توقيت القاهرة المحلي 21:08:30 آخر تحديث
  مصر اليوم -

'حماس' أدت المهمة…

  مصر اليوم -

حماس أدت المهمة…

بقلم : خيرالله خيرالله

من الطبيعي أن ترتاح حركة “حماس” وأن تعلن حلّ لجنتها الإدارية في قطاع غزّة، وأن تدعو الحكومة التي يرأسها رامي الحمدالله إلى تولي مسؤولياتها في القطاع. أدّت “حماس” كل المطلوب منها.

هل تتقاعد “حماس” أم تأخذ على عاتقها مهمّة جديدة في سياق ما قامت من أجله أصلا؟

بلغت “حماس” في الواقع الهدف الذي أنشئت من أجله والذي يتلخّص بإجهاض المشروع الوطني الفلسطيني، وصولا إلى الوضع الذي استقرّت عليه القضية الفلسطينية في هذه الأيام. أليس ملفتا أن الرئيس دونالد ترامب تطرق في خطابه أمام الجمعية للأمم المتحدة إلى كل ما يدور في العالم متجاهلا الفلسطينيين وحقهم المشروع في قيام دولتهم تجاهلا تاما؟

عاشت حركة “حماس” ثلاثين عاما. تأسست في أواخر العام 1987، ها هي الآن تستسلم للسلطة الوطنية في غزّة وتطلب منها تحمّل مسؤولياتها، أي دفع رواتب الفلسطينيين الذين لديهم وظائف رسمية في القطاع، بدءا برجال الشرطة. هل مهمّة السلطة الوطنية المفلسة بدورها، والمترهلة على كل صعيد، سياسيا وماليا خصوصا، أن تكون وكيلة لتفليسة “حماس”؟

هل صار على السلطة أن تتكفّل بـ“حماس” بعدما أنجزت، بالنسبة إلى إسرائيل، ما لم يستطع أي تنظيم فلسطيني آخر إنجازه؟ حققت الحركة الإسلامية ذلك عندما جعلت من الفلسطيني الملثّم واجهة لشعب مظلوم وعنوانه، شعب مظلوم يبحث عن طريقة لاستعادة أرضه المحتلة بالوسائل الدبلوماسية بعدما اكتشف أن السلاح خدم في مرحلة معيّنة الهدف الممكن المطلوب.

كان هذا الهدف الممكن يتمثل في وضع فلسطين على الخارطة السياسية للشرق الأوسط. وهذا ما استطاعه ياسر عرفات الذي دفن في نهاية المطاف في أرض فلسطين وليس في مكان آخر.

نجح ياسر عرفات في بلوغ هدفه المباشر، لكنّه فشل في قطف ثمار ما حقّقه على أرض الواقع. هذا عائد لأسباب كثيرة، لا تزال موضوع جدل طويل. كان من بين هذه الأسباب عدم معرفته العميقة بما هي الولايات المتحدة الأميركية وكيف تعمل الإدارة في واشنطن، إضافة بالطبع إلى جهله التام لكيفية التعامل مع إسرائيل.


هل تتقاعد “حماس” أم لا تزال أمامها مهمّة أخرى بعد نجاحها في تغيير طبيعة المجتمع الفلسطيني، أقله في غزّة، وتحويل القطاع إلى سجن كبير في الهواء الطلق؟

لعل أخطر ما أنجزته “حماس”، إضافة إلى تدمير المشروع الوطني الفلسطيني، وهو البرنامج الوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية، يتمثل في جعل الفلسطيني مجرما وإرهابيا، في حين أنه الضحية. قلبت الأدوار بعد اعتمادها على العمليات الانتحارية لتبرير كل السياسات الإسرائيلية التي تستهدف تكريس الاحتلال… أي إرهاب الدولة.

صار الشعب الفلسطيني المظلوم، من وجهة نظر المجتمع الدولي، هو المعتدي وهو الإرهابي، خصوصا بعد الانسحاب الإسرائيلي من كل قطاع غزة صيف العام 2005. كل ما فعلته “حماس” منذ حصول الانسحاب هو وضع العصي في دواليب السلطة الوطنية. ما فعلته عمليا يتمثّل في تأكيد نظرية أرييل شارون القائلة أن “لا وجود لشريك فلسطيني يمكن التفاوض معه”.

كان يمكن لقطاع غزة، في ضوء الانسحاب الإسرائيلي أن يوفر فرصة كي يظهر الفلسطينيون في العالم ما يمكن أن تكون عليه دولة فلسطينية مستقلة تستطيع العيش بسلام وأمان مع جوارها. ولكن ما العمل بالعقل “الإخونجي” الذي يتحكّم بقادة “حماس” الذين أرادوا تحويل غزّة إلى مرتع لفوضى السلاح وللصواريخ المضحكة – المبكية التي كانت تطلق في اتجاه إسرائيل. الأخطر من ذلك كله، أن غزة تحولت قاعدة للتآمر على مصر في وقت دخل فيه النظام الذي على رأسه حسني مبارك في فترة غيبوبة مكّنت “حماس” من التأثير على مصر وما يدور فيها بدل أن يكون العكس هو الصحيح.

استكملت “حماس”، بدعم إيراني واضح، السيطرة على غزة في حزيران – يونيو 2007. أخرجت السلطة الوطنية منها وأصرّت على متابعة عملية تغيير طبيعة المجتمع الفلسطيني ونشر البؤس والفقر والتخلّف فيه والتحرّش في الوقت ذاته بمصر من موقع قوّة. بدل أن تكون غزة ساحة مصرية، صارت مصر ملعبا لـ“حماس” والذين يقفون خلفها في طهران.

بعد توقيع اتفاق أوسلو في خريف العام 1993 في حديقة البيت الأبيض، صار في غزّة مطار فلسطيني. كان الذهاب إلى مصر برّا، أمرا عاديا عبر معبر رفح. من يتذكّر أن الرئيس بيل كلينتون زار غزة في أواخر العام 1998. استطاعت “حماس” التي ولدت من رحم الإخوان المسلمين تدمير كلّ ما تحقّق. استعانت بحروبها مع إسرائيل كي تضمن حصول مزيد من الخراب في كلّ أنحاء القطاع وضمان فرض حصار عليه وعلى أهله. إسرائيل مرتاحة للحصار، و“حماس” مرتاحة له أكثر منها.

هل استعادت “حماس” لغة المنطق؟ هل باتت مقتنعة بأن التآمر على مصر ليس في مصلحتها ولا في مصلحة الشعب الفلسطيني، وأن كل ما تريده إيران هو استخدام الفلسطينيين ورقة في لعبة تخدم مشروعها التوسعي؟

ما أقدمت عليه “حماس” يعطي إشارات كثيرة في اتجاهات متعددة. لكن السؤال الأساسي الذي سيطرح نفسه باستمرار وإلحاح في آن هو الآتي: هل يمتلك قادة الحركة ما يكفي من الشجاعة للقيام بعملية نقد ذاتي في العمق؟

في حال امتلاك مثل هذه الشجاعة، ليس أمام قادة “حماس” سوى الاعتراف بأنهم استخدموا في مهمة ما لبثت أن ارتدّت عليهم وعلى الشعب الفلسطيني الذي ادّعوا أنّهم يريدون خدمته. كانوا في خدمة إسرائيل في كلّ وقت. كانوا شركاء مع اليمين الإسرائيلي المتطرف الذي رفض اتفاق أوسلو بكل حسناته وسيئاته. كانوا عمليا حلفاء لهذا اليمين الإسرائيلي الذي نجح بقيادة أرييل شارون في البداية، ثم بنيامين نتانياهو في المرحلة الراهنة، في إيصال القضيّة الفلسطينية إلى ما وصلت إليه، على الرغم من أنّها قضية شعب مظلوم استطاع أن يخوض نضالا طويلا أوصله إلى الأمم المتحدة.

ليس أمام قادة “حماس” في حال كانوا يحترمون الشعب الفلسطيني وما ألحقوه به من خسائر سوى الاعتذار. لا يشفع بهم حاليا سوى الأداء السيء للسلطة الوطنية التي تحوّلت، بسبب الإصرار على استبعاد أي شخصية تمتلك حدّا أدنى من الحيثية والثقافة السياسية والرؤية المستقبلية، إلى جهاز أمني لا صلاحية له سوى التنسيق مع الإسرائيليين، ولا شيء آخر غير ذلك.

الأكيد أن الاعتذار لن يفيد في شيء باستثناء أنّه يمكن أن يشير، إلى أنّ هناك من لا يزال لديه حدّ أدنى من المنطق طبعا، وإلى أنّ السلاح لن يأتي للفلسطينيين بدولة. كذلك سيشير إلى أن فوضى السلاح التي راهنت عليها “حماس” منذ نشأت، وصولا إلى استيلائها على القطاع، هي الطريق الأقصر للقضاء على قضية الشعب الفلسطيني، وتحويل هذه القضية إلى مجرّد مشروع تجاري تستثمر فيه إيران وغير إيران، وكلّ من يريد المزايدة على العرب في موضوع القدس…

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حماس أدت المهمة… حماس أدت المهمة…



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
  مصر اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 10:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
  مصر اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 09:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
  مصر اليوم - اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 21:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:57 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يصبح أول رئيس أميركي يبلغ 82 عاماً وهو في السلطة

GMT 02:39 2019 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

رانيا محمود ياسين توضح قطع علاقتها بالبرامج التليفزيونية

GMT 09:28 2021 الأربعاء ,11 آب / أغسطس

المصري يعلن انتقال أحمد جمعة إلى إنبي

GMT 02:20 2019 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

إيمي سمير غانم تكشف عن خلاف حاد مع زوجها تحول إلى نوبة ضحك

GMT 12:25 2021 الإثنين ,08 شباط / فبراير

طريقة عمل أصابع الجبنة بالثوم

GMT 11:17 2020 الجمعة ,25 كانون الأول / ديسمبر

محمد صلاح يتخذ أولى خطوات الرحيل عن ليفربول

GMT 02:40 2020 الثلاثاء ,23 حزيران / يونيو

تفاصيل إصابة ابن ماما سناء بفيروس "كورونا"

GMT 01:56 2020 الإثنين ,22 حزيران / يونيو

طريقة عمل البوريك التركي بأقل التكاليف

GMT 21:12 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

إليسا تروج لحفلها اليوم في بث مباشر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon