توقيت القاهرة المحلي 06:46:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

من أي باب سيدخل أوباما التاريخ

  مصر اليوم -

من أي باب سيدخل أوباما التاريخ

خيرالله خيرالله

الإدارة التي تضع مسايرة إيران في طليعة أولوياتها، مستعدة لكل شيء باستثناء المواجهة مع إسرائيل. في ظل هذه المعطيات، يصح السؤال من أي باب سيدخل باراك أوباما التاريخ.

غريب أمر الإدارة الأميركية التي على رأسها باراك أوباما. يريد الرجل دخول التاريخ. سيدخل التاريخ حتما بصفة كونه أوّل رئيس أسود للولايات المتحدة. هل يدخل التاريخ بفضل إنجاز تحقق في عهده في المجال السياسي؟ الواضح أنه يبحث عن إنجاز. فالسنة 2014 تنتهي والإدارة الأميركية تتطلع في ثلاثة اتجاهات، في حين يبدو مطلوبا التركيز أيضا على اتجاه رابع، وآخر خامس.

يساعد الاتجاهان الرابع والخامس في معالجة ما يمكن تسميته الاستثناء الفلسطيني والظلم اللاحق بالشعب السوري وبسوريا عموما.

في الموضوعين الفلسطيني والسوري، تستطيع الإدارة إثبات جدّيتها بدل الاكتفاء بانتصارات أقلّ ما يمكن أن توصف به أنّها سهلة. في الواقع، تكشف مواقف الإدارة من فلسطين وسوريا تهرّبا من تحمّل مسؤولياتها التاريخية تجاه شعبين مظلومين. الفلسطينيون يعانون من الاحتلال، والسوريون يعانون من نظام مصمّم على جعلهم عبيدا لديه من جهة، وعلى وضعهم تحت الاحتلال الإيراني من جهة أخرى.

بالنسبة إلى باراك أوباما، لا يزال الملف النووي الإيراني يختزل كلّ أزمات الشرق الأوسط.

بالنسبة إليه، هناك مكان وحيد يمكن فيه تحقيق اختراق في الشرق الأوسط. هذا المكان هو إيران. إيران بلد مهم. لا يختلف اثنان في هذا الشأن. ولكن ما لا يسأله الرئيس الأميركي الباحث عن إنجاز يجعل التاريخ يتذكّره، كيف يمكن شنّ حرب ناجحة على “داعش”، بدل الشكوى من “داعش”؟

هل ذلك ممكن من دون السعي إلى معالجة ما تتسبب فيه السياسة الإيرانية في المنطقة من كوارث؟ هل هذا ممكن من دون الاعتراف، أوّلا، بأن الحرب الأميركية على العراق أمّنت لإيران موطئ قدم في هذا البلد الذي كان إلى ما قبل فترة قصيرة أحد أعمدة التوازن الإقليمي؟

يرفض أوباما أن يسأل نفسه، أيضا، كيف يمكن الاكتفاء بالتركيز على “داعش” السنّية، وتجاهل الدواعش الشيعية التي هي في أساس انتعاش “داعش” وتمدّدها؟ لا يجوز، في أيّ شكل، تجاهل المشروع التوسّعي الإيراني في المنطقة، في حال كان مطلوبا القضاء على الإرهاب الذي بات مرتبطا أساسا بإثارة الغرائز المذهبية التي هي في صلب المشروع الإيراني في الشرق الأوسط. يبدأ المشروع بأفغانستان، وصولا إلى اليمن والسودان ودول الخليج العربي وشمال أفريقيا، مرورا بالعراق والبحرين وسوريا ولبنان طبعا.

لا يمكن إلا استغراب هذا التوجه الأميركي إلى إيران، على الرغم من أنّه لا يمكن في أيّ لحظة تجاهل أهمّية هذا البلد ذي الحضارة العريقة. ولكن يبقى السؤال ما الذي لدى إيران، بنظامها الحالي، ما تقدمه للمنطقة في مجال المحافظة على الاستقرار فيها وتكريسه بدل العمل على تفكيك البلدان العربية، كلّ بلد تلو الآخر من منطلق مذهبي؟ هل تعتبر إيران في الوقت الحاضر أنه آن أوان قبض ثمن مشاركتها في الحرب الأميركية على العراق؟ في النهاية ليس لدى إيران ما تقدّمه سوى الاستثمار في المذهبية بدل السعي إلى نشر الأفكار التي تدعو إلى التسامح والاعتراف بالآخر والانفتاح على العالم المتحضّر.

في غياب مردود سريع لعملية استرضاء إيران، اتجه باراك أوباما نحو كوبا. ما أعلن عنه الرئيس الأميركي قبل أيّام كان خطوة تاريخية تعكس، أول ما تعكس، الانتهاء من مقاطعة استمرت ما يزيد على نصف قرن للجزيرة التي حكمها فيديل كاسترو طويلا. كان كاسترو يظنّ أنه سيكون شريكا في تغيير العالم. كل ما في الأمر أن كوبا تغيّرت، واكتشفت أن ليس في استطاعتها الاستمرار من دون العودة إلى الفلك الأميركي.

المضحك – المبكي في الموضوع أنّ كوبا المفلسة وجدت نفسها مضطرّة، في غياب الاتحاد السوفيتي والحرب الباردة، إلى الاعتماد على بلد يسير نحو الإفلاس هو فنزويلا. كانت فنزويلا بين أكثر الدول تأثّرا بانهيار أسعار النفط. انكشفت فنزويلا التي اعتمدت في عهد الراحل هوغو شافيز سياسة لم تجلب لها سوى الخراب. كانت النتيجة أن انتصرت عليها الولايات المتحدة بالنقاط. ما حصل أن أوباما الذي هرب إلى كوبا، إنّما قطف الثمرة بعد نضوجها وبعدما لم يعد أمام هافانا خيارات أخرى.

هناك مكان ثالث يسعى باراك أوباما إلى إظهار وجوده فيه. إنّه أوكرانيا. نعم، تعاني روسيا من العقوبات التي فرضت عليها بسبب سياستها الهجومية في أوكرانيا. لكنّ العامل الحاسم في المواجهة مع الرئيس فلاديمير بوتين كان هبوط أسعار النفط التي جعلت الاقتصاد الروسي في الحضيض. من وراء هبوط أسعار النفط؟ وحده الوقت سيكشف من وراء هذا التطور التاريخي الذي فضح دولا مثل فنزويلا وروسيا وإيران…

لماذا لا يمتلك أوباما الشجاعة نفسها في مواجهة إسرائيل والانتهاء من الاحتلال؟ هل كثير الطلب من الرئيس الأميركي ذلك؟ لماذا هذا التراجع أمام إسرائيل، في حين أنّ كل المطلوب هو إنهاء الاحتلال استنادا إلى قرارات واضحة لمجلس الأمن؟ هذه القرارات تمثّل الشرعية الدولية التي تعتبر الولايات المتحدة نفسها حريصة عليها، أقلّه نظريا.

لكنّ الفضيحة الأميركية الأكبر تظل الموقف من النظام السوري. هناك رعب أميركي من إسرائيل ومن بنيامين نتانياهو الذي يعترض على أي عمل يمكن أن يسيء إلى النظام السوري. كذلك، هناك مسايرة إلى أبعد حدود لإيران في مجال التعاطي مع النظام السوري.

هل هذا ما يبرّر كلّ هذا التخاذل حيال سوريا، حيث يوجد شعب عانى ما يزيد على نصف قرن من تخلّف حزب البعث، فإذا به يبحث منذ نحو أربع سنوات عن أبسط حقوقه؟

فشل أوباما في إيجاد سياسة واضحة أميركية في الشرق الأوسط. هناك جهل حتّى في البديهيات. في الإمكان تحقيق اختراق مع إيران، وفي الإمكان التوصل إلى مصالحة تاريخية مع كوبا. كذلك، في الإمكان تركيع روسيا بفضل أسعار النفط. ولكن حيث كان في استطاعة الإدارة الأميركية لعب دور بناء يخدم شعبين يبحثان عن شيء من كرامتهما، لا مجال لتحقيق أي تقدم.
هل إلى هذا الحد تخشى إدارة باراك أوباما إسرائيل التي لا هدف لديها، إلى إشعار آخر، سوى تفتيت سوريا، والقضاء على أي أمل بقيام دولة فلسطينية مستقلة؟ يبدو أن الإدارة التي تضع مسايرة إيران في طليعة أولوياتها، مستعدة لكلّ شيء باستثناء المواجهة مع إسرائيل.

في ظلّ هذه المعطيات، يصحّ السؤال من أي باب سيدخل باراك أوباما التاريخ؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من أي باب سيدخل أوباما التاريخ من أي باب سيدخل أوباما التاريخ



GMT 08:58 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 08:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 08:43 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 08:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 07:32 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 07:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 07:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 07:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon