توقيت القاهرة المحلي 02:14:11 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ساعة الامتحان لإدارة ترامب

  مصر اليوم -

ساعة الامتحان لإدارة ترامب

بقلم : خيرالله خيرالله

ترافق الاجتماع الذي انعقد بين الرئيسين دونالد ترامب وفلاديمير بوتين في هامبورغ مع البيان الصادر عن وزير الخارجية الأميركي ركس تيللرسون عن سوريا. كرّر تيللرسون ما كانت أعلنته إدارة باراك أوباما في مرحلة ما بعد اندلاع الثورة السورية في العام 2011، أي قبل ما يزيد على ست سنوات، عن أن الولايات المتحدة “لا ترى دورا في المدى الطويل لعائلة الأسد أو نظامه. أوضحنا ذلك للجميع. الأكيد أننا أوضحنا ذلك في النقاشات مع روسيا”. كان ملخص بيان تيللرسون أن “كيفية رحيل الأسد لم تتقرر بعد، لكنّ رأينا هو أنه في مرحلة ما من العملية السياسية، سيكون هناك انتقال (للسلطة) بعيدا من عائلة الأسد”. ما الذي يجعل وزير الخارجية الأميركية يقول هذا الكلام؟ هل من صفقة أميركية- روسية أمكن التوصل إليها خلال التحضير لقمة هامبورغ؟

من السهل في ضوء هذا الكلام استنتاج أنّ لا شيء تغيّر بالنسبة إلى سوريا وأن ترامب لا يزال مثل أوباما في حيرة من أمره. كان أوباما يريد رحيل الأسد لكنّه لم يفعل شيئا من أجل تحقيق هذا الهدف. لكنّ معطيات أخرى تشير إلى أن الأمور بدأت تتبلور، خصوصا أن الرئيس الأميركي تطرّق إلى إمكان تغيير قواعد اللعبة في سوريا انطلاقا من الجنوب، من منطقة الحدود السورية مع كلّ من الأردن وإسرائيل. ستكون هناك منطقة آمنة في الجنوب السوري في ظل وجود خطوط عريضة لاتفاق أميركي- روسي- أردني ليس معروفا كيف يمكن لإيران أن تقبل به.

مثل هذا الاتفاق الذي يضمن حماية الجنوب السوري من الاستخدامات الإيرانية لا يزال في حاجة إلى دخول في تفاصيله، خصوصا أن إسرائيل طرف غير مباشر فيه. تثبت إسرائيل، من خلال العلاقة الحميمة التي تربطها بروسيا ومن خلال التفاهم القائم مع الأميركيين ومن خلال ضربات جوّية تلجأ إليها بين حين وآخر، أنها اللاعب الأساسي في جنوب سوريا حيث تحتل الجولان منذ العام 1967، منذ نصف قرن بالتمام والكمال.

من الواضح أن هناك تغييرا في الموقف الأميركي وذلك على الرغم من أنّ البيان الصادر عن تيللرسون لم يتطرّق إلى الوجود الإيراني في سوريا وركّز في المقابل على إرهاب “داعش”. مجرّد الكلام عن تغيير في جنوب سوريا يشمل قيام “منطقة آمنة” أو “منطقة عازلة” يمثل بداية لمعالجة مشكلة ضخمة اسمها الوجود الإيراني، إن عبر ميليشيات مذهبية مثل “حزب الله” اللبناني أو عبر “الحرس الثوري” مباشرة.

في النهاية، سيكون التركيز الأساسي في المرحلة المقبلة على قيام تلك “المنطقة العازلة” التي يمكن أن تمتد إلى ما بعد دمشق التي لا تبعد سوى سبعة وثلاثين كيلومترا عن خطّ وقف النار قبل حرب 1967. في حال كان الاتفاق على “منطقة عازلة” عرضها خمسين كيلومترا، فمعنى ذلك أن على إيران وأدواتها إخلاء دمشق أيضا. هل توافق روسيا على ذلك؟ هل تمتلك روسيا ما تقنع به إيران بانّ وجودها في سوريا يجب أن يتقلّص إلى أبعد حدود؟ الأهم من ذلك كيف سيكون رد فعل إيران التي استثمرت في المحافظة على نظام الأسد مليارات الدولارات، إضافة إلى أنّها أمنت الحماية المباشرة له لسنوات طويلة. فعلت ذلك من منطلق مذهبي ومن منطلق أن الأراضي السورية جسر إلى لبنان وإلى مناطق دويلة “حزب الله” بالذات.

بعد قمّة ترامب- بوتين والإعلان عن اتفاق أميركي- روسي- أردني في شأن الجنوب السوري، دخلت الأزمة السورية مرحلة جديدة. شئنا أم أبينا، شاء النظام السوري الذي رفض منذ العام 1967 استعادة الجولان والمتاجرة به أن تتحول إسرائيل إلى لاعب أساسي في سوريا. باتت إسرائيل في سوريا في وضع أقوى من أي وقت مضى، خصوصا إذا أخذنا في الاعتبار طبيعة العلاقات بين بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من جهة، والتوجهات العامة لإدارة ترامب من جهة أخرى.

ليس سرّا أن المطروح ليس كيفية خروج النظام السوري من دمشق. النظام انتهى منذ فترة طويلة، منذ صار في حاجة إلى الميليشيات التابعة لإيران ثمّ لسلاح الجو الروسي كي يقول إنّه لا يزال لديه وجود ما. السؤال كيف ستتعاطى الولايات المتحدة التي صارت تمتلك قوات على الأرض مع التعقيدات السورية والمعضلة الإيرانية.

عاد التنسيق بين أميركا وروسيا في سوريا ولكن تبقى الأسئلة أكثر بكثير من الأجوبة. ليس معروفا كيف ستتأثر المناطق السورية الأخرى بالاتفاق المرتبط بالجنوب، خصوصا منطقة الحدود السورية- العراقية ومنطقة الحدود السورية- التركية. لا يقتصر الأمر على رد الفعل الإيراني وكيف ستعمل إيران كلّ ما تستطيع للبقاء في سوريا ولإبقاء الخط الذي يربط طهران ببغداد ثم دمشق وبيروت مفتوحا. هناك أيضا ردّ الفعل التركي والحساسية الزائدة لدى أنقرة حيال الدعم الأميركي للأكراد والاتكال عليهم في الحرب على “داعش”.

ما نشهده من تطورات في سوريا يفسّر إلى حد كبير ذلك التركيز الإيراني على لبنان في هذه المرحلة بالذات. يشمل هذا التركيز كل تلك المحاولات الهادفة إلى حمل لبنان على التعاطي المباشر مع النظام السوري بحجة إعادة النازحين السوريين إلى القرى والمدن والبلدات التي جرى تهجيرهم منها. تبحث إيران، عبر لبنان ووجود أكثر من مليون ونصف مليون نازح سوري في أراضيه، إلى جعل النظام السوري يستعيد شرعية ما واعتراف من أطراف دولية. فضلا عن ذلك تريد إيران تزويد جيش النظام السوري المنهار بعناصر سنّية، مصدرها لبنان. سيُرمى هؤلاء النازحون في حروب ومعارك. سيوضعون في الصفوف الأمامية لتلقي الصدمة الأولى في هذه المواجهات العسكرية… وهذا سيرضي، إلى حدّ كبير، الطائفة العلوية التي أنهكتها الحرب التي يشنها النظام على شعبه منذ ست سنوات.

في ضوء القمّة الأميركية- الروسية ليس في الإمكان سوى التساؤل، هل من سياسة جديدة لإدارة ترامب تجاه سوريا؟ هل سيكون ترامب مختلفا عن سلفه؟ عاجلا أم آجلا سيظهر الفارق، كما قد لا يظهر. سيكون الامتحان قطع الطريق على الوجود الإيراني في سوريا. ساعة الامتحان تقترب. نقطة الانطلاق ستكون الجنوب السوري حيث ستنشأ “المنطق العازلة”، لا لشيء سوى لأن إسرائيل تريد ذلك وتعتبر هذه المنطقة أكثر من ضرورية بالنسبة إليها.

ماذا عن مصير المناطق السورية الأخرى؟ من الصعب الإجابة عن مثل هذا السؤال باستثناء أن المرحلة المقبلة ستطرح تحديات عدة، على رأسها قطع الخط الممتد من طهران إلى بيروت عبر العراق وسوريا، والضغوط التي ستمارسها إيران على لبنان وغير لبنان من أجل تأكيد أن “البدر الشيعي” حيّ يرزق…

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ساعة الامتحان لإدارة ترامب ساعة الامتحان لإدارة ترامب



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 02:08 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعقد اجتماعًا أمنيًا لبحث التطورات في سوريا
  مصر اليوم - نتنياهو يعقد اجتماعًا أمنيًا لبحث التطورات في سوريا

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 21:40 2019 الخميس ,26 أيلول / سبتمبر

هزة أرضية بقوة 6.5 درجات تضرب إندونيسيا

GMT 02:54 2019 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

خبراء يكشفون عن مخاطر تناول العجين الخام قبل خبزه

GMT 23:10 2019 الجمعة ,05 إبريل / نيسان

نادي برشلونة يتحرك لضم موهبة "بالميراس"

GMT 07:26 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

حسابات التصميم الداخلي الأفضل لعام 2019 عبر "إنستغرام"

GMT 06:56 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

أب يُصاب بالصدمة بعدما استيقظ ووجد ابنه متوفيًا بين ذراعيه

GMT 11:35 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

تشيزني يبيًن ما دار مع رونالدو قبل ركلة الجزاء هيغواين

GMT 09:16 2018 الإثنين ,22 تشرين الأول / أكتوبر

زوجة المتهم بقتل طفليه "محمد وريان" في المنصورة تؤكد برائته

GMT 17:55 2018 الإثنين ,24 أيلول / سبتمبر

فستان ياسمين صبري يضع منى الشاذلي في موقف محرج
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon