توقيت القاهرة المحلي 19:17:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لماذا يتعالى حسن نصرالله على اللبنانيين

  مصر اليوم -

لماذا يتعالى حسن نصرالله على اللبنانيين

خيرالله خيرالله

ذكرى استشهاد وسام الحسن مناسبة لتأكيد أن لبنان ما زال يقاوم وأن الحوار مع 'حزب الله' لا يعني التوقف عن السعي إلى معرفة الحقيقة وملاحقة من كان وراء الاغتيالات في لبنان.
من فوائد الكلام الذي صدر عن وزير الداخلية نهاد المشنوق وعن الوزير السابق والنائب الحالي مروان حماده في الذكرى الثالثة لاستشهاد اللواء وسام الحسن، كشف النيات الحقيقية لـ”حزب الله”. هذه النيّات قديمة-جديدة، ولكن ثمّة حاجة إلى التذكير بها من وقت إلى آخر. هناك حاجة إلى تذكير الحزب نفسه أيضا ببديهيات معيّنة للتأكيد أن جرائم الماضي لن يمرّ عليها الزمن وأن هناك من يلاحق من يقف وراءها، وأن العدالة ستأخذ مجراها مهما طال الزمن.
لعلّ في مقدّم ما يُفترض تذكير “حزب الله” به أن اللبنانيين يعرفون من قتل وسام الحسن رئيس شعبة المعلومات في قوى الأمن. هذا ما أكدّه نهاد المشنوق قبل سنة وأعاد تأكيده هذه السنة، كما أكّده مروان حماده عندما قال أن الهدف من قتل وسام الحسن كان “قطع رأس التحقيق بعد اغتيال مهندس التحقيق”، أي الرائد وسام عيد.

الكلّ في لبنان يعرف هذا الواقع الذي لا يمكن الهرب منه، لا عن طريق افتعال حروب مع إسرائيل، كحرب صيف العام 2006، ولا عن طريق جرائم أخرى كان آخرها اغتيال الدكتور محمّد شطح… ولا عن طريق الانضمام إلى الحرب المذهبية الطابع التي تستهدف إفناء الشعب السوري وتشريده داخل سوريا وخارجها.

كان طبيعيا أن يصدر عن السيد حسن نصرالله الأمين العام لـ”حزب الله” ردّ فعل على كلام نهاد المشنوق ومروان حماده. اتسم الردّ بنبرة حادة تعكس شعورا بالتعالي، وكأنّ التعالي على اللبنانيين الآخرين يجعل الحزب فوق الشبهات. فحوى كلام نصرالله أن حزبه لا يستجدي الحوار، وأن من يريد ترك الحكومة “الله معه”.

لا ينطلي على أحد الدور الذي يلعبه الحزب والسبب الذي يدعوه إلى البقاء في الحكومة وتعطيل العمل الحكومي في الوقت ذاته. ربّما ينطلي ذلك على بعض اللبنانيين من ذوي النيّات الحسنة الذين نزلوا إلى الشارع لأسباب محقّة… من دون إدراكهم أن هذه الأسباب المحقّة لا يعود لها وجود متّى عادت الدولة البنانية إلى ممارسة مسؤولياتها.

يبقى الحزب في الحكومة ويتظاهر أنه في حوار مع “المستقبل”، ومع الأطراف اللبنانية الأخرى، من أجل تمرير الوقت لا أكثر. ما يفسّر النبرة الحادة لنصرالله الكلام الواضح والمباشر لنهاد المشنوق ومروان حماده، إن بشأن الحوار وإن بشأن غياب أي أوهام من أي نوع كان يمكن أن تنتج عن الحوار. فلو كان من حوار مثمر، لكان هذا الحوار أدّى إلى انتخاب رئيس للجمهورية قبل أي شيء آخر. لو كان من أمل في الحوار، لكان العمل الحكومي انتظم، ولكان الجهد انصبّ على مساعدة اللبنانيين في التغلّب على كلّ الأزمات، بما في ذلك أزمة النفايات.


كلّ ما في الأمر أن اللبنانيين يعرفون أن “حزب الله” يراهن على تمرير الوقت بغية تحقيق انتصار على اللبنانيين الآخرين، وفرض مشروعه الهادف إلى تغيير النظام في لبنان.

يريد الحزب، ومن خلفه إيران، البناء على وضع يده على مؤسسات الدولة اللبنانية بواسطة السلاح غير الشرعي. وهو أمر حاصل الآن. صارت الدولة اللبنانية دويلة في دولة “حزب الله” المصرّ على نقل لبنان إلى مكان آخر بعيدا عن التجربة التي كانت له مع الرئيس السابق ميشال سليمان.

كانت تجربة “حزب الله” مع ميشال سليمان أكثر من كافية كي يقتنع بأن عليه تغيير النظام اللبناني، خصوصا أنه اعتقد أن ميشال سليمان، إنما أصبح رئيسا للجمهورية نتيجة انقلاب نفّذه الحزب الذي اجتاح بيروت والجبل الدرزي في السابع والثامن والتاسع من مايو 2008.

فوجئ الحزب ومعه إيران بأنّ رئيس الجمهورية الجديد، وقتذاك، أصرّ على أن يكون رئيسا لكل اللبنانيين، وأنّه مصر على حماية مصالح لبنان وليس مصالح إيران والنظام السوري. فوق ذلك، تبيّن أنّه مصر على التعاطي مع بشّار الأسد تعاطي الندّ للندّ، في وقت اعتقد الأسد الابن دائما أنه قادر على ارتكاب كلّ أنواع الجرائم في لبنان من دون حسيب أو رقيب.

فوجئت إيران أيضا بميشال سليمان يصرّ على “إعلان بعبدا” الذي يظلّ خشبة الخلاص للبنان واللبنانيين، فتراجع “حزب الله” عن موافقته على الإعلان الذي يكرّس الحياد اللبناني حيال ما يدور من صراعات على الصعيد الإقليمي.

ما تريده إيران حاليا واضح كلّ الوضوح. إمّا رئيس في جيبها، كما كان إميل لحود، الذي لم يكن سوى موظّف لدى رئيس النظام السوري، وإمّا المثالثة مع ما يعنيه ذلك من إتيان بنائب لرئيس الجمهورية، ذي صلاحيات تنفيذية واسعة محدّدة، ينتمي إلى الطائفة الشيعية ويؤمّن الوجود الثابت لطهران بشكل شرعي.

لن يعود هذا الوجود الإيراني في لبنان مقتصرا عندئذ على سلاح لميليشيا مذهبية ذات دور يتجاوز الحدود اللبنانية فقط. يصبح هذا الوجود جزءا لا يتجزّأ من التركيبة السياسية للبنان مع ما يعنيه ذلك من تغيير لطبيعة البلد، بدءا بتحوّله أرضا معادية لكلّ أهل الخليج، كما الوضع الآن، ولكلّ ما هو عربي في المنطقة.

في سبيل تحقيق هدفها اللبناني، تراهن إيران على “حزب الله” الذي يستخدم بدوره ميشال عون. إنه رهان على لذيذين. لذيذ أن يأتي ميشال عون رئيسا للجمهورية، ليكون إميل لحود آخر. بل، إنّه قادر على الذهاب إلى أبعد مما ذهب اليه إميل لحّود في عدائه لكلّ مشروع يصبّ في خدمة لبنان واللبنانيين… وصولا إلى المشاركة بطريقة، أو بأخرى، في تغطية عملية اغتيال رفيق الحريري ورفاقه في فبراير 2005.

ألم يذهب ميشال عون إلى إسقاط حكومة الوحدة الوطنية برئاسة سعد الحريري في بداية 2011، بمجرّد أن “حزب الله” طلب منه ذلك؟

أعطى ميشال عون الدليل تلو الدليل على أنّه ينفّذ المطلوب منه. الرهان عليه كرئيس للجمهورية لذيذ، والرهان على تعطيله انتخاب رئيس للجمهورية لذيذ أيضا. إنه رهان إيراني على لذيذيْن في لبنان. هذه اللعبة المكشوفة تطرّق إليها نهاد المشنوق ومروان حماده لدى إحياء ذكرى استشهاد وسام الحسن. هذه الذكرى ليست مجرّد ذكرى، بمقدار ما إنّها كانت مناسبة لتأكيد أنّ لبنان ما زال يقاوم وأن الحوار مع “حزب الله” لا يعني بالضرورة التوقف عن السعي إلى معرفة الحقيقة وملاحقة من كان وراء الاغتيالات في لبنان. هل يكفي الصوت العالي والتعالي لتغطية جرائم من نوع اغتيال رفيق الحريري والشخصيات اللبنانية الأخرى. هل يكفي الصوت العالي للتغاضي عن الأسباب الحقيقية التي تمنع انتخاب رئيس للبنان؟

بعد ثلاث سنوات على رحيله عن عالمنا، لا يزال وسام الحسن حاضرا. كشف خيوط جرائم “حزب الله”. الذين تحدثوا في الذكرى الثالثة لرحيله أكّدوا أنّ المهمة التي نذر نفسه من أجلها لم تَمُتْ معه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا يتعالى حسن نصرالله على اللبنانيين لماذا يتعالى حسن نصرالله على اللبنانيين



GMT 09:03 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 09:02 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مسرح القيامة

GMT 09:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... و«اليوم التالي»

GMT 09:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا توثيق «الصحوة» ضرورة وليس ترَفاً!؟

GMT 08:59 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 08:57 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 08:55 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

«فيروز».. عيونُنا إليكِ ترحلُ كلَّ يوم

GMT 08:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى شهداء الروضة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا
  مصر اليوم - روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 17:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الإجازات الرسمية في مصر لعام 2025 جدول شامل للطلاب والموظفين
  مصر اليوم - الإجازات الرسمية في مصر لعام 2025 جدول شامل للطلاب والموظفين

GMT 10:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

رأس شيطان ضمن أفضل 10 مناطق للغطس في العالم

GMT 21:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

منى عبد الغني توجّه رسالة إلى محمد صلاح

GMT 17:26 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 20 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 11:09 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة رانيا ترد على رسالة طالب جامعي بطريقة طريفة

GMT 11:06 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

وكالة فيتش ترفع التصنيف الائتماني للبنوك المصرية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon