توقيت القاهرة المحلي 20:21:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التوقيت المريب لزيارة ولايتي للبنان

  مصر اليوم -

التوقيت المريب لزيارة ولايتي للبنان

خيرالله خيرالله

حلّ على لبنان ـ الساحة الدكتور علي أكبر ولايتي مستشار علي خامنئي، مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران، في زيارة تعبّر إلى حدّ كبير عن النظرة الفوقية لإيران إلى لبنان. بل زيارة تعبّر عن مدى الاستغباء الإيراني للبنان واللبنانيين.

جاء ولايتي في توقيت أكثر من مريب، خصوصا أنّ لبنان لا يزال من دون رئيس للجمهورية منذ سنة. جاء ولايتي ليقول كلاما لا علاقة له بالواقع. قال كلاما من نوع أن “حلّ المشاكل السياسية العالقة في لبنان تخصّ اللبنانيين أنفسهم”، مضيفا “نحن على ثقة تامة، بأنّه بفضل الديمقراطية العريقة التي يتمتّع بها لبنان، بإمكانه أن يجد المخرج الملائم لملء الفراغ الرئاسي”.

كلّ ما يمكن قوله، إنّ كلّ كلمة وردت في تصريحات مستشار “المرشد”، الذي كان سقوطه في الانتخابات الرئاسية الإيرانية الأخيرة سقوطا مريعا، لا تمتّ إلى الحقيقة بصلة، لا من قريب ولا من بعيد. فاللبنانيون لا يستطيعون حل المشاكل السياسية التي يعاني منها بلدهم بوجود حزب مسلّح هو كناية عن ميليشيا مذهبية مرتبطة مباشرة بإيران. في حال كانت إيران تريد بالفعل مساعدة لبنان، في استطاعتها أن تبدأ بكف شرور “حزب الله” عنه… بدل إعطاء النصائح والإشادة بما تسمّيه “الديمقراطية العريقة التي يتمتّع بها لبنان”.

نعم، يتمتّع لبنان بـ”ديمقراطية عريقة”، لكن إيران ألغت هذه الديمقراطية، وهي آخر من يحقّ له الكلام عنها بعد ما دعمت ميليشيا مذهبية بالسلاح والمال. وهذا ما لا ينكره السيّد حسن نصرالله، الأمين العام لـ“حزب الله” القيّم على هذه الميليشيا التي توجّه سلاحها إلى صدور اللبنانيين العزّل.

لا مفرّ من طرح السؤال الأساسي. هل إيران مع لبنان الحرّ السيّد المستقلّ أم ضده؟ من الواضح، أننا نجد، متى تمعنّا في تصريحات المسؤولين الإيرانيين، أنّ نظرة إيران إلى لبنان هي نظرة الدولة المُستعمِرة التي تعتبر هذا البلد الصغير جزءا لا يتجزّأ من أوراقها في المنطقة. هذه أوراق تسعى إيران إلى استخدامها في لعبة المفاوضات بشأن ملفّها النووي.

من هذا المنطلق، يمكن وصف زيارة ولايتي بالمريبة، لا لشيء، سوى لأنّها تأتي في مرحلة ما قبل التوصّل إلى اتفاق في شأن الملف النووي الإيراني. تسعى إيران بكل بساطة إلى فرض أمر واقع قبل الاتفاق وليس بعده. تستغلّ الحاجة الأميركية لهذا الاتفاق لتسجّل نقاطا على الأرض العربية، خصوصا في لبنان. ليس الهلال الشيعي، بالمعنى السياسي للكلمة، سوى تعبير عن الطموحات الإيرانية، التي لم تعد من حدود لها، في مرحلة ما بعد الاحتلال الأميركي للعراق في العام 2003.

ماذا جاء ولايتي يفعل في لبنان؟ الأكيد أنّه لم يأت للمساعدة في تسهيل عملية انتخاب رئيس جديد للجمهورية خلفا للرئيس ميشال سليمان الذي توّج عهده بـ“إعلان بعبدا” الذي يعبّر عن رغبة حقيقية في حماية لبنان بمواجهة العاصفة التي تهبّ على الشرق الأوسط. قبل “حزب الله” بإعلان بعبدا، على مضض، وما لبث أن انقلب عليه عندما أدرك أنّه يوفّر حصانة للبنان، أي أنّه يحول دون أن يكون لبنان مجرّد “ساحة” لهذا الطرف الإقليمي أو ذاك، بما في ذلك إيران.

لعلّ أخطر ما في زيارة ولايتي ربطه بين لبنان والنظام السوري متجاهلا أنّ “حزب الله” ليس لبنان، كما أن لبنان ليس ذيلا للمحور الإيراني ـ السوري الذي لا علاقة له من قريب أو بعيد بثورة الشعب السوري على نظام امتهن إذلاله وسلبه كرامته طوال ما يزيد على خمسة وأربعين عاما.

قال مستشار خامنئي بصريح العبارة “نشعر بالفخر والتقدير البالغين، عندما نرى الإنجازات الكبرى والانتصارات التي استطاعت المقاومة اللبنانية الباسلة تحقيقها جنبا إلى جنب مع الجيش السوري الباسل في مجال التصدي للمجموعات المسلحة التكفيرية ودحرها في منطقة القلمون.

هذا الأمر يؤدي إلى تقوية محور المقاومة والممانعة ليس فقط في سوريا ولبنان، وإنّما في المنطقة برمتها. آمل أن تتمكن دول هذا المحور من دحر القوى الظلامية من كلّ ساحات المنطقة”.

قد تكون كلمة “ساحات” الكلمة الصادقة الوحيدة في كلّ ما قاله ولايتي. بالنسبة إلى إيران، كلّ الدول العربية “ساحات”، خصوصا أن “حزب الله” لم يحقّق أي انتصارات في أي مكان في سوريا، بما في ذلك القلمون. حتّى لو حقّق “حزب الله” تقدّما في الداخل السوري، كيف يمكن أن يعتبر ذلك انتصارا؟ كيف يمكن لحزب مذهبي لبناني الانتصار على الشعب السوري داخل سوريا؟

لعل أخطر ما في زيارة ولايتي ربطه بين لبنان والنظام السوري متجاهلا أن "حزب الله" ليس لبنان، كما أن لبنان ليس ذيلا للمحور الإيراني السوري

جاء ولايتي إلى لبنان في سياق تفقد إيران لإحدى مستعمراتها. هذا كلّ ما في الأمر. نسي مستشار “المرشد” أن لبنان رفض النظام السوري وأخرجه من أراضيه قبل ما يزيد عن عشر سنوات. صحيح أن الوصاية الإيرانية حلّت مكان الوصاية السورية، لكنّ الصحيح أيضا أن لبنان ليس في وارد الاستسلام. أكثر من ذلك، يعرف اللبنانيون ما الذي تريده إيران التي تستخدم بلدهم منبرا لمهاجمة العرب، على رأسهم المملكة العربية السعودية التي تحتضن مئات الآلاف من اللبنانيين والتي لم تقدّم سوى الخير للبنان ولمواطنيه.

ما تريده إيران هو تغيير طبيعة النظام اللبناني بعـدما غيّرت، للأسف الشديد، طبيعة المجتمع الشيعي في لبنان. كلّ الشعـارات التي تستخدم وكلّ الكلام المعسول، ليس كافيا لتمرير المناورة الإيرانية.

في حال كانت إيران جدّية وتريد بالفعل مساعدة لبنان و“ديمقراطيته العريقة”، يبدو الخيار أمامها واضحا كل الوضوح. يكفي أن تساعد في تسهيل انتخاب رئيس للجمهورية، كي يقول اللبنانيون إن بلدهم ليس مجرّد “ساحة” إيرانية لا أكثر ولا أقلّ.

ما يفترض على إيران أن تعرفه هو أن أكثرية اللبنانيين مع ثورة الشعب السوري وليسـت مع النظـام وجيشه. يعرف اللبنانيون جيّدا أن “حزب الله” يقاتل في سوريا من منطلق طائفي ومذهبي ولا شيء غير ذلك. يعرف اللبنانيون خصوصا أن شعاري “الممانعة” و“المقاومة” ليسا سوى غطاء لصفقة مع “الشيطان الأكبر” السابق أي مع الولايات المتحدة، وذلك على حساب كلّ ما هو عربي في المنطقة، بما في ذلك لبنان.

عند الامتحان، يكرم المرء أو يهان. بالنسبة إلى إيران الامتحان هو انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية، وهو الرئيس المسيحي الوحيد في الشرق الأوسط. هل إيران مع انتخاب رئيس للبنان، أم مع التكفيريين الـذين تدعي مقـاومتهم؟ مـا الفارق في نهاية المطاف بين الدواعش الشيعية، أي بين الميليشيات المذهبية التي تدعمها إيران و“داعش” السنّية التي نجدها تدعم النظام السوري بـين حين وآخر لأسباب لا تخفى على أحد… باستثناء الدكتور ولايتي ربّما؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التوقيت المريب لزيارة ولايتي للبنان التوقيت المريب لزيارة ولايتي للبنان



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon