توقيت القاهرة المحلي 19:41:58 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ياسر عرفات كشف 'حماس'... و'فتح'

  مصر اليوم -

ياسر عرفات كشف حماس وفتح

خيرالله خيرالله

لم يكشف رحيل ياسر عرفات 'حماس' فقط. كشف أيضا إفلاس 'فتح' التي تبدو هذه الأيام وكأنها فقدت روحها. فلو كان 'أبو عمار' حيا، لما كانت 'حماس' تجرأت على القيام بانقلابها منتصف عام 2007.

أحيت “حماس” على طريقتها الذكرى العاشرة لغياب ياسر عرفات الزعيم التاريخي للشعب الفلسطيني والرجل الذي استطاع وضع فلسطين على الخريطة السياسية للشرق الأوسط.

ألقت “حماس” قنابل على منازل عدد من القياديين في “فتح”، ونسفت المنصة التي كان مفترضا أن تستضيف الاحتفال الذي كان سيقام في غزّة تخليدا لذكرى رحيل “أبو عمّار”.

خلاصة ما جرى أنّ ياسر عرفات، ما زال من حيث هو، يخيف “حماس” التي طمرت المشروع الوطني الفلسطيني القائم على خيار حلّ الدولتين. فضّلت عمليا تغيير طبيعة المجتمع الفلسطيني وأخذه نحو التخلف والبؤس بغية السيطرة عليه.

لا تزال “حماس”، بصفة كونها جزءا لا يتجزّأ من التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، تخشى شبح ياسر عرفات. تخشى شبح “أبو عمّار” نظرا إلى أنّها تدرك جيدا أن هذا الشبح كفيل بإخراجها من غزّة وإعادة القطاع إلى أهله.

لا بدّ من عودة غزّة إلى أهلها في أقرب وقت، نظرا إلى أن لعودة غزّة إلى الغزاويين معنى. هذه العودة تعني أن القطاع سيستعيد بعضا من حيويته، وسيخرج الفلسطينيون عندئذ من ذلك السجن الكبير ذي السقف المفتوح الذي يناسب “حماس” والجانب الإسرائيلي في الوقت ذاته. ستؤكّد هذه العودة أنّ هناك شعبا فلسطينيا واحدا في غزّة والضفّة الغربية.

ليس مستغربا أن يكون ياسر عرفات لا يزال يخيف إلى اليوم. ليس مستغربا أن تكون “حماس” التي تسيطر على كلّ جانب من الحياة في غزّة في حال هلع. لا تستطيع حتّى سماع اسم “أبو عمّار” على الرغم من مضي عشر سنوات على غيابه الجسدي.

تلك عظمة ياسر عرفات الذي ترك فراغا لم يوجد من يستطيع ملؤه على الرغم من مرور عشر سنوات على رحيله. لا يزال ياسر عرفات في قلب كلّ فلسطيني يؤمن بثقافة الحيـاة وفي وجـدان هذا الفلسطيني.

ما كانت تخشاه “حماس” هو أن ينزل الفلسطينيون إلى الشارع في الذكرى العاشرة لرحيل “أبو عمّار” كي يرفعوا صورته عاليا، وكي يقولوا إنّ كفى تعني كفى، وأنه حان وقت وقف المتاجرة بالشعب الفلسطيني.

كان هناك خوف حقيقي من أن يستغلّ الفلسطينيون هذه المناسبة كي يكشفوا حقيقة مشاعرهم تجاه حركة تحكم غزّة بالحديد والنار بفضل ميليشيا تابعة لها. كلّ هدف “حماس” يتلخّص بضرورة المحافظة على “الإمارة الإسلامية” التي أقامتها، على الطريقة الطالبانية، وذلك من أجل تحويل القطاع إلى نقطة انطلاق لشنّ عمليات إرهابية تستهدف مصر أوّلا وأخيرا.

مرّة أخرى كشف ياسر عرفات “حماس”، أنّ لا رغبة لها في مصالحة وطنية فلسطينية حقيقية، وأن كلّ ما فعلته في الفترة الأخيرة هو الانحناء للعاصفة مؤقتا.

مرّت العاصفة. قبلت “حماس” بوقف إطلاق النار مع إسرائيل استنادا إلى المبادرة المصرية التي تأخّرت في قبولها ما يزيد على شهر بسبب خضوعها لضغوط أولئك الذين يريدون تصفية حساباتهم مع مصر. كلّ ما في الأمر الآن، أنّ وقت الحساب جاء. من سيعيد إعمار القطاع؟ من سيعوّض العائلات التي فقدت أبناءها؟ من يستطيع القول لـ”حماس” إنّها خاضت حربا خاسرة فرضها عليها المتاجرون بالشعب الفلسطيني وقضيّته؟

المؤسف أن إسرائيل قادرة على ممارسة إرهاب الدولة من دون أن يوجد من يحاسبها. ما هو مؤسف أكثر أنّ “حماس” ترفض أي تنازل عن السلطة في غزّة، حتّى لو كان ذلك يعني أن الناس سيستمرون في العيش في العراء. هناك آلاف العائلات التي تشرّدت بسبب الحرب الأخيـرة التي تعرّضت لها غزّة.

هناك في المقابل من يرفض الاعتراف بأنه تسبب بهذه الحرب وبأنّ عليه الاعتذار من الفلسطينيين والابتعاد عن ظهورهم بعدما عجز عن تحقيق أي مطلب من المطالب التي رفعها. أين الميناء الذي طالبت “حماس” بإعادة فتحه؟ أين المطار الذي طالبت “حماس” بإعادة تشغيله؟ أين حقوق الصيد البحري التي وعدت الحركة الصيادين الفلسطينيين بها؟ أين المعابر التي وعدت بإعادة فتحها؟

كبيرة هي خسارة ياسر عرفات. الخسارة كبيرة إلى درجة، لم تعد فيها “فتح” قادرة حتّى على حماية قيادييها في غزّة. لم يكشف رحيل ياسر عرفات “حماس” فقط. كشف أيضا إفلاس “فتح” التي تبدو هذه الأيّام وكأنّها فقدت روحها. فلو كان “أبو عمّار” حيا، لما كانت “حماس” تجرّأت على القيام بانقلابها منتصف العام 2007. لو كان ياسر عرفات موجودا، لما كانت غزّة تعاني من البؤس والحصار. لو كان ياسر عرفات بيننا الآن، لما كانت غزّة تحولّت إلى “إمارة إسلامية” تستخدم في حياكة المؤامرات على مصر.

طوال سنوات النضال الطويلة، ارتكب ياسر عرفات أخطاء كثيرة. لا مجال لتعداد هذه الأخطاء التي كان من بينها تصرّفات المقاومة في الأردن، ثمّ في لبنان. لا يزال لبنان يعاني حتّى اليوم من السلاح الفلسطيني غير الشرعي، ومن انخراط الفلسطينيين في حروب اللبنانيين، من منطلق طائفي، بتشجيع من النظام السوري.

أخيرا، يمكن أن يؤخذ على ياسر عرفات عدم اتخاذه الموقف الصحيح لدى تعرّض الكويت للاحتلال العراقي، الذي كان مغامرة مجنونة لصدّام حسين في العام 1990.

ولكن ما لا بدّ من الاعتراف به أن ياسر عرفات كان رجلا استثنائيا، خصوصا بعد خروجه من لبنان صيف العام 1982 وانصرافه إلى الاهتمام بتحصين القرار الفلسطيني المستقلّ. أوصله هذا القرار إلى أن يدخل أرض فلسطين. من كان يصدّق يوما أن ياسر عرفات سيدفن في فلسطين وعلى أبواب القدس؟

وضع ياسر عرفات اللبنة الأولى للدولة الفلسطينية المستقلة. بكلام أوضح، وضع فلسطين على خريطة المنطقة. المشكلة بعد عشر سنوات على رحيله، أن ليس من يستطيع متابعة الرحلة التي بدأها، خصوصا في ظلّ المتغيّرات الدولية التي تشجع الاحتلال الإسرائيلي على مزيد من التعنّت من جهة… وصعود “حماس” وإصرارها على الاحتفاظ بغزّة من جهة أخرى.

بالرغم من الفراغ القائم، لا تزال “حماس” تخشى ياسر عرفات. تخشى من أن يخرج من قبره ومن أن يطردها من غزّة. كيف يمكن لحركة تدّعي أن لديها شعبية كبيرة بين الفلسطينيين ممارسة كلّ هذا الإرهاب بحق أهل غزّة خشية أن يرفعوا صورة ياسر عرفات؟ أوليس هذا الخوف دليلا على أن “أبو عمّار” حاجة فلسطينية وهو حاضر اليوم أكثر من أي وقت داخل كلّ فلسطيني؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ياسر عرفات كشف حماس وفتح ياسر عرفات كشف حماس وفتح



GMT 09:09 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 09:05 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 09:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 09:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 09:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 09:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 08:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 08:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon