توقيت القاهرة المحلي 07:31:04 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ما بعد الاتفاق الأميركي ـ القطري

  مصر اليوم -

ما بعد الاتفاق الأميركي ـ القطري

بقلم : خيرالله خيرالله

في النهاية ما الذي تستطيع إدارة دونالد ترامب عمله من أجل طي ملفّ الأزمة بين المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين وجمهورية مصر العربية من جهة، ودولة قطر من جهة أخرى؟

هناك بكل بساطة اتفاق قبلت به قطر في العام 2013 ووقعه أميرها في 2014 استندت إليه الدول الأربع لمقاطعة الدوحة في العام 2017. هذا الاتفاق واضح كلّ الوضوح، ولم يمت بوفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز، أوائل العام 2015، وحلول الملك سلمان مكانه. كلّ ما في الأمر أنّ هناك إصرارا على تنفيذ بنود هذا الاتفاق أكثر من أيّ وقت.

كلّ ما تستطيع الإدارة الأميركية عمله هو إقناع قطر بتنفيذ بنود اتفاق العام 2013. الأهم من ذلك كلّه أن تتمكن الإدارة، عبر وزير الخارجية ركس تيللرسون، من إقناع قطر أن لا مجال للعب على التناقضات في هذا البلد العربي أو ذاك، وأنّ القرار المتخذ من الدول الأربع والقاضي بمقاطعة الدوحة لا عودة عنه.

أخطأت قطر في حساباتها عندما اعتقدت أن شبكة العلاقات التي أقامتها، بما في ذلك العلاقة مع أميركا وإيران وتركيا، تغني عن العلاقة الطبيعية مع جيرانها في الخليج، على رأسهم المملكة العربية السعودية.

أخطأت قطر في تقييمها لمرحلة ما بعد الملك عبدالله بن عبدالعزيز. لم تتوقع حصول هذا التغيير الكبير الذي لا يعني بأي شكل التنكر للماضي وللخط الذي سار عليه الملك عبدالله. كان الملك عبدالله بن عبدالعزيز أوّل من اعتبر أن لا مجال لاستمرار قطر في اتباع سياسة معيّنة تتناقض كلّيا مع السياسة التي تتبعها دول مجلس التعاون.

يُفترض في الاتفاق الذي تمّ التوصل إليه في الدوحة في شأن “مكافحة تمويل الإرهاب” في أثناء زيارة وزير الخارجية الأميركي أن يكون بداية لمرحلة جديدة على طريق الخروج من الأزمة التي تهدّد مجلس التعاون لدول الخليج العربية.

شكل المجلس الذي تأسس في العام 1981 في أبوظبي مظلّة للدول العربية الخليجية التي كان عليها حماية نفسها من شظايا الحرب العراقية – الإيرانية وتفاعلاتها على الصعيد الإقليمي، في وقت كان هدف آية الله الخميني تصدير الثورة إلى كل دولة من دول الخليج العربي.

من المفيد بين حين وآخر العودة قليلا إلى الخلف. فقطر كانت من بين الدول التي حماها مجلس التعاون. تستطيع قطر حاليا بعد توقيع الاتفاق في شأن “مكافحة تمويل الإرهاب” إيجاد نقطة ارتكاز تنطلق منها نحو العودة إلى وضع الدولة الطبيعية في المنطقة. تستطيع ذلك، علما أنّها تستطيع أيضا ارتكاب خطأ الرهان على أن الاتفاق يعني دعما أميركيا لها على حساب الدول المقاطعة لها.

أي خيار تقدم عليه قطر في وقت يُفترض فيها إعادة النظر في سياساتها على نحو جذري، لا لشيء سوى لأنّ الدول الخليجية المعترضة على ما تقوم به قادرة على الاعتراض على الموقف الأميركي. وقد أثبتت ذلك في مناسبات عدّة بما في ذلك دعم انتفاضة الشعب المصري على حكم الإخوان المسلمين صيف العام 2013. كانت الإمارات والسعودية في طليعة من دعم انتفاضة الشعب المصري من أجل إزاحة كابوس اسمه “الإخوان”.

هناك تجارب كثيرة في المنطقة تدلّ على أنّ التصرّف كدولة طبيعية يظل أقلّ كلفة من أيّ خيار آخر، حتّى لو كان هناك دعم أميركي لهذا الخيار. فحتّى لو كانت الولايات المتحدة لا تعتبر الإخوان المسلمين تنظيما إرهابيا، يبقى أنّ للولايات المتحدة في نهاية المطاف موقفا من “حماس” التي لا يمكن أن تنكر أنّها جزء لا يتجزّأ من الإخوان المسلمين، مهما غيّرت في ميثاق الحركة.

ليست مطالب الدول الأربع من قطر مطالب ذات طابع قانوني. إنّها مطالب سياسية أوّلا وأخيرا. بالنسبة إلى هذه الدول، صارت سياسات قطر تشكّل خطرا عليها. لذلك يمكن أن يكون الاتفاق الأميركي – القطري عن “مكافحة الإرهاب” نقطة بداية لتسوية تقود إلى نجاح وساطة أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد، كما يمكن، في حال التلاعب به، أن يمهّد لمزيد من التصعيد والإجراءات.

لن يصبّ التصعيد والإجراءات في مصلحة أحد في منطقة معرّضة لكلّ أنواع المخاطر، خصوصا في ظلّ المشروع التوسّعي الإيراني الذي يهدّد الجميع.

هل صدفة إعلان إيران وأدواتها بعد الذي حصل في الموصل أن الفضل في الانتصار على “داعش” يعود إلى “الحشد الشعبي”، أي إلى الميليشيات المذهبية العراقية التي تتلقى تعليماتها من إيران؟ هل صدفة الكلام الإيراني عن أن الجيش العراقي سيصبح “جيشا عقائديا”؟.

ما الذي سيفعله “الحشد الشعبي” الذي بات يمثل السياسة الرسمية العراقية بعدما أسدل الستار على حرب الانتصار على الموصل وأهلها؟

هناك اتفاق وقعته قطر بواسطة أمير الدولة في العام 2014. يظل التزام هذا الاتفاق الطريق الأقصر لقطع الطريق على الفتنة ولملمة الأمور. المهمّ توافر حسن النيّة والتوقف عن ممارسة لعبة قائمة على المماحكات من أجل كسب الوقت ليس إلا، لعلّ الأمور تتغيّر هنا أو هناك. تغيّرت الأمور في السعودية، ولكن نحو مزيد من التشدّد والجدّية تجاه قطر. هذا ما فعله الوقت والرهان عليه.

للمرّة الألف الأزمة القائمة أزمة سياسية وليست قانونية. هناك درس تستطيع قطر الاستفادة منه أكثر بكثير من محاولة استغلال أي ثغرات يمكن أن يكون تضمنها اتفاق “مكافحة تمويل الإرهاب” مع الإدارة الأميركية.

عمر هذا الدرس اثنان وعشرون عاما. كان ذلك في صيف العام 1995، عندما أرسل الملك حسين مبعوثا خاصا إلى صدّام حسين مع رسالة تتضمن ثلاث نصائح. كانت النصيحة الأولى أن يعتبر القرارات الصادرة عن مجلس الأمن في شأن العراق قرارات “سياسية وليست قانونية”. دعاه إلى عدم الدخول في جدل من أيّ نوع يتعلّق بمدى تطابق نصوص هذه القرارات مع القانون الدولي، وذلك في حال كان يريد الخروج من المأزق الذي وجد العراق نفسه فيه. بالطبع، لم يستمع صدّام إلى نصيحة الملك حسين وحلّ بالعراق ما حلّ به.

بالنسبة إلى الدول الأربع المعنية بمقاطعة قطر، هناك وضع لا يطاق فرض التوصل إلى اتفاق 2013 الذي حمل توقيع أمير قطر في 2014.

لا عيب في أن تلتزم قطر الاتفاق وبنوده وأن تساعد في دعم مسيرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية بدل العمل على تدميرها.

لا فائدة من التذرع بأن قطر لا تدعم الإرهاب أو تموله وأنها لا تحرّض على السعودية والإمارات والبحرين ومصر. لا جدوى من الدخول في جدل عقيم.

لو كانت قطر بريئة، لما كان الأمير الشيخ تميم بن حمد وقّع الاتفاق في 2014 بعد جهود وساطة قام بها أمير دولة الكويت.

لم يعد من مجال لتفادي التعاطي مع الواقع، حتّى لو كان تيللرسون جاء إلى الخليج وهو يقول إنّه يمثّل الرئيس دونالد ترامب، وحتّى لو أن الولايات المتحدة ما زالت ترفض اعتبار الإخوان المسلمين تنظيما إرهابيا.

المصدر : صحيفة العرب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما بعد الاتفاق الأميركي ـ القطري ما بعد الاتفاق الأميركي ـ القطري



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 02:08 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعقد اجتماعًا أمنيًا لبحث التطورات في سوريا
  مصر اليوم - نتنياهو يعقد اجتماعًا أمنيًا لبحث التطورات في سوريا

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 21:40 2019 الخميس ,26 أيلول / سبتمبر

هزة أرضية بقوة 6.5 درجات تضرب إندونيسيا

GMT 02:54 2019 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

خبراء يكشفون عن مخاطر تناول العجين الخام قبل خبزه

GMT 23:10 2019 الجمعة ,05 إبريل / نيسان

نادي برشلونة يتحرك لضم موهبة "بالميراس"

GMT 07:26 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

حسابات التصميم الداخلي الأفضل لعام 2019 عبر "إنستغرام"

GMT 06:56 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

أب يُصاب بالصدمة بعدما استيقظ ووجد ابنه متوفيًا بين ذراعيه

GMT 11:35 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

تشيزني يبيًن ما دار مع رونالدو قبل ركلة الجزاء هيغواين

GMT 09:16 2018 الإثنين ,22 تشرين الأول / أكتوبر

زوجة المتهم بقتل طفليه "محمد وريان" في المنصورة تؤكد برائته

GMT 17:55 2018 الإثنين ,24 أيلول / سبتمبر

فستان ياسمين صبري يضع منى الشاذلي في موقف محرج
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon