لبنان وأمنه الوطني ومصالحه العليا من دون الاعتراف بأنّ كل سلاح غير شرعي، أكان فلسطينيا، كما كانت عليه الحال في الماضي، أو مذهبيا كما الحال الآن، إنّما يخدم كلّ ما من شأنه ضرب الاستقرار في البلد وتدمير مؤسساته. هل مطلوب تدمير الدولة اللبنانية أو ما بقي منها لا أكثر؟

لا يزال “حزب الله الذي يمتلك حسابات خاصة به يسعى إلى إجبار الدولة اللبنانية على التعايش مع سلاحه بحجة أنّه صار الآن يتصدّى لـ”داعش” وما شابه “داعش”، في حين أنّه شريك في الحرب التي يتعرّض لها الشعب السوري. مثل هذه المشاركة في إبادة الشعب السوري، لا يمكن إلّا أن تكون سقوطا في مستنقع آسن يعرّض البلد لكل أنواع المخاطر ويشرع أبوابه أمام كلّ أنواع الإرهاب.

بعيدا عن الشعارات والكلام الكبير عن “الخطر التكفيري”، وعن المواجهة مع إسرائيل، كلّ كلام عن تسوية في لبنان تصبّ في خدمة الدولة اللبنانية يظلّ كلاما لا ترجمة له على أرض الواقع، في غياب البحث في الموضع الجدّي الوحيد، أي السلاح غير الشرعي.

أيّ كلام لا يأخذ في الاعتبار أن لا تسوية حقيقية شاملة أو غير شاملة، كما دعا السيّد حسن نصرالله الأمين العام لـ”حزب الله” عشية تفجير برج البراجنة، بوجود سلاح الحزب.. يظل كلاما جميلا فقط. ما الهدف من طرح نصرالله؟ هل يستطيع إقناع نفسه أوّلا أن لا فائدة من أيّ تسوية قبل نزع السلاح غير الشرعي الذي يصبّ في خدمة لعبة واضحة المعالم هي تعطيل الحياة السياسية، بما في ذلك انتخاب رئيس جديد للجمهورية، إرضاء لإيران.

حصلت جريمة في برج البراجنة. العمل مدان بكلّ المقاييس ومن دون تردّد من أيّ نوع كان. هناك مواطنون لبنانيون تعرّضوا لعمل إرهابي في منطقة لبنانية يفترض أن تكون في حماية الدولة اللبنانية وأجهزتها. من الصعب الحؤول دون تكرار مثل هذه الجريمة في غياب القدرة على الذهاب إلى الجذور.

الذّهاب إلى الجذور يعني أوّل ما يعني امتلاك ما يكفي من الشجاعة لمعالجة قضية السلاح غير الشرعي. هذا السلاح في أساس كلّ مشاكل لبنان وفي أساس السقوط المستمرّ للدولة اللبنانية.

لا يزال لبنان يقاوم السلاح غير الشرعي منذ العام 1969، تاريخ توقيع اتفاق القاهرة المشؤوم. في الوقت الراهن، لا يقتصر الأمر على اقتناع “حزب الله” بأن الدولة اللبنانية لا يمكن أن تحميه أو أن تحمي أيّ مواطن لبناني في غياب احتكارها للسلاح. احتكار السلاح من حق الدولة، ولا وجود لدولة حقيقية لا تمتلك هذا الحق.

لا مفرّ من اقتناع الحزب بأنّ تورّطه في الحرب التي يتعرّض لها الشعب السوري، من منطلق مذهبي، لا يمكن إلّا أن يأتي بالويلات على لبنان واللبنانيين. من هنا البداية وصولا إلى الاعتراف بأنّ لا مجال الآن لتغيير النظام في لبنان وتعديل دستور الطائف. هذا ما أدركه الرئيس سعد الحريري، الذي نجح في إقناع قسم كبير من المسيحيين بأن الوقت وقت التسويات والتنازلات المتبادلة والبحث عن كيفية حماية البلد، سياسيا واقتصاديا، وليس وقت تحقيق انتصارات وهمية لا تحمي أيّ طائفة من الطوائف أو مذهب من المذاهب.

يبقى في نهاية المطاف هل يمتلك “حزب الله” حرية قراره كي يتحدّث أمينه العام عن تسوية شاملة تشمل السلاح غير الشرعي للحزب؟ هذا السؤال هو لبّ المشكلة القائمة. كلّ ما تبقّى دوران في الحلقة المغلقة التي يتغذّى منها الإرهاب السنّي من الإرهاب الشيعي، والإرهاب الشيعي من الإرهاب السنّي، فيما الدولة اللبنانية عاجزة حتّى عن لعب دور الحكم في مكان اسمه “الساحة اللبنانية” بديلا من الدولة اللبنانية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإرهاب والعودة إلى الجذور في لبنان الإرهاب والعودة إلى الجذور في لبنان



GMT 10:03 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مش معقول.. ستة دنانير فطور صحن الحمص!

GMT 09:32 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

«آخر الكلام»

GMT 09:31 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّما المَرءُ حديثٌ بعدَه

GMT 09:30 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

وقف النار في الجنوب اللبناني وما بعد!

GMT 09:29 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

سفينة العراق والبحث عن جبل الجودي

GMT 09:27 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا: المفاجأة الكبرى أمام ترمب

GMT 09:26 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثلث نساء العالم ضحايا عنف

GMT 09:24 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أوكرانيا...اليوم التالي بعد الألف

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon