توقيت القاهرة المحلي 13:08:31 آخر تحديث
  مصر اليوم -

انكشاف النظام السوري في الجولان

  مصر اليوم -

انكشاف النظام السوري في الجولان

خيرالله خيرالله

هل لا يزال لدى النظام السوري ما يفعله بعد انكشافه وتسليمه قراره السياسي والأمني لطهران؟
سيتوجّب على أطراف عدّة إعادة حساباتها بعد العملية التي نفّذتها إسرائيل في الجولان السوري والتي أدّت إلى مقتل قياديين من “حزب الله” وضابط كبير في “فيلق القدس” الذي ينتمي إلى “الحرس الثوري” الإيراني.
يعود ذلك، بكل بساطة، إلى أنّ تغييرا جذريا حصل على الأرض كشف ما آل إليه وضع النظام السوري. هذا التغيير هو الأوّل من نوعه منذ العام 1974، تاريخ التوصّل إلى الاتفاق السوري – الإسرائيلي الذي جعل الجولان الجبهة الأكثر هدوءا في الشرق الأوسط. ما فعلته إسرائيل يُعتبر الرد الأوّل على التغيير. ما الذي ستفعله إيران التي افتعلت التغيير؟ ما الذي سيفعله “حزب الله” المرتبط عضويا بإيران؟ هل لا يزال لدى النظام السوري ما يفعله بعد انكشافه وتسليمه قراره السياسي والأمني لطهران؟
يعتبر الجولان إحدى المناطق الحساسة، بل الأكثر حساسية في سوريا، لا لشيء سوى لأنه يشكل خط وقف النار مع إسرائيل. أن يتجول فيه قياديون من “حزب الله” ومن “فيلق القدس” دليل على أن القرار السوري صار إيرانيا.
ما يجمع بين “حزب الله” و“فيلق القدس” الانتماء إلى “الحرس الثوري الإيراني”. كانت هناك دورية مشتركة لقياديين من “حزب الله” و“فيلق القدس” في الجانب السوري الذي تحرر، بفضل السياسة وليس نتيجة قتال من أي نوع كان. يشير التطور الأخير إلى انتقال الإشراف على وقف النار بين النظام السوري وإسرائيل إلى إيران. صارت مقدّرات سوريا، أو على الأصحّ ما بقي منها، في يد إيران. تريد إيران ثمنا لإنقاذها النظام السوري المهترئ من السقوط، علما أنّه ساقط حتما.
إلى ذلك، كشفت العملية الإسرائيلية بتوقيتها الغريب، أن هناك تغييرا في الاتفاقات والتفاهمات الضمنية القائمة بين النظام السوري وإسرائيل منذ أواخر عام 1974، تاريخ التوصّل إلى اتفاق فك فصل القوّات السوري – الإسرائيلي بإشراف هنري كيسينجر، وزير الخارجية الأميركي وقتذاك.
إنّه الاتفاق الذي أغلق جبهة الجولان، وأطلق يد النظام السوري في لبنان. من بين ما شملته هذه التفاهمات أن يكون جنوب لبنان صندوق البريد بين الجانبين السوري والإسرائيلي في إطار احترام كلّ طرف من الطرفيْن شروطا معيّنة.
كان من بين هذه الشروط حصر اللعبة في لبنان كي تكون على حسابه وحساب مواطنيه. ليس صدفة أنّ إسرائيل لم تتجاوز الحدود السورية في حرب عام 2006 وبقي تركيزها على لبنان. دمّرت وقتذاك قسما لا بأس به من البنية التحتية اللبنانية. لم توجّه أي ضربة داخل سوريا، على الرغم من أنه كان معروفا جدا أن كل صواريخ “حزب الله” كانت تأتي من إيران وتمرّ عبر الأراضي السورية.
أكثر من ذلك، كان معروفا جيّدا، أن تلك الحرب كانت تستهدف التغطية على جريمة اغتيال رفيق الحريري ورفاقه، وإعادة تعويم “حزب الله” الذي اتهمت عناصر منه بتنفيذ الجريمة بالتنسيق مع النظام السوري. هناك رسالة من نوع جديد توجّهها إسرائيل إلى إيران. ما لا يمكن تجاهله أنّه للمرة الأولى منذ قيام الثورة الإيرانية في العام 1979، هناك ضابط إيراني يسقط في مواجهة مع إسرائيل. اعتادت إيران إطلاق الشعارات التي تدعو إلى إزالة إسرائيل من الوجود.
في الواقع، كانت الحرب بين إيران وإسرائيل تُخاض بأجساد اللبنانيين والسوريين والفلسطينيين. لم يكن لدى أيّ من الجانبين مانع في ذلك. كانت إسرائيل المستفيد الأوّل من الشعارات النارية الإيرانية التي تمكّنها من القول أنّها تواجه تهديدا وجوديا. أمّا إيران فكانت حرب الشعارات وأجساد اللبنانيين والفلسطينيين، الوسيلة الأفضل، بالنسبة إليها، للمزايدة على العرب وإحراجهم وخطف قضيّة فلسطين منهم. هل من يتذكّر أن إيران صارت تحتفل بـ”يوم القدس” في آخر جمعة من شهر رمضان، نكاية بالعرب، على رأسهم مصر، ليس إلا؟
لم يعد سرّا أنّ هناك رغبة إيرانية في تغيير قوانين اللعبة التي وضع شروطها الرئيس الراحل حافظ الأسد، وذلك بعدما تبيّن أنّها صارت صاحبة الكلمة الفصل في دمشق. جاءت الضربة الإسرائيلية في سياق هذا التغيير الذي يشير إلى أن سوريا التي عرفناها لم تعد موجودة بعدما قرّر بشّار الأسد شنّ حرب على شعبه معتمدا على إيران وعلى ميليشياتها المذهبية وعلى السلاح الروسي. هذا السلاح الروسي ليس معدّات عسكرية فقط، بل هو سلاح سياسي أيضا يعبّر عنه “فيتو” موسكو في مجلس الأمن.
يبقى سؤال في غاية الأهمّية. لماذا قرّرت إسرائيل استفزاز إيران؟ هل تعتقد أن الكيل طفح وأنها لن توافق على الشروط التي وضعتها طهران التي استطاعت إلغاء الحدود بين سوريا ولبنان من منطلق مذهبي بعدما قرّرت جعل “حزب الله” يقاتل في سوريا، أم أنّ الاستفزاز مدخل لاتفاق معها يحلّ مكان ذلك الذي كان قائما مع النظام السوري؟
لم تكن الضربة الإسرائيلية ضربة عادية. إنها مؤشر على تغيير كبير في سوريا والمنطقة المحيطة بها. هل في استطاعة إيران الردّ على الضربة؟ هل كان يمكن لإسرائيل الإقدام على ما أقدمت عليه دون أن تضع في حساباتها الردّ الإيراني المحتمل، اللهمّ إلا إذا كان قصدها قتل قياديين في “حزب الله” فقط، وأن الجنرال الإيراني ذهب ضحية وجوده في المكان غير المناسب في لحظة غير مناسبة؟
في كلّ الأحوال، سوريا التي عرفناها انتهت. صارت طهران هي التي تتحكّم بدمشق. ما هو مطروح الآن انعكاسات الحدث على لبنان الذي سيترتب عليه إعداد نفسه لكلّ الاحتمالات السيئة في حال قرّرت إيران الرد على ما ارتكبته إسرائيل.
الأكيد أن لبنان لا يتحمّل أي ردّ إسرائيلي، خصوصا في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمرّ بها، خصوصا أيضا أنّه يستضيف ما يزيد على مليون ونصف المليون لاجئ سوري أرهقوا بنيته التحتية وتركيبته السكّانية. ولكن هل إيران في وارد مراعاة الوضع اللبناني، أم تعتبر أنّ عليها الردّ مهما كان الثمن نظرا إلى أنّ همها محصور في تأكيد أنّها اللاعب الإقليمي الأوّل في الشرق الأوسط؟
لم تأخذ إيران يوما في الاعتبار مصلحة لبنان واللبنانيين. ربّما كان أفضل ما يختصر سياستها السورية في الوقت الحاضر أن ليس في إمكانها أن تخسر دمشق بأيّ شكل من الأشكال، خصوصا أنّ ذلك يعني، أول ما يعني، أن خسارة دمشق تعني خسارة بيروت وحتّى بغداد. إيران التي زادت صنعاء إلى العواصم العربية التي تسيطر عليها، تقف عند مفترق طرق. الخوف من أن تذهب بعيدا في ردّها في ضوء الأزمة العميقة التي تعاني منها، والتي تفرض عليها الهرب إلى الخارج مجددا. فما نشهده حاليا أزمة داخلية إيرانية ذات طابع استثنائي سياسيا واقتصاديا في الوقت ذاته. هناك مسألة خلافة “المرشد” علي خامنئي المطروحة في ظل تدهور اقتصادي عائد إلى الهبوط المريع لسعر برميل النفط، وهو هبوط يهدّد النظام القائم قبل أي شيء آخر!

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انكشاف النظام السوري في الجولان انكشاف النظام السوري في الجولان



GMT 10:03 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مش معقول.. ستة دنانير فطور صحن الحمص!

GMT 09:32 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

«آخر الكلام»

GMT 09:31 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّما المَرءُ حديثٌ بعدَه

GMT 09:30 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

وقف النار في الجنوب اللبناني وما بعد!

GMT 09:29 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

سفينة العراق والبحث عن جبل الجودي

GMT 09:27 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا: المفاجأة الكبرى أمام ترمب

GMT 09:26 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثلث نساء العالم ضحايا عنف

GMT 09:24 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أوكرانيا...اليوم التالي بعد الألف

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon