توقيت القاهرة المحلي 06:37:58 آخر تحديث
  مصر اليوم -

انتخابات لتغيير هويّة لبنان!

  مصر اليوم -

انتخابات لتغيير هويّة لبنان

بقلم:خيرالله خيرالله

ليس ما يضمن أن تكون الانتخابات النابية في لبنان مرآة حقيقية تعكس ما هو عليه فعلا الوضع في البلد. ستكون هذه الانتخابات نتيجة مباشرة لسلسلة من الحروب كان ابرزها غزوة بيروت التي اخضعها "حزب الله" له في الثامن ايّار – مايو 2008. وقتذاك، لم تصمد الدولة اللبنانيّة في مواجهة مع ميليشيا الحزب المذهبي، التابع لإيران، الذي سيطر على بيروت عسكريا. ما لبث أن ترجم هذه السيطرة إلى سيطرة سياسيّة حسمت موقع لبنان في المنطقة والفريق الذي بات يتحكّم بشؤونه وشؤون مواطنيه بأدّق تفاصيلها.

عندما ينشغل اللبنانيون بالإنتخابات المتوقعة في الخامس عشر من الشهر الجاري، فإنّهم لا يتوقفون، مثلهم مثلما كثيرين خارج لبنان، عند المشكلة الأساسية التي تتجاوز مسألة الإنتخابات. هذه المشكلة اسمها قانون الانتخابات المعمول به والذي فصّل أساسا على قياس "حزب الله" الذي ليس سوى لواء في "الحرس الثوري" الإيراني. كلّ ما عدا ذلك تفاصيل لا علاقة لها بمصلحة لبنان... في ضوء قدرة "حزب الله" على الإستناد إلى هذا القانون، العجيب الغريب، من اجل ضمان اكثريّة دائمة له في مجلس النواب اللبناني. تسمح له هذه الأكثرية بتغيير هويّة لبنان نهائيا وجعله بلدا طاردا لأهله، تماما كما سعت إسرائيل في كلّ وقت منذ احتلالها الضفّة الغربيّة في العام 1967، إلى جعلها ارضا طاردة لأهلها. فعلت ذلك عبر المستوطنات التي اقامتها في كلّ انحاء الضفّة والتي شملت تطويق مدينة القدس، من كلّ الجهات، وعزلها عن الأراضي الفلسطينية المحتلّة قدر المستطاع.
لم يكن قانون الانتخابات، الذي أجريت على أساسه انتخابات العام 2018، سوى ثمرة سلسلة من الحروب خاضها "حزب الله" من اجل اخضاع الشعب اللبناني بدءا بتفجير رفيق الحريري في 14 شباط - فبراير من العام 2005 وسلسلة الإغتيالات التي تلت ذلك وكان أولها اغتيال سمير قصير وآخرها اغتيال محمّد شطح ولقمان سليم. تبدو الانتخابات المقبلة اقرب إلى حرب أخرى للحزب على لبنان.
تعرّض لبنان، منذ العام 2005، لسلسلة حروب حقيقية استهدفته كما استهدفت اللبنانيين. كانت بينها حرب صيف العام 2006 وحرب الإعتصام في وسط بيروت بغية اغلاقه وشلّ الحركة الإقتصاديّة فيه... وحرب مخيّم نهر البارد الفلسطيني وحرب التدخل في سوريا، في سياق الحرب على الشعب السوري، بغية الغاء الحدود بين البلدين وحرب ايصال ميشال عون إلى موقع رئيس الجمهوريّة بغية تكريس المبدأ القائل أنّ ايران باتت تقرّر من هو رئيس الجمهورية في لبنان. كانت هناك أيضا حرب على المصارف وعلى الكهرباء وعلى التعليم وعلى المستشفيات أدت إلى افقار لبنان واللبنانيين وجعلهم يعيشون في الذلّ. كانت الحرب الأهم على بيروت نفسها وعلى الجبل الدرزي في العام 2008 من اجل اخضاع السنّة والدروز!
لم يعد هناك من يتحدّث عن القانون الإنتخابي الذي يزوّر الانتخابات بشكل مسبق. هذا القانون الذي يسمح لـ"حزب الله"، بفضل سلاحه، باغلاق مناطق سيطرته اغلاقا تاما ومنع ايّ انتخابات فيها كي يسيطر على 27 نائبا شيعيا من اصل 27  في مجلس النوّاب اللبناني. يترك بعد ذلك أبناء الطوائف الأخرى يتقاتلون في ما بينهم بعدما صار "التيّار العوني" أداة طيّعة لديه يستخدمها في كلّ حروبه المستمرة، وهي حروب على المسيحيين وعلى السنّة وعلى الدروز.
لم يعد المطروح في لبنان هل ستكون لـ"حزب الله" اكثريّة في مجلس النواب الجديد؟ المطروح هل يمكن للمعارضة التي ستتكون، هذا اذا تكوّنت، الحؤول دون تمدّد "حزب الله" اكثر وفرض ثقافته على المناطق اللبنانيّة الأخرى على غرار ما فعله في الجنوب والبقاع؟
في النهاية، استطاع "حزب الله" اغلاق مناطق معيّنة في لبنان ومنع أي صوت معارض لثقافة الموت، التي ينادي بها، في هذه المناطق. بات متوقعا ان تكون معركة لبنان المقبلة معركة تفادي السقوط الكامل امام "حزب الله" الذي لا يخفي استياءه على لسان ناطقين باسمه من وجود نمط مختلف للحياة يمارسه اللبنانيون في جونية وجبيل والمعاملتين (مناطق مسيحيّة) وحتّى في بيروت.
يفترض باللبنانيين الإستعداد منذ الآن لمرحلة ما بعد الانتخابات وما يعدّه "حزب الله" للبلد على كلّ المستويات، خصوصا بهدف تغيير طريقة عيش اللبنانيين وممارستهم لثقافة الحياة.
على من يعتبر انّ في مثل هذا الكلام مبالغة، التوقف عند محطتين في غاية الاهمّية. محطة السكوت التام لرئيس الجمهورية وتيارّه، الذي على رأسه جبران باسيل، امام خطاب ممثلي "حزب الله" المتضايقين من شاطئ جونية وجبيل والمعاملتين. امّا المحطة الثانية، فهي تتمثل في ذلك الخضوع لمشيئة "حزب الله" لدى بعض الموارنة، من طينة جبران باسيل، الراغبين في الوصول الى موقع رئيس الجمهورية بايّ ثمن كان.
يدفع لبنان واللبنانيون غاليا ثمن إقرار مجلس النواب لقانون الانتخابات الحالي. تبيّن مع مرور الوقت انّ هذا القانون ليس سوى تتمة منطقيّة لإنتخاب ميشال عون رئيسا للجمهوريّة، أي أنّه بمثابة تكريس لواقع الاحتلال الإيراني للبنان. تكرّس الاحتلال الإيراني على مراحل بعدما استطاع "حزب الله" ملء الفراغ الأمني الذي نتج عن الانسحاب العسكري والأمني السوري من البلد في 26 نيسان - ابريل 2005 نتيجة اغتيال رفيق الحريري وما تلا ذلك من احداث لم تكتمل فصولها إلى يومنا هذا.
قد يحتاج لبنان إلى انتخابات من النوع الذي سيجري بعد ايّام كي تكتمل فصول السيطرة الإيرانية على بلد جرّد في السنوات الأخيرة من كلّ مقومات وجوده. إنّه بلد، من دون كهرباء، لا يريد ان يعرف فيه رئيس الجمهوريّة وصهره من ورائه جريمة موصوفة مثل جريمة تفجير مرفأ بيروت. قطع ميشال عون سريعا الطريق على الحقيقة في تفجير المرفأ عندما استبعد مباشرة بعد الكارثة أي تحقيق دولي في الجريمة!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انتخابات لتغيير هويّة لبنان انتخابات لتغيير هويّة لبنان



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 10:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
  مصر اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 04:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
  مصر اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية

GMT 22:47 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

مبابي يغيب عن نادي سان جيرمان حتى الكلاسيكو

GMT 21:12 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

الزمالك يحصل على توقيع لاعب دجلة محمد شريف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon