توقيت القاهرة المحلي 21:08:30 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نعم… الأكراد انتهازيون!

  مصر اليوم -

نعم… الأكراد انتهازيون

بقلم : خيرالله خيرالله

بات واضحا بعد أسبوع على الاستفتاء في كردستان العراق أنّ هناك ما يمكن وصفه معطيات جديدة. تتخذ هذه المعطيات شكل أسئلة من نوع ما انعكاسات خروج الأكراد من اللعبة السياسية الدائرة في بغداد ومدى قدرة بغداد على الذهاب إلى النهاية في محاصرة كردستان من أجل إخضاعها؟

من بين الأسئلة الأخرى التي تطرح نفسها بإلحاح هل سيتأثر وضع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الذي يمكن اعتبار الاستفتاء ضربة قويّة موجّهة إليه شخصيا وإلى مستقبله السياسي؟ مثل هذه الضربة يمكن أن يستغلّها خصومه، على رأسهم نوري المالكي الذي يعدّ نفسه، بدعم إيراني، للعودة إلى موقع رئيس الوزراء بعد الانتخابات النيابية المتوقعة السنة المقبلة.

الثابت أن التوازنات السياسية في بغداد ستتخذ شكلا جديدا في غياب المكوّن الكردي الذي سيجد نفسه منهمكا في إعادة ترتيب وضع الإقليم من منطلق أن الاستفتاء خطوة على طريق قيام الدولة المستقلة في يوم من الأيّام.

قبل كلّ شيء، ليس الاستفتاء سوى خطوة أولى، لكنّها حاسمة، في رحلة لا تزال طويلة من أجل قيام دولة كردية في العراق. لا تزال هذه الدولة تبحث عن حدودها النهائية وتحاول في الوقت ذاته، عبر مسعود البارزاني رئيس إقليم كردستان، عدم إقحام نفسها في قضايا متعلّقة بأكراد إيران وتركيا وسوريا.

تبدو مشكلة مستقبل كركوك أكثر من كافية كي ينشغل أكراد العراق لسنوات طويلة بقضية معقدة مرتبطة بأمور كثيرة في مقدّمها وجود عدد كبير من التركمان والعرب وأقلّيات أخرى في المدينة من جهة وموقعها الاستراتيجي وثرواتها من جهة أخرى.

لعلّ من أكثر الظواهر المثيرة للاهتمام التي رافقت الاستفتاء في كردستان العراق، ذلك الفرح الذي عبّر عنه أكراد إيران الذين يعانون ظلما كبيرا، خصوصا منذ قيام “الجمهورية الإسلامية”. كان تعبير أكراد إيران عن فرحهم بالاستفتاء دليلا على مدى كرههم للنظام الذي أقامه الخميني في إيران، فضلا عن توقهم إلى الاستقلال أيضا.

تبيّن في ضوء الاستفتاء في كردستان العراق أن النظام في إيران لم يتمكن يوما من استيعاب الأكراد، ولن يتمكّن من ذلك يوما. لم يكن لدى هذا النظام سوى القمع للتعاطي مع أكراد إيران.

يمكن العودة إلى جريمة اغتيال عبدالرحمن قاسملو زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني في الثالث عشر من تموز – يوليو 1989 للتأكد من مدى حساسية النظام في إيران حيّال أي بروز لقيادات كردية إيرانية تمتلك حيثية ما على الأرض. ذهب النظام إلى حدّ قتل قاسملو ورفاق له في فيينا!

يظلّ أخطر ما في قرار إجراء الاستفتاء في كردستان العراق، انعكاساته على دول الجوار، خصوصا في إيران وتركيا التي فيها ستة عشر مليون كردي. هذه الانعكاسات تفسّر القلق الشديد في تركيا وإيران وسوريا وفي العراق نفسه حيث ذهب العبادي إلى اتخاذ كلّ الإجراءات من أجل تعطيل مطاري أربيل والسليمانية وسدّ كل المنافذ البرّية لكردستان العراق.

لا يمكن فصل الإجراءات التي اتخذتها تركيا والكلام الصادر عن الرئيس رجب طيب أردوغان عن القلق الذي يعاني منه الرئيس التركي الذي دخل في السنوات الأخيرة مرحلة التفرّد بالسلطة وإعادة تركيب تركيا بما يتّفق مع توجهاته الشخصية بصفة كونه مؤمنا بفكر الإخوان المسلمين وتخلّفهم.

لم يتردد أردوغان في اللجوء إلى العلاقة المعروفة، وهي علاقة تاريخية، بين الأكراد العراقيين وإسرائيل لتبرير موقفه المعادي للاستفتاء.

يلجأ أردوغان إلى الورقة الإسرائيلية لتبرير سياساته تجاه كردستان العراق في مرحلة ما بعد الاستفتاء، علما أنّه اضطر إلى التخلي عن المزايدات التي لجأ إليها في الماضي القريب وأعاد العلاقات مع إسرائيل بعد فشله في فكّ الحصار عن غزّة عن طريق استعراض بحري مرتجل لم يؤد إلى أي نتيجة على الأرض.

على العكس من ذلك، تابعت إسرائيل ممارسة سياستها القائمة على فرض حصار على غزة وتحويلها إلى سجن كبير في الهواء الطلق، وهو أمر لا تعترض عليه “حماس” التي أخذت القطاع رهينة منذ السيطرة عليه منتصف العام 2007، إلى أن وجدت في 2017 أنّه بات عليها البحث عن طريقة للخروج من مأزقها.

تكمن مشكلة أكراد العراق حاليا في أنّ للحكومة المركزية في بغداد وتركيا وإيران مصلحة في إجهاض الاستفتاء. سيعني نجاح الاستفتاء نهاية العبادي، سياسيا، في العراق. وسيعني أن كلّ الإجراءات القمعية والدموية التي لجأ إليها نظام الملالي في إيران لم تجد نفعا في المدى الطويل.

وسيعني أن أردوغان لم يستطع تقديم نموذج يمكن أن يقنع الأتراك بأن سلسلة الانقلابات التي قام بها، بما في ذلك الانقلاب على رفاقه في “حزب العدالة”، تصب في مصلحة البلد. حتّى النظام السوري المتهالك، الذي صار في مزبلة التاريخ، بدأ يتحدّث عن “حكم ذاتي للأكراد”، لعلّ ذلك يجعل منه صاحب كلمة في تقرير مستقبل سوريا… أو الظهور في مظهر من لا تزال لديه سياسة ما خارج ما يقرره الوصيّان الروسي والإيراني.

لم يعد سرّا أن معركة الاستقلال الكردي ستكون معركة قاسية. الرئيس فلاديمير بوتين زار أنقرة وذهب بعيدا في مراعاة رجب طيّب أردوغان، حليفه الجديد، بتأكيد تمسّكه بـ”وحدة العراق”. صارت وحدة الأراضي العراقية فجأة همّا إيرانيا وتركيا… وروسيا.

يبقى الموقف الأميركي. الأكيد أن القيادة في إقليم كردستان تفاجأت بالاعتراض الأميركي على إجراء الاستفتاء يوم الخامس والعشرين من أيلول – سبتمبر الماضي.

هناك رفض للاعتراف بأن الأمور في كردستان العراق ما كانت لتصل إلى ما وصلت إليه لو كان هناك نظام ديمقراطي طبيعي في العراق قادر على تطوير نفسه
ربّما كانت تفضل التأجيل في وقت تعتبر أن كلّ الجهود يجب أن تنصبّ على الانتهاء من “داعش”. ولكن، يبدو أن واشنطن استدركت نفسها، ربّما بتأثير إسرائيلي، واتخذت موقفا أكثر ليونة من الاستفتاء وعرضت نفسها وسيطا بين إقليم كردستان والمعترضين على الاستفتاء. اتخذت واشنطن هذا الموقف المرن على الرغم من إعلانها، عبر وزير الخارجية ركس تيلرسون، عدم الاعتراف بنتيجة الاستفتاء.

إذا كان من أزمة في كردستان العراق، وهناك بالفعل أزمة، فإنّ هناك أزمات لدى الحكومة العراقية وفي كلّ من إيران وتركيا. هناك بكلّ بساطة رفض للاعتراف بأنّ الأمور في كردستان العراق ما كانت لتصل إلى ما وصلت إليه لو كان هناك نظام ديمقراطي طبيعي في العراق قادر على تطوير نفسه.

لم يكن الأكراد يتصورون يوما أن ما سيخلف البعث نظام أسوأ من البعث، أي نظام الميليشيات المذهبية التي يعبّر عنها تشريع “الحشد الشعبي”. وهذا نجاح كبير في حدّ ذاته. إنّه نظام التفوّق في التخلّف على البعث الذي استُخدم كشعارات لتبرير الاستيلاء على السلطة والاحتفاظ بها في كلّ من سوريا والعراق.

لم يكن الاستفتاء الكردي سوى نتيجة طبيعية لما آلت إليه الأوضاع في العراق، خصوصا بعد هبوط أسعار النفط واستشراء الفساد الذي أدى إلى تبديد مئات مليارات الدولارات في مرحلة كان فيها نوري المالكي رئيسا للوزراء.

لم يعد لدى الأكراد حتّى مصلحة في مراعاة الحكومة في بغداد في ضوء ظهور علامات الإفلاس ومظاهره على هذه الحكومة. الأكراد انتهازيون؟ نعم إنّهم انتهازيون. هل من سبب كي لا يكونوا كذلك عندما لم يعد يوجد من يريد مشاركتهم لا في السلطة ولا في الثروة، هذا إذا كانت هناك بقية من ثروة؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نعم… الأكراد انتهازيون نعم… الأكراد انتهازيون



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
  مصر اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 10:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
  مصر اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 09:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
  مصر اليوم - اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 21:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:57 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يصبح أول رئيس أميركي يبلغ 82 عاماً وهو في السلطة

GMT 02:39 2019 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

رانيا محمود ياسين توضح قطع علاقتها بالبرامج التليفزيونية

GMT 09:28 2021 الأربعاء ,11 آب / أغسطس

المصري يعلن انتقال أحمد جمعة إلى إنبي

GMT 02:20 2019 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

إيمي سمير غانم تكشف عن خلاف حاد مع زوجها تحول إلى نوبة ضحك

GMT 12:25 2021 الإثنين ,08 شباط / فبراير

طريقة عمل أصابع الجبنة بالثوم

GMT 11:17 2020 الجمعة ,25 كانون الأول / ديسمبر

محمد صلاح يتخذ أولى خطوات الرحيل عن ليفربول

GMT 02:40 2020 الثلاثاء ,23 حزيران / يونيو

تفاصيل إصابة ابن ماما سناء بفيروس "كورونا"

GMT 01:56 2020 الإثنين ,22 حزيران / يونيو

طريقة عمل البوريك التركي بأقل التكاليف

GMT 21:12 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

إليسا تروج لحفلها اليوم في بث مباشر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon