توقيت القاهرة المحلي 13:08:31 آخر تحديث
  مصر اليوم -

اليمن والخوف من القاعدة الجديدة لـ'القاعدة'

  مصر اليوم -

اليمن والخوف من القاعدة الجديدة لـالقاعدة

خيرالله خيرالله

هل يكون اليمن القاعدة الجديدة لـ“القاعدة”؟ إنّه السؤال الذي سيفرض نفسه في ظلّ قدرة مواطنين أوروبيين، على دخول البلد والتدرّب فيه على السلاح، ثم العودة إلى بلدانهم لتنفيذ عمليات إرهابية.

أن يكون أحد الإرهابيين أو أكثر، من بين الذين شاركوا في جريمة صحيفة “شارلي إيبدو” في باريس زار اليمن، وتدرّب فيه على يد “القاعدة”، مؤشر في غاية الخطورة. مثل هذا التطور يعطي فكرة عن النتائج الكارثية التي يمكن أن تترتب على فشل المرحلة الانتقالية التي بدأت بخروج الرئيس علي عبدالله صالح من السلطة في شباط ـ فبراير من العام 2012.

مثل هذا الفشل، الذي من سماته الأخيرة زيادة حدّة النزاع المذهبي في بلد معروف تاريخيا بأنّه كان بعيدا كلّ البعد عن مثل هذا النوع من الصراعات والتجاذبات، يهدّد بعواقب وخيمة.

لا تنسحب هذه العواقب على اليمن وحده، بل تشمل كلّ المنطقة المحيطة به أيضا. فضلا عن ذلك، يُخشى من تحوّل اليمن إلى أفغانستان أخرى، أي أن تصبح حاله كما كانت عليه الحال في أفغانستان قبل الحرب الأميركية ـ الأوروبية التي استهدفت إخراج “طالبان” من السلطة.

كان مبرّر تلك الحرب أن “طالبان” وفّرت مأوى آمنا لـ“القاعدة”، ولأسامة بن لادن الذي تحوّل إلى الحاكم الفعلي لأفغانستان. تبيّن، وقتذاك، أنّ زعيم “طالبان” الملاّ عمر يعمل لدى أسامة بن لادن وليس العكس، وأنّ المحاولات التي استهدفت حمل الملاّ عمر على تسليم زعيم “طالبان” إلى إحدى الدول المعنية تمهيدا لمحاكمته في قضايا مرتبطة بالإرهاب، كانت مبنية على رهانات لا علاقة لها بالواقع.
    
    

الخوف في المرحلة الراهنة أن تؤدي التطورات في اليمن إلى إيجاد “القاعدة” أرضا تتحكّم بها في اليمن، على غرار ما كانت أفغانستان قبل 2001. صحيح أن “القاعدة” موجودة بقوّة في مناطق عدة من البلد، لكنّ الصحيح أيضا أنّها لم تستطع، في أي وقت، إقامة كيان آمن خاص بها، تتحرك فيه بكل حرّية، يجعلها تعوّض ما خسرته في أفغانستان. ساهم في الحدّ من طموحات “القاعدة” وجود بقية مؤسسات للدولة، فضلا عن الضربات التي كانت، ولا تزال، توجّهها لعناصر “القاعدة” طائرات أميركية من دون طيّار.

ما الذي يمكن أن يجعل الوضع اليمني يتدهور أكثر؟ قبل كلّ شيء، لم يعد من وجود لسلطة مركزية قويّة يمكن الاستناد إليها في عملية البحث عن صيغة جديدة لإعادة تركيب البلد بطريقة معقولة. مثل هذا الوضع يحول دون إعادة بناء المؤسسات الرسمية المنهارة، بما في ذلك مؤسسة القوّات المسلّحة والمؤسسات الأمنية الأخرى.

لم يعد ذلك ممكنا، خصوصا منذ سيطر الحوثيون، أي “أنصار الله” المدعومين إيرانيا، على صنعاء في الواحد والعشرين من أيلول – سبتمبر الماضي، وفرضهم بقوة السلاح ما يسمّى “اتفاق السلم والشراكة”. هناك مشروع واضح لـ“أنصار الله” يقوم على بناء نظام جديد في اليمن. مثل هذا المشروع يؤسس لحروب مذهبية معروف كيف تبدأ وليس معروفا كيف يمكن أن تنتهي، باستثناء أنّها توفّر حاضنة شعبية لـ“القاعدة” التي سيصبح قسم كبير من السكان في مناطق معيّنة في حاجة إليها لحماية أنفسهم من تمدّد “أنصار الله” من منطلق مذهبي بحت.

ما لا يمكن تجاهله أنّه لم يكن ممكنا تمدّد “داعش” في سوريا والعراق لولا النظام السوري الذي يذبح شعبه بكل ما تقع يده عليه، حتّى بالبراميل المتفجّرة والميليشيات المذهبية الآتية من لبنان والعراق. كذلك، لم يكن ذلك ممكنا لولا الممارسات المفضوحة ذات الطابع المذهبي لحكومة نوري المالكي. تكفّلت تلك الممارسات، للأسف الشديد، بجعل قسم كبير من السنّة العرب في العراق على استعداد للتحالف مع الشيطان، وليس فقط القبول بـ“داعش”…

على الرغم من هذا الواقع الأليم، لا يمكن تجاهل أنّ هناك رغبة دولية في منع “داعش” من إقامة كيان لها في سوريا والعراق. يساعد في ذلك وجود قوى عراقية وسورية، من بينها الأكراد، على استعداد للوقوف في وجه تنظيم “داعش” وتمدّده. ولكن هل هذه الرغبة الدولية كافية لتحقيق الهدف المطلوب دوليا؟

في اليمن، يبدو الوضع مختلفا، إلى حدّ ما، في ضوء طموحات “أنصار الله” ومن خلفهم إيران. هؤلاء لم يترددوا في السعي إلى السيطرة على الوسط الشافعي، بما في ذلك تعز في ظلّ غياب السلطة المركزية التي وقفت مكتوفة تتفرّج على ما يدور في البلد. وحده صمود أهل تعز جعل “أنصار الله” يقفون عند حدود معيّنة، أقلّه حتّى الآن.

ليس سرّا أن “القاعدة” موجودة في اليمن منذ فترة طويلة. كان تفجير المدمّرة الأميركية “كول” في ميناء عدن في العام 2000 أكبر دليل على ذلك. وليس سرّا أنّه كانت هناك قوى يمنية شريكة في السلطة مرتبطة بطريقة أو بأخرى بـ”القاعدة”. لكنّ الجديد الآن يتمثّل في طريقة تعاطي “أنصار الله” مع بقية مكوّنات المجتمع اليمني، خصوصا المكوّن الشافعي الذي يُخشى من تحوّله، في معظمه، إلى متغاض عن “القاعدة”، حتّى لا نقول متعاطفا معها.

ما يزيد الوضع سوءا الفراغ القائم في صنعاء، خصوصا بعد خسارة الرئيس الانتقالي عبد ربّه منصور هادي رهانه على استنزاف الحوثيين للإخوان المسلمين، واستنزاف الإخوان للحوثيين في معارك عمران التي حسمها “أنصار الله” سريعا. حصلت معارك عمران في تمّوز – يوليو الماضي. شكّلت نقطة تحّول في البلد نظرا إلى أنّها مهدت الطريق أمام فتح أبواب صنعاء أمام الحوثيين.

هل يكون اليمن القاعدة الجديدة لـ“القاعدة”؟ إنّه السؤال الذي سيفرض نفسه في ظلّ قدرة مواطنين أوروبيين، من أصول عربية وغير عربية، على دخول البلد والتدرّب فيه على السلاح لدى “القاعدة”، ثم العودة إلى بلدانهم لتنفيذ عمليات إرهابية. يفرض هذا الواقع عدم الاستخفاف بما يعنيه كون أحد الإرهابيين، وربّما كان هناك إرهابي آخر أيضا، من بين الذين اعتدوا على “شارلي إيبدو” في باريس من خريجي مدرسة “القاعدة” في اليمن!

ثمّة مؤشرات تبدو صغيرة في البداية، لكنّها تعطي فكرة عن وضع جديد يمكن أن يسود في بلد في غاية الأهمية من الناحية الإستراتيجية خصوصا بالنسبة إلى دول شبه الجزيرة العربية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اليمن والخوف من القاعدة الجديدة لـالقاعدة اليمن والخوف من القاعدة الجديدة لـالقاعدة



GMT 10:03 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مش معقول.. ستة دنانير فطور صحن الحمص!

GMT 09:32 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

«آخر الكلام»

GMT 09:31 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّما المَرءُ حديثٌ بعدَه

GMT 09:30 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

وقف النار في الجنوب اللبناني وما بعد!

GMT 09:29 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

سفينة العراق والبحث عن جبل الجودي

GMT 09:27 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا: المفاجأة الكبرى أمام ترمب

GMT 09:26 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثلث نساء العالم ضحايا عنف

GMT 09:24 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أوكرانيا...اليوم التالي بعد الألف

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon