توقيت القاهرة المحلي 20:07:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حرب من دون أفق سياسي

  مصر اليوم -

حرب من دون أفق سياسي

بقلم - خير الله خير الله

بعد ثلاثة أشهر على حرب غزّة لا تزال الحاجة، أقلّه من ناحية إنسانية، إلى أفق سياسي لهذه الحرب التي توسّعت من دون أن تتوسّع والتي ضحيتها الشعب الفلسطيني.

لا يمكن لأي بلد في هذا العالم أو أي تنظيم سياسي أو عسكري خوض حرب من دون أفق سياسي. هذا ما افتقدته «حماس» عندما بادرت إلى شنّ «طوفان الأقصى» في السابع من أكتوبر الماضي. هذا ما تفتقده إسرائيل أيضاً، عبر الاستمرار في حربها الوحشيّة على الشعب الفلسطيني، في ظل حكومة بنيامين نتنياهو التي تضم مجموعة لا بأس بها من الموتورين الذين لديهم علاقة بكلّ شيء باستثناء السياسة.

لا وجود لما يسمح بالكلام عن مرحلة ما بعد حرب غزّة من دون تسوية ما تأخذ في الاعتبار أنّ ليس في الإمكان إلغاء الشعب الفلسطيني الموجود على أرض فلسطين من جهة وعلى الخريطة السياسيّة للشرق الأوسط من جهة أخرى.

بكلام أوضح، يستحيل إزالة شعب من الوجود ما دام هذا الشعب يمتلك قدرة غير محدودة تسمح له بمتابعة المقاومة.

أكثر من ذلك، توجد هويّة وطنيّة تجمع بين أبناء هذا الشعب في فلسطين وخارج فلسطين. رسخ هذه الهوية رجل اسمه ياسر عرفات الزعيم التاريخي للشعب الفلسطيني. لا يمكن تجاوز هذا الواقع على الرغم من كلّ الأخطاء التي ارتكبها «أبو عمّار» في الأردن ولبنان وفي حق الكويت في مرحلة ما...

بعد ثلاثة أشهر على حرب غزّة، وبعد الضربة التي تلقتها الدولة العبريّة وهي الأولى من نوعها منذ ثلاثة أرباع القرن، باتت الكرة في الملعب الإسرائيلي.

الأكيد أن ليس في استطاعة إسرائيل القيام بأي خطوة في الاتجاه الصحيح من دون الاعتراف بالثابت الذي اسمه الشعب الفلسطيني. هل تستطيع إسرائيل القيام بالتغيير المطلوب، داخلياً، مع ما يعنيه ذلك من تخلّص من فكرة الاستمرار في فرض الاحتلال؟

الأكيد أنّ مثل هذا التغيير الداخلي في إسرائيل آتٍ لا محالة. هل يقتصر على الأشخاص أم يتجاوز ذلك إلى الفكر السياسي بعيداً عن حلم ضمّ الضفّة الغربيّة والقدس؟ من دون التغيير يستحيل الخروج من المأزق الذي ولد من رحم «طوفان الأقصى».

هذا المأزق إسرائيلي قبل أي شيء آخر. لم يؤدِ «طوفان الأقصى» إلى تعرية المؤسسة العسكريّة والأمنية الإسرائيلية فحسب، بل أدّى عملياً إلى كشف غياب الخيارات السياسية بعدما تقدّم الاستيطان على الأمن.

ليست النكسة الأمنية التي تعرّضت لها إسرائيل، وكلمة نكسة قد لا تكون في محلها بمقدار ما أنّ الأمر يتعلّق بكارثة حقيقيّة، سوى نتيجة لجعل الاستيطان يتقدّم على الأمن إن في غزّة أو في الضفّة الغربيّة والقدس.

يصعب تجاهل أنّ التغيير في ضوء حرب غزّة وما ستؤول إليه لا يمكن أن يقتصر على إسرائيل. ثمّة حاجة إلى مراجعة فلسطينية بعدما تبيّن أن السلطة الوطنيّة في حال ترهّل ليس بعده ترهّل.

لا وجود لأي دور لهذه السلطة التي لا حول لها ولا قوّة. اكتفت السلطة المقيمة في رام الله بالتفرّج، منذ منتصف العام 2007، على التحولات التي شهدها القطاع حيث أقامت «حماس» ما يشبه «امارة إسلاميّة» بعدما كانت لديها خيارات أخرى.

ستسعى إسرائيل إلى الاستفادة إلى ما لا نهاية من وضع إدارة جو بايدن، وهي إدارة ولدت في الأصل حائرة وزادت حيرتها مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركيّة في نوفمبر المقبل.

كلّما مرّ يوم تزداد حرب غزّة تعقيداً بعدما اختارت حكومة نتنياهو طريق الحرب التي لا تبدو قادرة على حسمها سوى عن طريق تدمير القطاع على من فيه وتهجير أهله من بيوتهم.

ليست حرب غزّة وحدها التي تزداد تعقيداً. الوضع في المنطقة كلّها بات على كفّ عفريت مع ما يشهده البحر الأحمر من تطورات بفضل تلك الأداة الإيرانيّة المسماة بـ«الحوثيين» وبعدما قرر «حزب الله» فتح جبهة جنوب لبنان من دون فتحها بمواصفات إيرانيّة.

ما يمكن أن يأخذ المنطقة إلى مكان آخر أكثر سوءاً النتائج المترتبة على زج «الجمهوريّة الإسلاميّة» في إيران بالعراق في لعبة الاستفادة إلى أبعد حدود من حرب غزّة.

يضاف إلى ذلك، قرار إسرائيل الدخول في لعبة من نوع آخر هي لعبة الاغتيالات والعمليات الخاصة مثل عملية اغتيال الحمساوي صالح العاروري وقبله الضابط الكبير في «الحرس الثوري» الإيراني رضى الموسوي.

اغتيل العاروري في معقل «حزب الله» في الضاحية الجنوبيّة لبيروت، واغتيل موسوي في إحدى ضواحي دمشق قبل أيام قليلة من تفجير كرمان في إيران في الذكرى الرابعة لاغتيال قاسم سليماني...

غيّرت حرب غزّة المنطقة كلّها. ليس مستبعداً أن تغيّر العالم، خصوصاً بعدما خفّ الضغط الأميركي والأوروبي على فلاديمير بوتين في أوكرانيا التي يحتل الجيش الروسي جزءاً من أراضيها.

ما لم يتغيّر يتمثل في الثابت الوحيد، أي وجود الشعب الفلسطيني الذي لا مفرّ من إنصافه في نهاية المطاف بدل تهجيره من أرضه. لن يكون هذا التهجير ممكناً، خصوصاً بعدما تبيّن أن تصفية القضيّة الفلسطينيّة على حساب مصر أو الأردن ليس سوى أوهام ستأتي بالمآسي بغض النظر عمّا إذا كان هناك أي مستقبل سياسي لـ«حماس» وتوابعها من نوع «الجهاد الإسلامي» وما شابه ذلك.

راهن اليمين الإسرائيلي طويلاً على «حماس» لضرب المشروع الوطني الفلسطيني. ارتدّ هذا الرهان على الدولة العبريّة التي صار مصيرها في مهب الريح.

هل تذهب إسرائيل بعد خيبة الرهان على «حماس» إلى رهان من نوع آخر، أي إلى الإقرار بحقوق الشعب الفلسطيني بدل الاستمرار في الدوران في حلقة مقفلة مع ما يعنيه ذلك من حروب أخرى تستجلبها حرب غزّة؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حرب من دون أفق سياسي حرب من دون أفق سياسي



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري

GMT 18:33 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ميا خليفة تحضر إلى لبنان في زيارة خاصة

GMT 14:47 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

الحضري على رأس قائمة النجوم لمواجهة الزمالك

GMT 11:13 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

ما وراء كواليس عرض "دولتشي آند غابانا" في نيويورك
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon