توقيت القاهرة المحلي 13:08:31 آخر تحديث
  مصر اليوم -

رائحة الحقد على رفيق الحريري.. التي فاحت

  مصر اليوم -

رائحة الحقد على رفيق الحريري التي فاحت

خيرالله خيرالله

لا شيء يحصل بالصدفة في لبنان. مطلوب أن لا يفلت البلد من السيطرة الإيرانية. تظاهرات الوسط التجاري تؤكد أن إيران تعمل عبر حزب الله على تغيير طبيعة لبنان وتكريس الفراغ.
من يرى حجم الخراب الذي خلفه في وسط بيروت من أسموا أنفسهم متظاهرين سلميين وحضاريين، يدرك أن القضية كانت أكبر بكثير من قضية نفايات في حاجة إلى من يهتمّ بإزالتها.
بدا واضحا لحظة بدأ متظاهرون، هم في واقع الحال ميليشيا حزبية، يطلقون شعار “الشعب يريد إسقاط النظام” أن التحرك الشعبي في وسط بيروت خرج من يد منظميه الذين رفعوا، في الأصل، شعار “طلعت ريحتكم”. الحقيقة أن الرائحة التي فاحت مساء الأحد الماضي في بيروت كانت رائحة الحقد على رفيق الحريري ورائحة الغرائز المذهبية والتعصّب المذهبي الأعمى الذي أراد القضاء على ثقافة الحياة في لبنان، ونشر ثقافة الموت بديلا منها.

ما شهدناه كان حلقة أخرى من حلقات محاولة انقلابية تستهدف لبنان لا أكثر ولا أقلّ. هدف الحلقة الجديدة إسقاط الحكومة التي يرأسها تمام سلام. كان مطلوبا أن يكون الفراغ سيّد الموقف لا أكثر.

لذلك، تنبه زعماء سياسيون، يؤمنون بلبنان، على رأسهم الرئيس سعد الحريري، إلى هذا الوضع عندما أعلنوا التمسّك بالحكومة. قال سعد الحريري بالحرف الواحد “إن الاعتراض على مشكلة النفايات والمطالبة بحلها بسرعة شيء، والمطالبة بإسقاط الحكومة شيء آخر. إسقاط الحكومة يعني إسقاط آخر معقل شرعي ودخول لبنان في المجهول”. كان مطلوبا بالفعل دخول لبنان في المجهول. وهذا ما أشار إليه سمير جعجع الذي سارع إلى التحذير من استقالة تمام سلام ومما يمكن أن يترتب على الاستقالة. أيّد جعجع مطالب المتظاهرين، لكنّه حذّر من أن الوقت ليس وقت أخذ البلد إلى “الانتحار”… كما يريد “حزب الله” والذين يحرّكونه.

صحيح أن المطالب التي رفعها المتظاهرون محقّة، في مقدّمتها، المطالبة بحلّ أزمة النفايات، لكن مشكلة النفايات تظلّ فرعا من المشكلة الأساسية التي يعاني منها لبنان وفي أساسها سلاح “حزب الله” غير الشرعي الذي لا هدف له سوى تأكيد أن لبنان مستعمرة إيرانية. سلاح “حزب الله” سلاح مذهبي. هذا واقع. ليس صدفة أنّه يلعب دوره في تعطيل الحياة السياسية في لبنان ونشر البؤس في البلد.

لا شكّ أنّه كان على الحكومة عدم ترك أزمة النفايات تتفاعل. لكنّ ما كان ضروريا هو جعل اللبنانيين يستوعبون أنّ سلاح “حزب الله” في أساس كلّ مشكلة في لبنان. هذا السلاح، الذي ورث السلاح الفلسطيني، يمنع الإقدام على أي خطوة في الاتجاه الصحيح. يمنع انتخاب رئيس للجمهورية، ويمنع قوى الأمن من ممارسة دورها على كلّ الأراضي اللبنانية، بما في ذلك في وسط بيروت حيث لم يكن مطلوبا التظاهر من أجل التخلص من مشكلة النفايات، بمقدار ما أنّه كان مطلوبا رفع شعارات مذهبية والتعرّض للشهيد رفيق الحريري، رمز ثقافة الحياة وإعادة لبنان وعاصمته إلى خريطة المنطقة.

مرّة أخرى، لا يمكن إلا التضامن مع مطالب المتظاهرين، كما كانت عليه في بداية التحرّك. ولكن عندما بدأ تحطيم المحلات والاعتداء على أملاك المواطنين، تبيّن أن وراء الأكمة ما وراءها. تبيّن أن هناك من يريد إسقاط الحكومة من أجل غاية محددة. هذه الغاية واضحة كلّ الوضوح، وهي تتمثّل في أن السلم الأهلي في لبنان تحت رحمة “حزب الله” الذي يستطيع الإمساك بأدواته المسيحية، وغير المسيحية، وإطلاقها أو كبحها ساعة يشاء.

الملفت وسط كلّ ما حدث مسارعة النظام السوري إلى “إدانة” ما تعرّض له المتظاهرون، معلنا الوقوف مع “المطالب المحقّة” للشعب اللبناني. ربّما كان النظام السوري يريد لوم السلطات اللبنانية على منع المتظاهرين من الوصول إلى السراي الحكومي ووضع حدّ لموجة التخريب عن طريق القنابل المسيّلة للدموع… وليس البراميل المتفجرة. يحقّ للنظام السوري ما لا يحقّ لغيره، خصوصا أنّه المستفيد الأول من الميليشيات المذهبية اللبنانية والعراقية والأفغانية، التي تدعمه في حربه على شعبه.

صمد لبنان في مواجهة الحلقة الجديدة في الانقلاب التي كان مطلوبا أن تبدأ بالإطاحة بالحكومة. صمد، أقلّه مؤقتا، لأنّ هناك شخصيات واعية تدرك مخاطر الانفلات في الشارع والنتائج التي يمكن أن تترتب على إسقاط حكومة تمام سلام. تدل على ذلك مبادرة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط إلى سحب أنصاره من التظاهرات.

إلى جانب الموقف المضحك للنظام السوري الذي يسعى إلى التشفي بلبنان، كان هناك ما هو أهم من ذلك بكثير. ليس صدفة أن التصعيد في الشارع جاء في وقت لم تمض سوى أيام قليلة على زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف لبيروت.

ليس صدفة أن التصعيد جاء في وقت بدأ الحديث الجدي عن نظام بديل في سوريا لا مكان فيه لبشّار الأسد، فتعود دمشق مدينة عربية تلعب دورها في إعادة لملمة الوضع السوري وتوحيد البلد، هذا إذا تبيّن أنه لم يفت بعد أوان ذلك. ليس صدفة أن التصعيد جاء في وقت استطاع فيه التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية كسر المشروع الحوثي الذي هو في العمق مشروع إيراني يستهدف وضع اليد على اليمن.

لا شيء يحصل بالصدفة في لبنان. مطلوب أن لا يفلت البلد من السيطرة الإيرانية. جاءت تظاهرات الوسط التجاري لتؤكّد أن إيران تعمل، عبر “حزب الله”، على تغيير طبيعة لبنان كبلد ومجتمع، وتكريس الفراغ على كلّ المستويات من أجل فرض “المؤتمر التأسيسي” الذي يكرّس المثالثة بديلا من المناصفة. لذلك، لم يكن كلام حسن نصرالله عن “المؤتمر التأسيسي” زلة لسان في أي شكل.

ما رأيناه في بيروت، في ذلك الأحد الأسود، كان حلقة من حلقات الانقلاب الكبير المستمرّ منذ اغتيال رفيق الحريري في فبراير 2005، وما تلاه من اغتيالات وتفجيرات، وصولا إلى تحرّك التيار العوني في الشارع واستغلال تظاهرات “طلعت ريحتكم” للقول صراحة “الشعب يريد إسقاط النظام”.

حسنا، سقط النظام. “حزب الله” يمنع انتخاب رئيس للجمهورية لأنه يريد إسقاط النظام. ولكن ماذا بعد ذلك؟ الثابت أنّه لن يكون في الإمكان إعادة تركيب لبنان في حال سقط النظام ولم يبق في الشارع سوى سلاح “حزب الله”، أي الميليشيا المذهبية التي ليست سوى لواء في “الحرس الثوري” الإيراني. هل في استطاعة “حزب الله” حكم لبنان، أو حتّى بيروت، تكرارا لتجربة الحوثيين مع صنعاء التي احتلوها في سبتمبر من العام الماضي؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رائحة الحقد على رفيق الحريري التي فاحت رائحة الحقد على رفيق الحريري التي فاحت



GMT 10:03 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مش معقول.. ستة دنانير فطور صحن الحمص!

GMT 09:32 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

«آخر الكلام»

GMT 09:31 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّما المَرءُ حديثٌ بعدَه

GMT 09:30 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

وقف النار في الجنوب اللبناني وما بعد!

GMT 09:29 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

سفينة العراق والبحث عن جبل الجودي

GMT 09:27 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا: المفاجأة الكبرى أمام ترمب

GMT 09:26 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثلث نساء العالم ضحايا عنف

GMT 09:24 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أوكرانيا...اليوم التالي بعد الألف

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon