توقيت القاهرة المحلي 08:17:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

2017 صعود الميليشيات الإيرانية والحيرة الأميركية

  مصر اليوم -

2017 صعود الميليشيات الإيرانية والحيرة الأميركية

بقلم : خير الله خير الله

 ستكون السنة 2018 حبلى بالأحداث الكبيرة. من أحب 2017 سيعشق 2018، تماما مثلما أنّ من أحبّ 2016 وقع في عشق 2017. يسير الوضع الإقليمي من سيء إلى أسوأ. كيف تستطيع كلّ دولة عربية حماية نفسها بات أبرز التحديات التي تواجه رغبة قوى عدة إقليمية ودولية في إعادة النظر في خريطة سايكس- بيكو.

بعيدا عن التكهنات التي لا تستند إلى الواقع، ستكون 2018 فصلا آخر في المواجهة ذات الطابع المذهبي التي بدأت في المنطقة في العام 2003 عندما بدأ الزلزال العراقي الذي لا تزال أصداء تردداته تتفاعل إلى اليوم. هناك دول تفتتت ولن تقوم لها قيامة. هذا ما كشفته السنة 2017 وهذا ما ستؤكّده 2018. من يتصور أن العراق ستقوم له قيامة في يوم من الأيام كدولة عربية مستقلة لعبت دورها في تأسيس جامعة الدول العربية؟

من يستطيع التكهنّ بمصير سوريا التي تعيش في ظل خمسة احتلالات وفي ظل الإصرار الإيراني على إيجاد موطئ قدم دائم فيها؟

من لا يزال يعتقد أن لليمن الموحد مستقبلا ما باستثناء الحاجة إلى بضع سنوات كي ترسم بالدم والنار حدود الكيانات أو الدول التي ستلد من رحم سقوط نظام مركزي بقي حتّى العام 2011 يدير شؤون البلد كله انطلاقا من مدينة صنعاء؟ كان علي عبدالله صالح الذي اغتاله الحوثيون في منزله أول رئيس لليمن الموحد وآخر رئيس له.

على الرغم من مرور أقل من خمسة عشر عاما بقليل على تقديم الولايات المتحدة العراق على صحن من فضة إلى إيران، لا يزال الشرق الأوسط وكل المنطقة المحيطة به في حال من اللا توازن انعكست على مصير كل دولة من دولها. استغلت إيران الزلزال العراقي الذي تسبب به الغزو الأميركي من أجل السير بخطى سريعة في اتجاه تنفيذ مشروعها التوسّعي الذي يقوم على الاستثمار في إثارة الغرائز المذهبية وصولا إلى تشكيل ميليشيات خاصة بها تعمل في أرجاء المنطقة من دون حسيب أو رقيب.

إذا كان من عنوان عريض ميّز 2017، فهذا العنوان هو صعود دور الميليشيات الإيرانية في ظلّ سياسة أميركية محيرة كان آخر تعبير عنها موقف الرئيس دونالد ترامب من القدس. هناك استخدام إيراني فعّال للميليشيات المذهبية وتكريس لدور هذه الميليشيات في بلدان مثل العراق وسوريا ولبنان واليمن. لم يعد “حزب الله” مجرّد لاعب في لبنان بصفة كونه لواء في “الحرس الثوري” الإيراني. صار لاعبا إقليميا بعدما صارت له فروع في العراق وسوريا واليمن. هناك طموح إيراني واضح كي تغطي تجربة الميليشيا المذهبية التي تحل مكان الدولة ومؤسساتها كلّ بلد عربي مع تركيز خاص على البحرين حيث لا تزال هناك دولة ومؤسسات وطنية.

لعل أخطر ما في الأمر أن التوسع الإيراني، الذي تعبر عنه الميليشيات المذهبية التي باتت جزءا لا يتجزأ من التركيبة التي تطمح إيران إلى فرضها في المنطقة، يواجه بميوعة أميركية، في جو تكتنفه الحيرة. ليس من يستطيع القول في الراهن ما الذي تريده الإدارة الأميركية وأيّ دور تنوي لعبه.

باستثناء الوجود العسكري الأميركي القوي والواسع في الشمال السوري الذي ليس معروفا كيف ستوظفه الإدارة الأميركية في المستقبل، هناك موقف أميركي محير من كل ما له علاقة بنشاط الميليشيات الإيرانية.

على الرغم من القمم الثلاث ذات الطابع الاستثنائي التي انعقدت في الرياض وشارك فيها الرئيس دونالد ترامب، وعلى الرغم من خطابه الشامل الذي عرض فيه بدقة ليس بعدها دقة النشاط التخريبي لإيران في المنطقة، منذ العام 1979، ليس ما يشير إلى اليوم إلى رغبة حقيقية في التصدي لإيران. ليس كافيا نشر تقارير عن تواطؤ إدارة باراك أوباما مع إيران وتغطيتها لنشاطات “حزب الله” كي يمكن القول إن هناك تغييرا أميركيا على أرض الواقع. هل يتبلور هذا التغيير في 2018؟ ذلك هو السؤال الكبير الذي يطرح نفسه في وقت بدأت واشنطن، ومعها العواصم الأوروبية، على رأسها باريس، تعي أهمية الفصل بين الملف النووي الإيراني والاتفاق الذي تم التوصل إليه صيف العام 2015 من جهة، والصواريخ الإيرانية من جهة أخرى.

لم تكن السنة 2017 عادية بأي مقياس من المقاييس، خصوصا مع القضاء على “داعش” في معظم أنحاء العراق وبدء تراجعه في سوريا. الملفت أن إيران استغلت الانتصارات على “داعش” للإعلان عن أنها شريك في الحرب على الإرهاب، في حين اعتبرت روسيا أنه بات في استطاعتها التصرف من منطلق أنها الطرف القادر على التحكم وحده بمصير سوريا وتحديد مستقبلها وتوزيع الحصص فيها على هذا الطرف أو ذاك، بما في ذلك إيران وتركيا.

إلى متى يظل الغياب الأميركي الذي أدّى إلى حال إرباك على الصعيد الإقليمي؟ تجلّى الإرباك في قيام نوع من التحالف بين روسيا وتركيا وإيران وفي تقارب روسي- مصري وفي جسور بين دول الخليج، على رأسها السعودية والإمارات من جهة وروسيا من جهة أخرى.

ليس أمام كل دولة تريد المحافظة على مصالحها وعلى مصالح شعبها سوى أن تأخذ في الاعتبار أن عليها سد الثغرات الداخلية. هذا ما يفسّر ذلك الإصرار السعودي بقيادة الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان على الذهاب إلى النهاية في إصلاحات داخلية، التي تشبه ثورة حقيقية أكثر من أي شيء آخر، مع التنبّه في الوقت ذاته إلى أن الأحداث في المنطقة وطبيعة التحديات الجديدة تفرض نوعا جديدا من التماسك والعلاقات السليمة داخل مجلس التعاون لدول الخليج العربية. تنبهت الكويت إلى هذا الأمر ونجحت في المحافظة على صيغة مجلس التعاون على الرغم من الأزمة القائمة مع قطر. استضافت القمة الخليجية بعد جهود مضنية لأمير الدولة الشيخ صُباح الأحمد. أي مستقبل لمجلس التعاون في ظل الأزمة المستمرّة مع قطر؟

ستكون السنة 2018 فصلا آخر في المواجهة ذات الطابع المذهبي التي بدأت في المنطقة في العام 2003 عندما بدأ الزلزال العراقي الذي لا تزال أصداء تردداته تتفاعل إلى اليوم
لا شكّ أن 2018 ستكون سنة مفصلية يتحدد من خلالها هل من مستقبل لمجلس تجاوز عمره الـ36 عاما؟

كانت 2017 سنة النكسة الكردية. لم يكن رهان رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني على الاستفتاء في شأن الاستقلال خيارا موفقا، خصوصا في ظل الاعتراض الأميركي عليه. كشف هذا الاستفتاء وجود حلف تركي- إيراني ضدّ الأكراد، سمح للحكومة المركزية في بغداد، التي صارت تحت رحمة “الحشد الشعبي” بصفة كونه من مكونات العراق الجديد، بالاستقواء على الأكراد الذين وجدوا أنفسهم منقسمين في ما بينهم أكثر من أي وقت.

انعقدت القمّة العربية في البحر الميّت وكانت ناجحة من الناحية النظرية بفضل الجهود التي بذلها الملك عبدالله الثاني. لكنّ الأردن وجد نفسه في وضع لا يحسد عليه بسبب الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها وبسبب مجموعة من التحديات. زاد من التحديات الإصرار الإسرائيلي على بقاء الاحتلال للضفة الغربية وسياسة عامة لبنيامين نتنياهو تقوم على ترك سوريا تتفتت أكثر بفضل بقاء بشار الأسد في دمشق وانتشار الميليشيات الإيرانية وتعزيز دورها في هلهلة نسيج المجتمع السوري.

نقاط مضيئة قليلة في 2017. هناك في شمال أفريقيا بلد عربي يعرف أهمية المحافظة على مصالح شعبه اسمه المملكة المغربية التي حققت نجاحا تلو النجاح على صعيد العودة لاعبا فاعلا في أفريقيا. وهناك بداية مصالحة فلسطينية لعبت مصر دورا في تحقيقها، لكنها بقيت مجرد بداية في غياب قدرة “حماس” على الاعتراف بفشل مشروع “إمارة غزّة” الذي عاش عشر سنوات. ما يقلق بالفعل هو أحوال الجزائر التي دخلت حال إفلاس سياسي واقتصادي في ظلّ رئيس مريض لا يريد الاعتراف بذلك.

خلاصة الأمر أن الغياب الأميركي الذي توّج بموقف سلبي من القدس يوحي بأن 2018 ستشهد مزيدا من الصعود لدور الميليشيات الإيرانية في المنطقة في ظلّ الحيرة التي تهيمن على مواقف إدارة ترامب. لم يكن اغتيال علي عبدالله صالح في صنعاء سوى دليل آخر على الرغبة الإيرانية في الذهاب بعيدا في تعزيز دور ميليشياتها حيث استطاعت ذلك. يلعب الحوثيون في اليمن الدور المطلوب منهم لتأكيد أن طهران تتحكم بمجموعة من العواصم العربية بدءا ببغداد وصولا إلى صنعاء، مرورا بدمشق وبيروت.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

2017 صعود الميليشيات الإيرانية والحيرة الأميركية 2017 صعود الميليشيات الإيرانية والحيرة الأميركية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 02:08 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعقد اجتماعًا أمنيًا لبحث التطورات في سوريا
  مصر اليوم - نتنياهو يعقد اجتماعًا أمنيًا لبحث التطورات في سوريا

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 21:40 2019 الخميس ,26 أيلول / سبتمبر

هزة أرضية بقوة 6.5 درجات تضرب إندونيسيا

GMT 02:54 2019 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

خبراء يكشفون عن مخاطر تناول العجين الخام قبل خبزه

GMT 23:10 2019 الجمعة ,05 إبريل / نيسان

نادي برشلونة يتحرك لضم موهبة "بالميراس"

GMT 07:26 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

حسابات التصميم الداخلي الأفضل لعام 2019 عبر "إنستغرام"

GMT 06:56 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

أب يُصاب بالصدمة بعدما استيقظ ووجد ابنه متوفيًا بين ذراعيه

GMT 11:35 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

تشيزني يبيًن ما دار مع رونالدو قبل ركلة الجزاء هيغواين

GMT 09:16 2018 الإثنين ,22 تشرين الأول / أكتوبر

زوجة المتهم بقتل طفليه "محمد وريان" في المنصورة تؤكد برائته

GMT 17:55 2018 الإثنين ,24 أيلول / سبتمبر

فستان ياسمين صبري يضع منى الشاذلي في موقف محرج
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon