توقيت القاهرة المحلي 21:08:30 آخر تحديث
  مصر اليوم -

روحاني يكشف وجهه…

  مصر اليوم -

روحاني يكشف وجهه…

بقلم : خيرالله خيرالله

لم يكن ممكنا أن يمرّ الكلام الصادر عن الرئيس الإيراني، حسن روحاني، الذي يؤكد فيه الدور المهيمن لإيران على الصعيد الإقليمي مرور الكرام.

أكد روحاني ما سبق لمسؤولين إيرانيين أن تفاخروا به عن إيران تتحكم بقرار دول عربية عدة أبرزها العراق وسوريا ولبنان. زاد على ادعاءات المسؤولين الإيرانيين بأن تحدث عن مناطق عربية صارت تحت الهيمنة الإيرانية، مشيرا إلى الخليج العربي وشمال أفريقيا تحديدا.

ردّ على روحاني رئيس مجلس الوزراء في لبنان سعد الحريري وذلك كي يتأكّد من أن لبنان ما زال يرفض الرضوخ للإرادة الإيرانية.

تكمن خطورة كلام روحاني، وهو ليس كلاما إيرانيا جديدا من نوعه، في أنّه يصدر عن رجل يوجد من يريد الترويج له بأنّه شخص “معتدل” و“إصلاحي” مستعد لمصالحة إيران مع محيطها. يصعب بعد الكلام الذي قاله روحاني وصفه بـ“معتدل” أو “إصلاحي”. كل ما هناك أنّه مسؤول إيراني آخر يريد التباهي بأن إيران باتت تتحكم بأربع عواصم عربية هي بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء. كلّ ما فعله الرئيس الإيراني أنه أعاد التذكير بما صدر عن مسؤولين إيرانيين احتفوا في الحادي والعشرين من أيلول – سبتمبر 2014 بمدى توسّع النفوذ الإيراني بعد سيطرة الحوثيين (أنصار الله) على صنعاء.

قال روحاني بالحرف الواحد “إن أيا من العراق وسوريا ولبنان وشمال أفريقيا ومنطقة الخليج الفارسي لا يستطيع اتخاذ إجراء حاسم من دون إيران ورأيها”. على العكس مما كان يعتقد، ظهر الرئيس “الإصلاحي” في مظهر من يعمل على توسيع إطار المشروع التوسّعي الإيراني. من في الخليج العربي يقبل الإملاءات الإيرانية، وعن أي دولة في شمال أفريقيا يتحدّث روحاني؟

تبدو حصيلة كلام الرئيس الإيراني أن الرجل في حاجة إلى أن يظهر مزيدا من العدوانية لإثبات وجوده في المعادلة الداخلية الإيرانية في ظل الفشل المستمرّ لكل محاولاته الهادفة إلى الإيفاء بالوعود التي قطعها خلال الحملة الانتخابية التي أعادته رئيسا للجمهورية.

كان مهمّا أن يرد الرئيس سعد الحريري على حسن روحاني بتغريدة ورد فيها أنّ “قول روحاني إنّ لا قرار يتّخذ في لبنان من دون إيران قول مرفوض ومردود على أصحابه”. شدّد على كون “لبنان دولة عربية مستقلّة لن تقبل أي وصاية وترفض التطاول على كرامتها”. معنى ردّ رئيس مجلس الوزراء اللبناني أنه لا يزال في لبنان رجال يدافعون عن كرامة البلد في وجه المتطاولين عليها، بدل التظاهر بأنهم لم يسمعوا بكلام الرئيس الإيراني. هناك في لبنان من لا يزال يقاوم لا أكثر ولا أقل.

يمثل سعد الحريري المقاومة الحقيقية للمشروع التوسّعي الإيراني الذي رأس حربته “حزب الله”. يسعى هذا المشروع التوسعي الإيراني إلى تحويل البلد مستعمرة إيرانية تحت شعارات مزيّفة، وذلك من أجل نشر البؤس والفقر والجهل والتخلف وإثارة العصبيات المذهبية وجعل لبنان مجرد ذيل لــ“محور المقاومة والممانعة”.

إذا أكد ما صدر عن روحاني شيئا، فهو يؤكّد أن كل كلام عن وجود “إصلاحيين” و“متشددين” في إيران لا معنى له، بل إنّه ليس كلاما في محله. باختصار شديد، كشف روحاني نفسه ووجهه الحقيقي بعدما تبيّن أن ابتسامته ومحاولته لعب دور المحاور المنفتح على الآخر ليستا سوى غطاء لعدوانيته.

هناك “إصلاحيون” في إيران، لكنّ هؤلاء إما في السجن، وإما في الإقامة الجبرية، وإما يعانون من تضييق يومي عليهم. مير حسين موسوي ومهدي كرّوبي في الإقامة الجبرية، فيما يتعرّض الرئيس السابق محمد خاتمي، الذي يتمتع بشعبية واسعة في كلّ الأوساط الإيرانية، لمضايقات تحد من حرية تحركه وتمنع أي ظهور له. ما هذا النظام القوي الذي يخشى محمد خاتمي لمجرد أنّه يقول كلاما مفهوما من معظم الإيرانيين؟

الأكيد أن هناك من سيسعى إلى التخفيف من وقع كلام روحاني وإيجاد أعذار له بحجة أنّه في حاجة هذه الأيّام إلى المزايدة على “الحرس الثوري” الذي بدأت الإدارة الأميركية تعي مدى خطورته. يبقى إيجاد الأعذار لروحاني شيئا، والواقع الإيراني شيئا آخر.

يتمثل الواقع الإيراني في وجود نظام قائم على نظرية ولاية الفقيه صار “الحرس الثوري” عموده الفقري. نجحت إيران إلى حدّ كبير في نقل تجربتها إلى العراق حيث صار رئيس الوزراء حيدر العبادي مضطرا إلى الرد على وزير الخارجية الأميركي ركس تيلرسون بأن “علينا تشجيع مقاتلي الحشد الشعبي لأنهم سيكونون أملا للبلد وللمنطقة”.

ما هذا الأمل المتمثل في ميليشيات مذهبية تتلقى أوامرها من طهران، ومن “الحرس الثوري” تحديدا، وتمارس الإرهاب بأبشع أشكاله حيثما حلت. كانت ممارسات “الحشد الشعبي”، قبل أيام قليلة، في كركوك التي هُجّر منها نحو مئة ألف كردي خير دليل على “الأمل” الذي يحمله هذا “الحشد” الذي سبق له وأن كشف عن حقيقته في بغداد ومحيطها وفي الموصل، على سبيل المثال وليس الحصر. كشف عن طبيعته كأداة لممارسة كلّ أنواع التطهير السكّاني حيثما حلّ. التطهير بطابعه المذهبي أو بطابعه القومي كما حصل في كركوك.

لا حاجة إلى تكرار الكلام عن الدور الإيراني في سوريا وعن مشاركة النظام في الحرب التي يشنّها على الشعب السوري تحت غطاء مواجهة تنظيم “داعش”، ولا حاجة إلى الانتصارات التي حققتها إيران على لبنان بحجة أنّ “حزب الله” يمثل “مقاومة” في وجه إسرائيل. كلّ ما يمكن قوله حاليا أن إيران تجد نفسها في مواجهات تحديات جديدة بسبب وجود إدارة دونالد ترامب. لم يكتف الرئيس الأميركي في الخطاب الذي ألقاه في الثالث عشر من تشرين الأول – أكتوبر الجاري بشرح تفصيلي لما هي السياسة الإيرانية، معززا شرحه بالوقائع بدءا باحتجاز دبلوماسيي السفارة الأميركية في طهران في العام 1979 لمدّة 444 يوما، بل ذهب نائب الرئيس الأميركي، مايك بنس، إلى القول في الذكرى السنوية الرابعة والثلاثين لتفجير مقر “المارينز” قرب مطار بيروت “كان تفجير مقر المارينز بأوامر إيرانية الشرارة الأولى لانطلاق الحرب على الإرهاب. إن حزب الله جماعة إرهابية وكيلة للراعي الأساسي للإرهاب، أي إيران(…)”.

من الواضح أن حسن روحاني يقول كلاما كبيرا بسبب شعوره بعمق التغيير الأميركي في التعاطي مع إيران. من إدارة على رأسها باراك أوباما مستعدة لكلّ شيء من أجل استرضاء إيران… إلى إدارة ترامب التي لا تتردد في القول إن إيران “راعية الإرهاب في العالم”، ثمة فارق كبير.

قد تنفّذ أميركا دونالد ترامب ما وعدت به على الصعيد الإيراني، كما قد تتراجع كما فعلت إدارة دونالد ريغان بين 1980 و1988. يبقى أن الحسنة الوحيدة، إلى الآن، للإدارة الأميركية الجديدة أنها أظهرت حسن روحاني على حقيقته. إنّه فارسي آخر يكن كلّ احتقار لكل ما هو عربي في المنطقة… بدءا بالخليج، وصولا إلى شمال أفريقيا. من يقول الكلام الذي قاله لا يعرف أن المنطقة في حاجة إلى دولة إيرانية تمارس سياسة معتدلة بعيدا عن كلّ أوهام القوّة والعجرفة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

روحاني يكشف وجهه… روحاني يكشف وجهه…



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
  مصر اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 10:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
  مصر اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 09:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
  مصر اليوم - اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 21:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:57 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يصبح أول رئيس أميركي يبلغ 82 عاماً وهو في السلطة

GMT 02:39 2019 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

رانيا محمود ياسين توضح قطع علاقتها بالبرامج التليفزيونية

GMT 09:28 2021 الأربعاء ,11 آب / أغسطس

المصري يعلن انتقال أحمد جمعة إلى إنبي

GMT 02:20 2019 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

إيمي سمير غانم تكشف عن خلاف حاد مع زوجها تحول إلى نوبة ضحك

GMT 12:25 2021 الإثنين ,08 شباط / فبراير

طريقة عمل أصابع الجبنة بالثوم

GMT 11:17 2020 الجمعة ,25 كانون الأول / ديسمبر

محمد صلاح يتخذ أولى خطوات الرحيل عن ليفربول

GMT 02:40 2020 الثلاثاء ,23 حزيران / يونيو

تفاصيل إصابة ابن ماما سناء بفيروس "كورونا"

GMT 01:56 2020 الإثنين ,22 حزيران / يونيو

طريقة عمل البوريك التركي بأقل التكاليف

GMT 21:12 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

إليسا تروج لحفلها اليوم في بث مباشر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon