توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بعد تحوّل حرب غزّة.. إلى حرب "بيبي"

  مصر اليوم -

بعد تحوّل حرب غزّة إلى حرب بيبي

بقلم : خيرالله خيرالله

الوضع في المنطقة يسير من سيّء إلى أسوأ في غياب دور قيادي أميركي.هذه حرب مستمرّة على غزّة يقودها بنيامين نتانياهو الذي ربط مصيره السياسي بانتهاء الحرب التي لا يريد لها أن تنتهي. تستمرّ الحرب في وقت تشير تقديرات القادة العسكريين الإسرائيليين إلى أنّ غزّة سقطت عسكريا وأن الجيوب التي لا تزال تمتلكها "حماس" لا تقدّم ولا تؤخر. لا تقدّم ولا تؤخّر بغض النظر عما يصدر عن قادة "حماس" والناطقين باسمها الذين يهربون من الواقع عن طريق القول أن الحرب مستمرّة، كأنّ شيئا لم يحدث منذ السابع من تشرين الأوّل – أكتوبر الماضي، بدل قبول الواقع والسعي إلى حل سياسي بإشراف دولي وعربي في الوقت ذاته.

بالنسبة إلى المؤسسة العسكريّة الإسرائيليّة، انتهت قضية غزّة بغض النظر عّما إذا كانت "حماس" انتهت أم لم تنته. ما قيمة "حماس" ما دامت غزّة تحولت إلى أرض غير قابلة لإستقبال الغزاويين الذين ينوون العودة إلى منازلهم في حال توقفت العمليات العسكريّة؟ هل تنقل "حماس" الحرب إلى الضفّة الغربيّة كي تحول مصيرها إلى ما يشبه مصير غزّة من دون خريطة طريق سياسيّة تأخذ في الإعتبار أنّ إسرائيل، في وضعها الحالي، لا تمتلك أي سياسة من أي نوع باستثناء التدمير؟

ثمّة أسئلة كثيرة تطرح نفسها في حال توقف حرب غزّة التي يبدو أنّ لا مصلحة لرئيس الحكومة الإسرائيليّة الإعلان عن أنّها حرب انتهت. تكمن مشكلة نتانياهو، قبل أي شيء آخر، في أنّه لا يمتلك مشروعا سياسيا لليوم التالي للحرب. يشبه اليمين الإسرائيلي "حماس" في أمور كثيرة. شنت "حماس" هجوم "طوفان الأقصى" في السابع من تشرين الأوّل – أكتوبر الماضي من دون إدراك لما ستفعله في اليوم التالي للهجوم وقتلها نحو 1200 إسرائيلي واسر نحو 200 آخرين. لم يعد لدى "حماس" في الوقت الراهن سوى ورقة الأسرى التي تضغط بها في الداخل الإسرائيلي على "بيبي". ليس لديها أيضا سوى طرح شروط يعرف الطفل أن موازين القوى على الأرض لا تسمح بتحقيقها.

لا تعرف "حماس" ماذا تريد، كذلك الأمر بالنسبة إلى "بيبي" الذي يحتمل أن يهرب إلى توسيع العمليات العسكريّة في إتجاه الضفّة الغربيّة وربّما لبنان. يرفض رئيس الوزراء الإسرائيلي الإعتراف بأن لا مجال لإحتلال الضفّة بشكل نهائي، اللهمّ إلا إذا كان يعتقد أن أسرائيل تمتلك ما يكفي من القوّة البشرية التي تسمح لها بأن تكون في كلّ مكان وبخوض حروب عدة في الوقت ذاته من دون مشروع سياسي واضح المعالم في منطقة تعيش على كفّ عفريت.

في النهاية، لا تستطيع إسرائيل تصفية القضيّة الفلسطينيّة ولا تستطيع مواجهة الخطر الإيراني الذي تذرعت به طويلا، مثلما تذرّعت بـ"حماس"، من أجل رفض قيام دولة فلسطينيّة. ليس أمام إسرائيل، في غياب الدور القيادي الأميركي سوى متابعة عملية الهروب إلى أمام، وهي لعبة باتت الهواية المفضلة لدى بنيامين نتانياهو.

من الواضح أن كلّ الرهانات التي اعتمدها رئيس الوزراء الإسرائيلي انقلبت عليه وانقلبت في الوقت ذاته على إسرائيل التي وجدت نفسها في وضع لا تحسد عليه. الدليل علي ذلك أن ليس لديها أي خطة لغزة باستثناء العودة إلى احتلالها. حسنا، بما أن إحتلال غزّة خيار قابل للحياة، لماذا انسحبت الدولة العبريّة من القطاع انسحابا كاملا في العام 2005 من دون أي تنسيق من أي نوع مع السلطة الوطنيّة الفلسطينيّة، هذه السلطة التي كشفت الأيام أنهآ لا تمتلك أي قدرة على إدارة المناطق التي تحت سيطرتها؟

كيف انقلبت رهانات نتانياهو على إسرائيل؟ الجواب في "طوفان الأقصى" الذي يتبيّن يوميا أنّه طوفان حقيقي تجاوز المستوطنات التي هاجمتها "حماس" والواقعة في ما يسمّى "غلاف غزّة". أثبت الهجوم أنّ الإعتماد على "حماس" من أجل إيجاد شرخ فلسطيني – فلسطيني لم يكن الخيار الصائب. اكثر من ذلك، ظهر بوضوح أنّ خط سير "حماس" لا يخدم سوى المشروع التوسعي الإيراني في المنطقة. يبقى أهمّ تطور في مرحلة ما بعد بدد حرب غزّة الحروب التي شنتها "الجمهوريّة الإسلاميّة" من أجل خدمة أهداف خاصة بها. هناك حرب لبنان وهناك حرب الحوثيين التي عطلت جزءا من حركة الملاحة في البحر الأحمر. هناك أيضا صواريخ الحوثي، وهي صواريخ إيرانيّة تطلق بين حين وآخر في إتجاه إسرائيل. هناك فوق ذلك كلّه استغلال إيراني لحرب غزّة من أجل إحكام القبضة على العراق الذي تسرح فيه وتمرح ميليشيات "الحشد الشعبي" المرتبطة بمرجعية إيرانيّة، هي "الحرس الثوري".

اختار اليمين الإسرائيلي الذي يرمز إليه شخص بنيامين نتانياهو الرهان على "حماس" من أجل منع قيام دولة فلسطينية في يوم من الأيام. ذهب إلى أبعد من ذلك عندما اعتقد أنّ لا وجود لرأي عام عربي يعي تماما أنّ ليس في الإمكان بقاء الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربيّة والقدس إلى ما لا نهاية. تسبب اليمين الإسرائيلي في إحراج للدول التي راهنت على إمكان التطبيع مع إسرائيل. لم يفهم معنى إقدام سائق شاحنة أردني (من معان) على قتل ثلاثة إسرائيليين عند جسر الملك حسين (جسر ألنبي) الذي يربط بين الأردن والضفة الغربيّة. لا يعني ذلك تبرير ما قام به سائق الشاحنة الأردني بمقدار ما يكشف ما تسببت به حرب غزّة من تأليب للرأي العام العربي على إسرائيل من دون مبالاة بالخطر الأكبر على المجتمعات العربيّة الذي مصدره إيران.

المخيف في الأمر أنّ الوضع في المنطقة يسير من سيّء إلى أسوأ في غياب دور قيادي أميركي من جهة وإصرار نتانياهو على أن لا بديل لديه من إستمرار حرب غزّة التي تحولت، من جهة أخرى، إلى حرب الشخص الواحد الذي يمثل فكرا أكثر تخلفا من فكر "حماس" بكثير.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بعد تحوّل حرب غزّة إلى حرب بيبي بعد تحوّل حرب غزّة إلى حرب بيبي



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon