توقيت القاهرة المحلي 23:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

في ظل الثورة السورية والمحكمة الدولية

  مصر اليوم -

في ظل الثورة السورية والمحكمة الدولية

خير الله خير الله

مثلما خرج النظام من لبنان، سيخرج من سوريا، لا لشيء سوى لأنّه لم يتصور يوما أن الجريمة ستكشف.

معروف أنّ الرئيس فواد السنيورة كان صديقا للرئيس الشهيد رفيق الحريري. هناك علاقة عمر بينهما عائدة إلى أنّهما من صيدا وأنّهما يعرفان يعضهما بعضا منذ الصغر، إضافة إلى أنهما تشاركا في الانتماء إلى حركة القوميين العرب في مرحلة معيّنة.

الأهمّ من ذلك كله أن السنيورة، مع الوزير السابق باسم السبع والنائب الحالي غازي يوسف، وهما من المقربين من رفيق الحريري أيضا، رسموا، من خلال معرفتهم بالرئيس الشهيد، الإطار الذي اغتيل فيه الرجل مع رفاقه، قبل عشر سنوات، في الرابع عشر من فبراير 2005 والظروف التي رافقت الجريمة.

من خلال متابعة التطورات، بما في ذلك ملء إيران للفراغ الأمني الذي خلّفه الانسحاب العسكري السوري من لبنان نتيجة اغتيال رفيق الحريري، كشفت الشهادات التي أدلى بها فؤاد السنيورة وباسم السبع وغازي يوسف، وقبلهم مروان حمادة، أمام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان تفاصيل دقيقة تتعلّق بالمرحلة التي مهّدت لعملية الاغتيال.

لم يكشف الأربعة العلاقة بين النظام السوري والاغتيال، أو على الأصحّ العلاقة بين “ولد” اسمه بشّار الأسد والجريمة فحسب، بل كشفوا أيضا حقيقة النظام السوري والخطر الذي شكلّه على سوريا والسوريين قبل لبنان واللبنانيين.

وعبارتا “ولد سيحكم سوريا” و”الله يساعدنا” وردتا في الشهادة القيّمة لباسم السبع، وذلك نقلا عن رفيق الحريري، بعد اللقاء الأوّل الذي عقده رئيس الوزراء اللبناني وقتذاك مع بشّار الأسد الذي كان يعدّ نفسه لخلافة والده الذي توفّي في العام 2000.

ما يربط بين شهادات الشخصيات اللبنانية الأربع، إضافة إلى شهادات لشخصيات أخرى مثلت أمام المحكمة الدولية التي تشكّلت بموجب قرار صادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، هو إصرار النظام السوري على تعطيل أيّ تقدّم في لبنان. لم يكن من همّ لدى النظام السوري سوى الاستثمار في عملية العرقلة، كي لا يتمكّن لبنان من استعادة عافيته.

لم تكشف المحاكمة التي تجري في لاهاي الظروف التي مهّدت لاغتيال رفيق الحريري وباسل فليحان ورفاقهما والسياق الذي وقعت فيه الجريمة فقط. كشفت خصوصا طبيعة النظام السوري وتكوينه والأسباب التي أدّت إلى وصوله إلى ما وصل إليه الآن. النظام انتهى ولم يعد أمامه سوى تسليم كلّ سوريا لإيران في مقابل عدم تحرير دمشق..

تساهم المحاكمة في فهم أمور كثيرة، خصوصا لدى من يحاول فهم عقلية النظام الذي دمّر سوريا كلّيا بعدما فشل إلى حدّ ما في تدمير لبنان. من بين هذه الأمور لماذا “انتحر” غازي كنعان ولماذا فُجّر آصف شوكت مع آخرين ولماذا “استشهد” جامع جامع ولماذا انتهى رستم غزالي بالطريقة التي انتهى بها في ظلّ إشاعات متناقضة لا هدف لها سوى تغطية الجانب الأهمّ في القضية المرتبطة بضابط فاسد، من سقط المتاع، كان ينفّذ أوامر بشّار الأسد في لبنان.

نظام الأسد انتهى ولم يعد أمامه سوى تسليم كل سوريا لإيران في مقابل عدم تحرير دمشق…

يتمثّل الجانب الأهمّ في موضوع رستم غزالي، في نهاية المطاف، في الانتهاء من رجل يعرف الكثير عن لبنان من جهة وكيفية اكتمال السيطرة الإيرانية على سوريا، خصوصا على دمشق ومحيطها والمنطقة المحاذية لخط وقف النار مع إسرائيل من جهة أخرى.

بعد الذي رواه الشهود بالتفاصيل أمام المحكمة، وبعد نقل فؤاد السنيورة عن الرئيس رفيق الحريري قوله له في السيارة التي كان يقودها “أبو بهاء” أنه كُشفت محاولات عدّة لاغتياله “خطّط لها حزب الله”، بدأت تكتمل الصورة لبنانيا وسوريا. بدأ يتكشّف الخوف لدى النظام من أي نجاح يتحقّق في لبنان. لذلك كان لا بدّ من التخلّص من رفيق الحريري الذي يظلّ في النهاية رمزا للنجاح. هل كان مطلوبا أن يبقى شبح الموت والدمار مخيّما على بيروت كي يبقى رفيق الحريري حيّا؟

لم تعد المحكمة الدولية الخاصة بلبنان مجرّد محكمة تستهدف كشف الحقيقة تمهيدا للاقتصاص من القتلة. فمن خلال شهادات الشهود، بدأت ترتسم صورة كاملة لنظام عمل منذ ما يزيد على خمسة وأربعين عاما على تخريب لبنان ونشر البؤس فيه وإرهاب السوريين. إنّه نظام لم يؤمن يوما سوى بمقولة واحدة هي أن الانتصار على لبنان بديل من الانتصار على إسرائيل. فمنذ كان حافظ الأسد وزيرا للدفاع بين 1966 و1970، لم يكن لديه من همّ سوى إغراق لبنان بالسلاح. أراد دائما الانتقام من لبنان كي لا تنتقل عدوى قصة النجاح اللبناني إلى سوريا والسوريين.

لا توجد جريمة أكبر من جريمة دفع الفلسطينيين إلى حمل السلاح في لبنان وخوضهم حروبا مع المسيحيين أوّلا. لا توجد جريمة أكبر من جعل “جيش التحرير الفلسطيني”، بألويته الموالية للنظام السوري، يرابط على طول ما كان يسمّى “الخط الأخضر” الفاصل بين المسيحيين والمسلمين في وسط بيروت المدمّر.

يخشى النظام من أيّ نجاح لبناني، كما يخشى من أيّ نجاح سوري. مطلوب في كلّ وقت نشر البؤس في لبنان كي لا تنتقل عدوى الازدهار إلى سوريا. فالازدهار يعني مطالبة المواطن بالمزيد، خصوصا بالحد الأدنى من الحياة الكريمة والكرامة والمزيد من الحرّية والاحترام. كان همّ حافظ الأسد، وبعده بشّار الأسد، منصبّا على إفقار المواطن وتيئيسه وتذكيره بأنّ تمرّده سيعني بالنسبة إليه العيش في بلد تسوده شريعة الغاب، كما كانت عليه الحال في لبنان بين العامين 1975 و1990 من القرن الماضي.

تمرّد اللبنانيون فدفعوا الثمن غاليا. اغتيل رفيق الحريري. لم يدر النظام السوري أن الجريمة سترتد عليه، تماما كما ارتدّت جريمة غزو الكويت على صدّام حسين. لم يدرك يوما بشّار الأسد أن ثمن دم رفيق الحريري سيكون في هذا الحجم. لم يدرك أوّلا أنّه سيخرج من لبنان. لم يدرك أنّه سيتحّول شيئا فشيئا إلى تابع لإيران.. في لبنان أوّلا وفي سوريا لاحقا. مثلما خرج النظام من لبنان، سيخرج من سوريا، لا لشيء سوى لأنّه لم يتصوّر يوما أن الجريمة ستُكشف وأنّها ليست مجرّد “رذالة” على حد تعبير إميل لحود الذي اعتقد أنّ رفيق الحريري ذهب ضحيّة حادث سير.

هل يخرج بشّار الأسد من سوريا لتحلّ مكانه إيران؟ هل هذا ممكن؟ هل هذا منطقي؟ هذا هو السؤال الذي سيطرح نفسه عاجلا أم آجلا في ظلّ استمرار الثورة السورية وجلسات المحكمة الدولية..

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في ظل الثورة السورية والمحكمة الدولية في ظل الثورة السورية والمحكمة الدولية



GMT 19:45 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

‫تكريم مصطفى الفقى‬

GMT 09:09 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 09:05 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 09:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 09:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 09:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 09:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 08:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon